الخدمات الصحية بالمملكة شأنها شأن سائر دول العالم، تواجه تحديات كثيرة في ظل الارتفاع المستمر في تكاليف هذه الخدمات والزيادة المتصاعدة في حجم الطلب عليها كنتاج طبيعي لازدياد النمو السكاني وارتفاع متوسط عمر الفرد وتغيُّر نمط الحياة، إضافة إلى تغيُّر أنماط الأمراض، حيث أصبحت الأمراض غير المعدية هي السائدة كأمراض القلب والضغط والسكري.. وغيرها من الأمراض ذات الكلفة العالية.. ورغم ذلك وتنفيذاً لتوجيهات الحكومة الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله - النابعة من الحرص على هذا الوطن وصحة المواطنين، تواصل وزارة الصحة دورها البارز في توفير هذه الخدمات لكافة الفئات وفي مختلف المناطق وبأفضل مستوى متقدم. واليوم تشهد عاصمة مملكة الإنسانية حدثاً طبياً غير عادي برعاية صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض وبحضور معالي وزير الصحة الدكتور حمد بن عبد الله المانع، هو افتتاح (مركز الأمير سلمان لأمراض وجراحة القلب) بمدينة الملك فهد الطبية، وذلك امتداداً لعناية ورعاية سمو أمير الرياض الكريمة لكافة الخدمات الصحية بالعاصمة، حيث كان سموه الكريم قد تفضَّل بوضع حجر الأساس لهذا المركز الذي صار اليوم صرحاً طبياً مميزاً يُضاف إلى منجزاتنا الحضارية في المجال الصحي.. فمن المستهدف بإذن الله تعالى أن يقدِّم المركز خدماته المتخصصة لعشرات المئات من مرضى القلب سنوياً ومن مختلف مناطق المملكة، وذلك من خلال إمكانية إجراء ما يزيد عن 1500 جراحة قلب مفتوح كل عام، وإجراء نحو 3 آلاف عملية قسطرة سنوياً، بالإضافة إلى ما يوفِّره من علاج وتشخيص أمراض القلب في مختلف المجالات في ظل ما يتوفر بالمركز من تجهيزات ومعدات طبية حديثة ومتطورة لعلاج الاضطرابات الكهربائية وعمليات زرع أجهزة ضبط ضربات القلب وغيرها من أمراض القلب وذلك على مدار 24 ساعة. ولا شك أن المركز سيشكِّل نقلة نوعية في منظومة الخدمات الصحية التي تقدمها وزارة الصحة، وسيفي بحاجة ماسَّة لاحتياجات ضرورية لمرضى القلب.. وفي هذا الإطار يُعد المركز نموذجاً لحرص الدولة على رفع المستوى الصحي للمواطنين، وذلك من خلال تقديم خدمة ذات نوعية متخصصة وبكفاءة وجودة تضاهي مثيلاتها في الدول المتقدمة.. وحقيقة الأمر أن ذلك ليس بمستغرب على حكومتنا الرشيدة في ظل عنايتها باستحواذ الصحة على نصيب كبير من موازنة الدولة، وقد بلغت هذا العام على سبيل المثال نحو 20 مليار ريال. إن (مركز الأمير سلمان لأمراض وجراحة القلب) اليوم ينضم إلى صروح مدينة الملك فهد الطبية بالرياض، لتظل مثلما بدأت أكبر المدن الطبية المتخصصة والمرجعية في الشرق الأوسط، فهي أبرز منشآت المملكة التي توفر الخدمات الصحية المتقدمة لكافة الحالات المرضية وفقاً لأعلى المقاييس العالمية، بالإضافة إلى دورها في إجراء الدراسات والبحوث العلمية والطبية خصوصاً في مجال الأمراض المستعصية وإعداد وتنظيم الدورات التعليمية والتدريبية الطبية من أجل تأهيل الكفاءات الوطنية من الأطباء وهيئات التمريض والفنيين والموظفين للقيام بمسؤولياتهم الوطنية في كافة مرافقنا الصحية. وتُعد مناسبة افتتاح المركز اليوم لها أكثر من دلالة وأكثر من معنى في مسيرة الخدمات الصحية بالمملكة، حيث تعكس تلك المناسبة الإستراتيجية الصحية التي تتبعها وزارة الصحة، وهي العمل على التوسع في الخدمات الصحية لتشمل كافة المناطق وكل الفئات، والاستمرار في تطوير وتحديث الخدمات التي تقدمها عبر كل مرافقها الصحية، كما تؤكد هذه المناسبة مدى التطور الصحي والعلمي الذي تشهده بلادنا في المجال الصحي، وذلك بالحرص على وفرة الخدمات وجودتها.. ولهذا فهنيئاً لعاصمة مملكة الإنسانية بخدمة كل مواطني المملكة.. وهنيئاً لنا بصروحنا الصحية الشامخة.