بعد طول انتظار وترقب دام حوالي ثلاثة أشهر تم تشكيل الحكومة المصرية الجديدة كخطوة أولى نحو تنفيذ البرنامج الانتخابي للرئيس حسني مبارك. ومن المعروف أن الحكومة برئاسة نظيف الذي أعيد تكليفه للمرة الثانية كانت قد استقالت عقب أداء الرئيس مبارك اليمين الدستورية كرئيس منتخب للبلاد سبتمبر الماضي غير أن الرئيس كلف الحكومة بالاستمرار في إدارة شؤون البلاد لحين الانتهاء من الانتخابات البرلمانية التي جرت على ثلاث مراحل خلال شهر نوفمبر وديسمبر وبعد تشكيل البرلمان الجديد أصدر مبارك قراراً جمهورياً بتعيين وزارة جديدة ولكنها غير شاملة، حيث لم يخرج من الوزارة المستقيلة سوى أحد عشر وزيراً ودخل ثمانية وزراء جدد فقط بعد دمج وإلغاء ثلاث وزرات كانت قائمة في الماضي. وقال مبارك في خطاب تكليف الحكومة الجديدة إن مصر مقبلة على مرحلة جديدة تستكمل ما حققناه خلال السنوات الماضية من الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي وتضيف لما تحقق من إنجازات على طريق التنمية الشاملة والمتكاملة على نحو يتجاوب مع طموحات الشعب ويتعامل مع مشكلات المواطنين وتطلعاتهم وخاصة الفئات غير القادرة من محدودي الدخل ويحفظ المصالح العليا للوطن ومصالح أبنائه. وأضاف مبارك (قد طرحت في برنامجي للانتخابات الرئاسية رؤية واضحة المعالم وأهداف المرحلة المهمة المقبلة كما أكدت في كلمتي في افتتاح الدورة البرلمانية والفصل التشريعي الحالي تمسكي بالعمل مع مجالسنا النيابية من أجل تنفيذ هذا البرنامج على كافة محاوره. وأكد الرئيس المصري أن هذه الرؤية ترتكز على مواصلة الإصلاح الديمقراطي وترسيخ دولة المؤسسات القائمة على احترام الدستور والقانون وحماية حقوق المواطنين وحرياتهم الأساسية وتعزيز استقلال القضاء، كما تتأسس هذه الرؤية على مواصلة الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي بما يحقق الارتقاء بمستوى معيشة كل أسرة مصرية وجاءت إعادة تكليف نظيف مرة ثانية مفاجأة لكثير من المراقبين، حيث كان من المتوقع أن يشكِّل الحكومة الجديدة شخص آخر غير أن الرئيس مبارك جدد الثقة فيه وكلفه بتشكيل الوزارة، وكان نظيف قبل تعيينه رئيساً للوزراء في يوليو 2004 (53 عاماً) منذ عام 1999 وزيراً للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في حكومة سلفه عاطف عبيد، واعتبر وقتها أصغر وزير في الحكومة. وهو خريج كلية الهندسة جامعة القاهرة عام 1973 وحصل على ماجستير في الهندسة الكهربائية والدكتوراه في تكنولوجيا المعلومات من جامعة ماك جيل بكندا. وعمل أستاذاً في الهندسة بجامعة القاهرة، كما اشتغل مديراً تنفيذياً في مكتب وزير الإعلام. وهو متزوج وأب لولدين. وتبنى منذ انضمامه إلى الحكومة تحديث البنية التحتية للاتصالات بمصر لمواكبة العصر كشفت الصورة النهائية للتغيير الوزاري، عن تراجع كبير الحرس القديم بالحزب الوطني الحاكم، حيث خرج كل من كمال الشاذلي وممدوح البلتاجي ومحمد إبراهيم سليمان وأحمد العماوي، بينما حافظ وزراء لجنة السياسات على حقائبهم، وانضم إليهم محمد منصور رجل الأعمال الشهير وأحد أقطاب الغرفة التجارية الأمريكية بعد توليه وزارة النقل ونبيل الجابري مدير مستشفى دار الفؤاد وزيراً للصحة وعلي مصيلحي وزيراً للتأمينات الاجتماعية، أما المهندس محمد رشيد وزير الصناعة فقد عزز من نفوذه بعد ضم حقيبة التموين والتجارة الداخلي إلى حقيبة الصناعة. ولم يتضمن التغيير أي مفاجآت كبيرة، ربما باستثناء خروج وزير الصحة عوض تاج الدين، رغم التأكيدات ببقائه في الوزارة لعلاقته الوثيقة بالقيادة السياسية، كما شكل بقاء وزير الخارجية أحمد أبو الغيط مفاجأة للكثيرين. وجاء خروج الوزير المخضرم كمال الشاذلي وزير شؤون مجلس الشعب من التشكيل الوزاري فيما يبدو كاستجابة لتصاعد المطالب الشعبية بخروج الوزراء المعمرين من الوزارة، كما أن خروج وزير الإسكان والتعمير محمد إبراهيم سليمان جاء بعد توالي قضايا الفساد التي أطاحت بالعديد من المقربين منه داخل الوزارة. وخرج من الوزارة كذلك، الدكتور ممدوح البلتاجي وزير الشباب، الذي تعرض لأكثر من أزمة صحية في الفترة الأخيرة، تطلبت إحداها نقله للعلاج في فرنسا، وإثر ذلك تم نقله من وزارة الإعلام ليتولّى حقيبة الشباب والرياضة، كما جاء خروج المهندس أحمد الليثي وزير الزراعة تماشياً مع التوقعات التي أشارت إلى أن القيادة السياسية أبدت امتعاضاً شديداً من الهجوم الذي شنه الليثي على سلفه يوسف والي أما خروج كل من أحمد العماوي وزير القوى العاملة والدكتورة أمينة الجندي وزيرة التأمينات الاجتماعية والدكتور حسن خضر وزير التموين والتجارة الداخلية، بعد ضم وزارته لوزارة الصناعة، وأحمد درويش، بعد ضم التنمية الإدارية إلى وزارة التخطيط، وعصام شرف وزير النقل وعبد الرحيم شحاتة وزير التنمية المحلية وعمرو سلامة وزير التعليم العالي، فإنه يندرج ضمن التغييرات المعتادة، التي تشهدها تلك الوزارات والتي توصف بوزارات الظل، والتي تهدف في الأساس إلى رفع نسبة التغيير عند أي تغيير وزاري وقد شهدت التشكيلة الوزارية الجديدة انتقال المهندس أحمد المغربي وزيراً للإسكان وتعيين الدكتور علي مصيلحي وزيراً للتأمينات الاجتماعية وعائشة عبد الهادي وزيرة للقوى العاملة والدكتور حاتم الجابري وزيراً للصحة والمهندس أيمن أباظة وزيراً للزراعة والدكتور هاني هلال وزيراً للتعليم العالي وزهير جرانه وزيراً للسياحة. وفي المقابل، حافظ العديد من الوزراء على حقائبهم الوزارية، وهم المهندس رشيد محمد رشيد وزير الصناعة، والذي أضيفت إليه وزارة التجارة الخارجية بعد دمج الوزارتين معاً، وأحمد أبو الغيط وزير الخارجية وفاروق حسني وزير الثقافة ومحمود أبو زيد وزير المواد المائية وحبيب العادلي وزير الداخلية وأحمد شفيق وزير الطيران وعثمان محمد عثمان وزير التخطيط ونجوى أبو النجا وزيرة التعاون الدولي ويوسف بطرس غالي وزير المالية وحسن يونس وزير الكهرباء ومحمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف ود. طارق كامل وزير الاتصالات وأنس الفقي وزير الإعلام والمهندس سامح فهي وزير البترول ود. سيد مشعل وزير الدولة للإنتاج الحربي وماجد جورج وزير البيئة والمستشار محمود أبو الليل وزير العدل.