من سمة الرجل العظيم أنه كلما ازداد اتساعاً في العلم أو المال أو الجاه ازداد تواضعاً ورحمة بغيره، ولأن الرقي هو التواضع فإن (من تواضع لله رفعه)، ويكفي أن أول من أصيب بالغرور والتطاول والشهادة بحق النفس وتزكيتها إبليس لعنه الله حينما أمره الله أن يسجد لآدم عليه السلام فقال: {أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ}. وحينما أفر إلى واحة الأمس من هجير اليوم أجد لنفسي العذر بل كل العذر وذاكرتي تختزل الرائع من الشعر للرائعين من الشعراء ليس بدءاً بشاعر الحكمة والرصانة (زهير بن أبي سلمى) ولا انتهاء بشعرائنا الذين تركوا لنا إرثاً شعبياً نقول ونحن نتباهى بأن هؤلاء هم من فتحوا الطريق للشعر. فشاعر الحكمة الذي أبدع وأطرب وأخلص للأخلاق بديوي الوقداني وهو الذي سطر ملاحم التميز قائلاً: انفكت السبحة وضاع الخرز ضاع وبغيت ألمّه يا سليمان وازريت صار الذهب قصدير والورد نعناع انكرت ريحه مختلف يوم شميت امسيت اكيل الراي بالمد والصاع قست الأمور وعفت لمّا توريت أنا مريبٍ من زماني ومطواع ربتني الأيام حتى تربيت لم نعلم أنه طلب من المحرر الفلاني أن يكتب عنه ولو كذباً وزوراً وإن لم يكن بما يشيد بشاعريته فيكفي أن يذكر والعياذ بالله ولو بما يشين. أو أنه إن لم يجد من يكبت عنه دبج عن نفسه المقالات بأسماء وهمية ودافع بأسماء أخرى وأقام مع نفسه معارك وهمية هو البطل في نهايتها والذي يشهد له في نهاية المطاف القراء الذين هم من بنات أفكاره أيضاً إنه أكبر من تطاله يد عابثة بالتجريح. كما أن القائل: من عزت الدنيا قريبٍ تذلّه ولو كان عزّه بالثريا مناصبه فلا عزيز إلا من الله عزه ومن لا يعزّ الله لو طال زال به وكم خليلٍ قد خلت منه داره وكم صاحبٍ صاحب أهاليه نادبه راشد الخلاوي الذي يذكر أنه لم يكذب لم تفرد له الجرائد والمجلات صفحاتها حين يقيم أمسيات هنا وهناك مرة بمناسبة أسبوع البطيخ ومرة بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الناموس ومرة بمناسبة (اليوبيل) الذهبي ثم الفضي ثم النحاسي لسرعة سلق البيض أو الشعر!!! مع أن كل تلك الأمسيات كانت زائفة الشعر والشاعر والجمهور ومعدة مسبقاً من قبله هو. وان صاحب أشهر قصائد (القهوة) ومن يقول: يوم يبعث كل ذي عظم رميم في صعيد للحساب وللخصام كيف من ييقن بهذا يا غشيم يغلي الدنيا ويرضى بالحطام يا إلهي خذ بيد قلب سليم عن عذابك يوم للخلق ازدحام وهو الشاعر محمد العبدالله القاضي لا يمكن لأحد أن يدعي أنه ليس بشاعر وإنما قصائده مجرد إعادة صياغة لقصائد شعراء آخرين كانت منشورة قبل أسبوع أو شهر في مطبوعة أو كتاب ما وأنه غيّر بحرها وبعض قوافيها وقدم وأخر فيها وادعاها لنفسه. ولم تذكر لنا روايات الأجداد أن بركات الشريف الذي أتحفنا بالنقي من الشعر هرج النميمة والقفا لا يجي فيك وإياك عرض الغافل إياي وإياك واحذر شماتة صاحب لك مصافيك اليا جرى لك جاري قال لولاك ولا تحسب ان الله قطوعٍ يخليك ولا تفرح ان الله على الخلق بداك لا يوافق أن يسافر مع أحد أصدقائه قبل أن يشترط عليه أن يذهب إلى استعلامات المطار الذي يتواجد به ويطلب من الموظف المكلف بالإعلان عن الرحلات أن ينادي باسمه ليعلم الناس أن بركات متواجد هنا. كما لم نعلم أن تركي بن حميد الذي يقول: يما حلا يا عبيد في وقت الأسفار جر الفراش وشب ضو المنارة مع دلة تجذا على صالي النار ونجرٍ اليا حرك تزايد عبارة واخير منها ركعتين بالأسحار لا طاب نوم اللي حياته خسارة يطلب من بعض أصدقائه أن يتجمهروا حوله حينما يدخل بعض الأسواق ب(كاميرات) جوالاتهم ليتشرفوا بالتصوير معه. كما أن صاحب: لا بد للعسر المنوخ مياسير ولا بد ما تقفى النذارة بشارة العبد ماله عن حتوف المقادير واللي كتب لو هو بصندوق زاره عبدالله بن ربيعة بعث إلى إحدى المطبوعات بإحدى قصائده باسم غير اسمه واتصل بعدها بالمطبوعة مهدداً ومتوعداً لأنه تعرض لعملية سطو فجة وفي وضح النهار وأوعز إلى بعض مريديه بالاتصال والاحتجاج وأن المطبوعة اكتشفت أنه هو من قام بذلك ومن باب الستر أغفلت الموضوع واكتفت فقط بوضعه على قائمة (مرضى الأضواء). أما الرائع إبداعاً كعادته في مثل قوله: اصحى لخلان الرخا لو تغالوك اعرف ترى اطيبهم الى احتجت يجفاك كنك خوي (مقيط) دهووك واغووك وحقك عطاك ارشاك واقفى وخلاك واحذر عن العيلة ترى الحق مدروك مثل العمل يدركك ما منه فكاك واحلم على الجاهل ترى الحق مبروك وقم للضعيف اللي من الضيم ينخاك سليمان بن شريم فلم يتهم يوماً أنه أزعج أحد مقدمي البرامج التلفزيونية ووسط لديه من يعرف ومن لا يعرف ليجري معه لقاءً كتب هو أسئلته وأوعز لأكثر من صحفي بالتنويه عنه ليتسنى لعشاق الشعر المميز ألا يفوتهم لقاء منجم الدرر وكلف من يقوم أثناء بثه من بعض الأصدقاء بالمداخلات والثناء الممجوج بما ليس به خلقاً أو شعراً. ومن يتابع بعض الأسماء التي تملأ سماء الشعر اليوم ويصادف من يعرفهم عن قرب ويتفحص قصائدهم بدقة يجد أن ما أوردناه على سبيل التندر واقع تماماً ويقع ما هو أشد منه سخرية وفكاهة (شر البلية ما يضحك) مما يجعل الباحث عن الجمال شعراً وخلقاً وتصرفاً وحكمة لا يضفر على بغيته إلا بشق الأنفس وهذه طبيعة الندرة التي لا تتيسر وقت ما نشاء. وقفة.. لمحمد بن فهيد: لا والله الا دوبحن الليالي واقفن بشيمات العرب والمرواه اقفن ولا خلن للاجواد تالي الا ذنانة واحدٍ وين ابلقاه [email protected]