منذ الحواري القديمة والطرقات الضيقة، منذ أعمدة الكهرباء الشاهقة وتجمعات الأطفال البريئة أسفلها، منذ كانت أحضان بيوت الطين تحتوينا وأعتاب الأزقة تشهد جلساتنا وأنس حكاياتنا، منذ كانت أيادينا الصغيرة تعبث بكتل الطين عقب الأمطار ونحن نشكلها كيفما نتخيل، ومن وقت إلى آخر نسرق أيادينا من نظرات أقراننا لنشتمّ رائحته ب (يا سلام)، ولا ندرك أنه (عبق الأصالة)، ما أزكى رائحته. ومذ كانت نخيل مزارعنا تشاركنا النمو حتى تكبر ونكبر، وترتفع هي وتنمو حتى يستحيل علينا أن نتابعها اللحاق، مذ كانت وكانت وكانت.. ونحن نشدو عنيزةباريس نجد حفراً على جدراننا المشبعة بكد الآباء والأجداد وذكرياتنا السعيدة ورسوماتنا العشوائية البريئة على كثبان الرمال التي تشهد لعبنا وضحكاتنا وأهازيجنا الجميلة.. لن أطيل حتى لا تسرقني الذكريات القديمة فأحن اليها.. وأبكي شوقا إليها (ليتها تعود). نعم كنت وما زلت يا عنيزة فخرنا وعزنا، وكبرنا على هذا الفخر وتلك الرؤية الغيورة على حب عنيزة، كبرنا وعملنا بخيرها بعد الله، كبرنا وحفظنا جميلها فوق ترابها، كبرنا وعلمنا أبناءنا وبناتنا وغرسنا فيهم مفاهيم دينية تربوية أخلاقية حفرت أمام أنظارهم (النظافة من الإيمان.. حافظي على نظافة مدينتك.. ألقي النفايات في مكانها.. إلخ)، إلى يومنا هذا وكل فرد فيها قد اعتنى بتلك الألفاظ بل تلك المبادئ فهي مبادئ الصدق والوفاء لحب الوطن. الحملة التوعوية للنظافة الوقائية تلك الحملة حينما هاتفتني مسؤولة العلاقات العامة في بلدية محافظة عنيزة عن تلك البادرة انتشى كل ما فيّ من أجلك عنيزة وطفت عوداً للماضي شيئاً منه، فتذكرت أسبوع النظافة في ذلك الوقت كل أهل عنيزة جنود مجندة للمساهمة في أسبوع النظافة كما هي الحال في الأسابيع الأخرى تحت إشراف بلدية مدينة عنيزة. طلبة المدارس يرتدون الزي الرياضي إضافة إلى المشرفين ونخبة من المعلمين يحملون معهم مستلزمات التنظيف وتقسم المدينة بحسب الحواري والشوارع والطرقات للمساهمة مع البلدية والمسؤولين فيها لتبدأ الحملة حيث تحرص البلدية على تنظيم حملة خاصة لرش المبيدات في أنحاء المدينة؛ للقضاء على الجراثيم والأوبئة وغيرها، ويبدأ العمل الجاد والكل نشط وروح الوفاء والحب تدفعه لأن يتقن عمله، نعم أن يتقن عمله، لقد أهداهم المعلم في يوم ما همساً أعاده مراراً على مسامعهم: (قال - صلى الله عليه وسلم -: (إذا عمل أحدكم عملاً فليتقنه). نعم لك الله أيها الأستاذ المعلم؛ فلكم احترمك وأبجلك! حتى الطالبات في المدارس لهن نصيب من ذلك؛ فإدارة المدرسة تحت إشراف نخبة من المعلمات تخصص شيئاً من اليوم الدراسي أو يوماً من الأسبوع بحسب حاجة المدرسة لتسهم المجموعة في نظافة الفصول والممرات والساحة، حتى المستخدمات والمستخدمين لهم نصيب من ذلك، والممتع فيه أن الكل سعيد بما يعمل ويقدم ولو لم يكن في الصورة، وهكذا أسبوع النظافة فكل عام دراسي في وقته المحدد إلى أن أصبحت هذه الأسابيع شيئاً أساسياً يراعى كل يوم في كل منشأة وفي كل حي وفي كل بيت.. (الممتع في ذلك أن طالباتنا الغاليات يقمن دورياً حتى الآن وبحسب تنظيم مسبق بتنظيف فناء المدرسة بعد كل فسحة تحت إشراف لجنة من قبل طالبات رغبن بذلك الدور القيادي فلهن الشكر والثناء). إذن لسنا في حاجة إلى المزيد من الأحاديث ونحن نقوم به كل يوم ودون رقيب والفضل في ذلك لله ثم المسؤول عن تنظيم تلك الأسابيع في بلدية محافظة عنيزة والشكر الخاص لإدارات التعليم ومنسوبيها لتولية هذا الأمر الأهمية القصوى والتأكيد على منسوبي ومنسوبات المدارس المحافظة عليه. الشوارع والطرقات والأرصفة والمحال التجارية والمباني المتألقة وقلة الأوبئة والأمراض.. كل ما يصادفنا فيها هو الدليل الأمثل والبرهان الأصدق على أن وراء ذلك مؤسسة عظيمة تعتمد على خطط وأهداف مسبقة مدروسة تنشد النجاح والتقدم والازدهار لمحافظتها بشتى السبل على فيحائها الغناء. أعنيزة الخضراء ألف تحية فاحت بها من أرضنا الأزهار لكأنها بين الخمائل ظبية بجمالها تتحيّر الأفكار يحلو المقام بأرضها وربوعها ويطيب فيها الليل يا سمّار كل الشكر بل كل التقدير لك أيتها البلدية المحترمة؛ فنحن ندرك أن ما تقومين به من حملة توعوية وقائية هو تشجيع لأبنائك على نظافتهم ومحافظتهم على عنيزتهم؛ لتبقى الأجمل دائماً بين كل المحافظات. من أجل نجدية نعشق عنيزةباريساً ولأجل نجدية نزف عنيزة عروساً نعم أيتها البلدية.. نعم يا كل مسؤول بها.. نعم يا كل فرد فيها يحق لنا أن نزف عنيزة عروساً وندرك كل الإدراك أنكم تشتاقون إلى أن تروها عروساً كل عام ونحن على أتم استعداد لأن نزينها بكل ما نستطيع وفوق ما نستطيع.