بعض الناس عندما يشاهدون عملاً خارقاً للعادة يقولون عن صاحبه من فرط إعجابهم بما يقدمه (مهبول)!وإذا اجتمع حب وميانة مع الاعجاب يقولون عنه (خبل)!ويوسف الثنيان فلتة كرة القدم السعودية الذي تودعه الملاعب الأربعاء القادم بأسف بالغ على غياب صانع المتعة الكروية التي كان يقدمها بلا حدود هو واحد من (مهابيل الكورة) الذين يعدون على الأصابع في العالم!وأتوقع شخصياً أن يشهد استاد الملك فهد حضوراً جماهيرياً يعيد ذكرى مباراة الهلال والترجي في البطولة العربية التي خرج منها النصر المضيف وترك للهلال مهمة التشريف على اعتبار ان مباراة الاعتزال هي آخر ظهور للفنان الثنيان الذي فيما يبدو انه جاهز لتقديم فواصل مهارية يودع بها عشاق الأداء الممتع الراقي. في الملعب الثنيان أمتع! وتوقعي الشخصي بحضور جماهيري كبير لمباراة الاربعاء ينطلق من القناعة بأن متابعة مباراة فيها الفنان الثنيان عبر الشاشة لا تحقق متعة كروية كاملة الدسم فالكاميرا تعجز عن متابعة تحركاته في الملعب لأنه يأتي بما لا يتوقعه مخرج المباراة من المهارة والفن الكروي، فالثنيان غير ولا يمكن لمخرج المباراة ان يتابعه بنفس الطريقة الكلاسيكية التي يتبعها مع غيره من اللاعبين فالمخرج مثلا يركز أحيانا في الكرات العرضية العالية على رأس المهاجم لأنه يدرك أن ضرب الكرة بالرأس هو المهارة الوحيدة التي يعتمد عليها هذا المهاجم وفي الكرات العكسية الأرضية تكون الكاميرا بين أقدام المهاجم حيث يتوقع المخرج من واقع خبرته في كيفية أداء بعض المهاجمين وحظوظهم القوية ان ترتطم الكرة بساق المهاجم وتتهادى داخل الشباك! قصته مع الجبل النصراوي! لكن الثنيان لا تنفع معه مثل هذه المتابعة التلفزيونية فهو يأتي بما لا يخطر على بال المخرجين والمنافسين والمشاهدين فالمهارة حاضرة والدهاء الكروي في قمته عند الثنيان والنماذج أكثر من أن تعد لكن النموذج الذي لا تزال الذاكرة تحتفظ بشريطه هو تلك الضربة الحرة التي وقف لتنفيذها أشرف قاسم وقبل أن يلعب الكرة جاءه الثنيان من بعيد وهمس في أذنه ثم ابتعد عنه مسافة خمسة أمتار ليتلقى تمريرة أشرف ويرسلها داخل الشباك النصراوية والمتعة ليست هنا بل هي في حائط الصد النصراوي الذي كان مؤلفاً من خمسة لاعبين اهتزت شباك مرماهم من كرة الثنيان وهم ثابتون على صفتهم في الحيطة يرددون يا جبل ما يهزك ريح!والمخرج التلفزيوني يومها كان واقفاً مع النصراويين في الحيطة حيث لم يستوعب خدعة الثنيان الماكرة فالكرة في الشباك بينما الكاميرا على الحيطة المتماسكة!وعند الثنيان اجتمع الذكاء مع الموهبة فصنع العجب العجاب وكان يستبد عندما يواجه ظهيرا عبيطا يفتقد المهارة وينقصه الذكاء فيجعله عبرة لمحاربي المتعة الكروية!وعندما تحول لصناعة اللعب وسط الميدان صار المهاجمون يسعون لكسب وده لأن الهدف مع تمريرة الثنيان يكون اسهل من شرب الماء! لا مقارنة مع الفلتة! ومباراة الأربعاء ستكون آخر زيارة للأستاذ دكتور الملاعب يوسف الثنيان فيها سنودع الفيلسوف الكروي الذي جعل لكرة القدم في ملاعبنا مذاقاً خاصاً ووحّد جماهيرنا الرياضية فهو النجم الذي اتفق الجميع على نجوميته وموهبته الفذة وصار بلا منازع أو منافس (لاعب كل الجماهير)!والطريف انه رغم التنافس الهلالي النصراوي ورغم كل العروض المسرحية التي كان يقدمها الثنيان على خشبة الدفاع النصراوي إلا أنه كان قريباً جداً من قلوب النصراويين بأدائه الممتع وحياديته في كثير من مباريات الفريقين التي كان فيها النصراويون يشغلونه بالتسلي بظهيرهم الأيسر في مقابل تقليص فعاليته في دعم القوة الهجومية لفريقه خاصة عندما كان في بداياته يؤدي على طريقة ما يطلبه جمهور الدرجة الثانية!والثنيان ظاهرة كروية غير عادية فقد حقق كل هذه الشعبية ونال الأفضلية وهو (يمزح) ولم يجرؤ أحد على أن يضعه في مقارنة مع غيره!وظاهرة الثنيان الكروية كان لها أكثر من عنوان فعلاوة على الإمكانات الفنية التي لا تجدها عند غيره من اللاعبين هو صاحب نظرية (ابتسم فائزاً أو مهزوماً) حيث لا خاسر في المباريات التي يلعبها الثنيان فمن يخسر النتيجة يخرج مبتسماً فقد كسب مشاهدة الثنيان بكل ما فيه من مقومات المتعة الكروية ومواقفه الطريفة مع ضحايا مهاراته العالية!المأخذ الوحيد على الثنيان هو انه جعلنا ندمن المتعة الكروية ثم تركنا لاقدام غالبيتها تركل الكرة بلا فكر ولا هدف! والمأخذ الوحيد على كرة القدم السعودية أنها تأخرت في الاحتراف إلى ما بعد مرحلة الثنيان وحرمته من تسجيل اسمه كصاحب اعلى صفقة في تاريخ الكرة العربية! تأجيل الشريط! لم أفهم سبب توزيع شريط الثنيان دون تضمينه أحداث مباراة الاعتزال وكان يفترض اكمال مسيرة اللاعب وطرح الشريط في الأسواق السبت القادم لأنه ليس شرطاً توزيعه يوم الاعتزال والشريط ليس محكوماً بتوقيت معيّن فصلاحيته طويلة الأجل بفعل ما فيه من سحر كروي يمكن ان تشاهده مدى الحياة!بالمناسبة شريط الثنيان هو المؤهل فقط لنيل لقب خليفة الثنيان في الملاعب! التذاكر رخيصة! البعض تحدث عن غلاء سعر التذكرة (30) ريالا مع أن السعر مثالي في مثل هذه المناسبات ثم أن الهدف هو تكريم نجم الحفل الذي وفّر على الجماهير مبالغ كبيرة خلال مشواره الرياضي فقد جعل المتعة الكروية تلعب بينهم وعلى أرضهم بدلاً من أن يبحثوا عنها خارج الحدود أو عبر القنوات المشفّرة!ومباراة يجتمع فيها الهلال والثنيان وفالنسيا لا يفترض أن نستكثر ثلاثين ريالاً في مشاهدتها فهي من المباريات النادرة التي تجمع ما لذ وطاب من فنون كرة القدم! مباراة دون مجاملات! جميل جداً أن يؤكد يوسف الثنيان عدم مشاركة لاعبين من خارج الفريق الهلالي في مباراة اعتزاله حفاظا على مستوى المباراة واثارتها فهو يريد مباراة وداعية تاريخية تحفظ ذكرى يوم اعتزاله وتفيد الهلال فنياً فالمواجهة مع فالنسيا ستكون قوية لا تحتمل المجاملات التي عادة ما تسمح بمشاركة أكبر عدد من اللاعبين في شوطي المباراة أو تعيد ظهور بعض اللاعبين القدامى من باب المشاركة في تكريم اللاعب المعتزل وهذا ما يجعلنا نتوقع مشاهدة مباراة يستمتع بها الجمهور الرياضي تكون بمستوى حفل اعتزال نجم في تألق وشهرة وموهبة يوسف الثنيان. تحية خاصة تحية للهلالي المخلص الأمير عبدالله بن مساعد لحرصه على إقامة مباراة اعتزال الثنيان ومتابعته لخطوات الإعداد لها وتنفيذها وتمويلها مالياً وتحية لعادل البطي العقلية الرياضية الواعية الذي وفّر للمباراة كل مقومات النجاح التنظيمية والفنية وتحية للادارة الهلالية التي أكدت أن الهلال لكل الهلاليين ولم تعرقل حفل الاعتزال بشروط او رغبات شخصية تعطل تنفيذه وتجعله مجرد وعد! وسّع صدرك مع الثنيان! ** الثنيان إلى جانب موهبته الكروية هو صاحب نكتة وفي شبكة الهلال قرأت عددا من المواقف الطريفة في حياة الثنيان الرياضية منها اللقاء التلفزيوني الذي جمع بينه وماجد عبدالله عقب احدى المباريات التي فاز فيها المنتخب فقد سأل المذيع ماجد لمن تهدي الفوز قال لأمي ثم سأل الثنيان وأنت لمن تهديه قال لأم ماجد! ** وضمن البطولة الآسيوية لعب الثنيان في دولة عربية على ملعب سيئ وسألوه عن الملعب قال: أول مرة أشوف ملعب مزروع نعناع! ** سألوا الثنيان عن لاعب (غير هلالي) مشهور قال: كنا في الحواري نلعب 33 ونخليه احتياط! ** طلب منه خليل الزياني ايام تدريبه للهلال ان يحضر للتدريب صباحاً قال: ما تركنا الدراسة يا بو ابراهيم إلا بسبب قومة الصبح! كيف الحال؟! ** الأربعاء القادم الثنيان موجود والهلال موجود وفالنسيا ضيف الشرف والمتعة الكروية حاضرة في كامل زينتها فهيّا بنا إلى الملعب لنشارك في تكريم النجم الفلتة الذي لم يبخل علينا وقدّم لنا كل فنون كرة القدم الحديثة!