تابعت ما سطره أنامل الأستاذ عبدالرحمن بن محمد السدحان في صحيفة الجزيرة المفضلة في (مقالات) تحت عنوان: (نظافة القلوب) أولاً وأخيراً! يوم الاثنين 21 من رمضان 1426ه عدد 12079 ففي البداية أشكر الكاتب من أعماق قلبي وصادق أحاسيسي على اطلالته الرائعة والمميزة والنيرة، حيث أتحفني أولاً ثم أتحف جميع كل قلب مسلم لديه غيرة على إخوانه وأحبابه من نظافة القلوب.. وأتطرق لبعض ما استفتح به الأستاذ عبدالرحمن إذ يقول: (ليتنا معشر البشر في هذه الأرض وغيرها نهتم بنظافة قلوبنا من الغل وأفئدتنا من الغش وألسنتنا من غوغائية الكلام قدر اهتمامنا بنظافة أجسادنا وملابسنا ومنازلنا).. بدأ الكاتب بنقطة تهم شريحة ليست باليسيرة في مجتمعنا المسلم إذ تطرق لموضوع أصبح عند بعض من إخواننا معزولاً عنهم تماماً وأخشى أنه ذهب أدراج الرياح العاتية والمتلاطمة بلا عودة، وأسأل الله أن يثبت البعض منهم على صفاء القلوب من كل منغص ومكدر صفوى هذه الحياة الجميلة ألا وهو نظافة ما بداخل الإنسان المسلم هذه العضلة الصغيرة بحجمها الكبيرة بما تؤديه من خصال طيبة إذ خلصت بكل ما يشوب القلوب من مضار ومهالك، فبنقاوة القلب يصبح المسلم قوياً بالله متمسكاً به وبما أملى عليه دينه قال صلى الله عليه وسلم (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب)، فخلو قلب المسلم من الأحقاد والغيبة والحسد ينام قرير العين مرتاح البال والخاطر.. ففي الآونة الأخيرة لوحظ عند بعض الناس تفشي ظاهرة الغيبة إذ خطرها عظيم دنيا وآخرة، قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ}.. وقال تعالى: {هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ} الآية، فالغيبة والحقد والحسد داخلة تحت منغصات القلوب فإذا نجا منها الإنسان حاز على صفاء القلب فسوداد القلب تصبح نتيجة سلبية ومعكوسة عليه منها كثرة الذنوب وعدم ارتياح الجسم دائماً يعيش في دوامة الهم والغم وعدم انشراح الصدر ومكدر الخاطر، والحاسد لا يهنأ له بال يريد أن يرى الناس بجميعهم يعيشون في أبسط الأحوال ومتناحرين وفي ضنك ولعواء وعندما يرزق أخيه بأي شيء وهبه الله له تأتي الحاسد حكة في جسمه يمتطي يمنة ويسرة ولا يهدأ إلا بزوال هذه النعمة نعوذ بالله من هذا الصنف من بعض البشر فأوصيك يا أخي الحاسد بتقوى الله والخشية من عقابه في الدنيا، أتريد أن تفقد أحد أبنائك أم تأتيك نزلة مرضية مرتبطة بجسمك دائماً دون مفارقة كالإعاقة ومرض الضغط والسكري والتقليل من الرزق وغيرها حمانا الله من جميع الأمراض.. ثم هؤلاء الذين يأكلون من لحوم البشر بذكر أقوال غير لائقة ويفتاتون على الناس ماذا يريدون بلا شك يريدون إثارة البلبلة والإشاعة والفتنة قال تعالى {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ} فبانصراف زميل لهم يكيلون عليه بسهام الغيبة والنميمة اتق الله يا أخي المسلم أتريد أن تعذب في قبرك وفي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم مر على قبرين فقال (إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما كان يمشي بالنميمة وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله) أو كما قال صلى الله عليه وسلم فأوصي في من وقع في شباك الغيبة والنميمة أن يتقي الله في نفسه فهي خطر عظيم ومحدق تسرب بين أفراد المجتمع المسلم فبودي أن أعود بكم إلى ظاهرة الحسد فبعض من إخواننا يقول انظر إلى فلان من أين له بهذه الفيلا أين حصل على هذه الأموال الطائلة. والبعض الآخر يقول هل رأيت فلاناً يملك سيارة فارهة. وهناك أشخاص عندما يغضب على أخيه المسلم يصب جام غضبه ولا يقطعه البتة، ألم يحثنا ديننا الحنيف على التسامح والعفو عما فات ونسيان الماضي وينهانا عن قساوة القلب والتباغض فيما بيننا. لقد تحدث إلي أحد الإخوة الأكرام وقال اكتب لي مقالاً لموضوع ما فرفضت ثم قال سوف أكتب الموضوع أنا بنفسي ثم أدون عليه اسمك فيه سامحك الله.. أيها الإخوة أريد أن تحكموا عليه بأنفسكم أي نوع من الأصناف هذا وأي قلب يحمل، يريد أن تلبى رغبته دون الشعور بالآخرين مما قد يحصل نتيجة سلبية إزاء فعلته النكراء. وأختم مقالتي وأقول أين الابتسامة الجميلة التي ما إن يمتلكها الإنسان يصبح دائماً متفائلا للحياة فهذه الابتسامة تصفي القلوب ويرتاح الناس للمبتسم، ثم أين البشاشة وطلاقة المحيا والسماحة واللين والتواضع عند بعض من إخواننا وأحبابنا، هل ضاعت مع أعاصير البحار الهائلة يوم بعد يوم أم ماذا؟ الابتسامة تجعل المسلم مرتاح البال فيه تتحرك فيه جميع العضلات على وجه وتبدو كأنها كالوردة التي تتفتح بعد بزوغ فجر يوم جديد مملوء بالحياة السعيدة الهادئة الهانئة والابتسامة ترسم على شفاه كل من أخذ بها وأمسك عليها.. فأقدم مواساتي وعزائي لمن لم يمتلك هذه البشاشة فهي نور الحياة تجلب لك الراحة دوماً بإذن الله. وفي أضدادها ذلك العبوس المظلم المهلك الذي يهوي بصاحبه إلى الكآبة التي تحدق به في ظلمات ليس لها حد من الهم والغم والميل دائماً إلى النوم الذي لا فائدة فيه سوى جلب الخمول ويصرف عنك عبادة الله وواجباتك اليومية المتحتمة عليك. فيا أخي المسلم الذي تبدو عليه علامات العبوس والقنوط، قم باكراً وانهض وصل صلاة الفجر في جماعة وداوم على الأذكار ولا تغفل عن ذكر الله واذكر الأدعية المستحبة في الصباح الباكر ومنها: اللهم إني أعوذ بك من الجبن والبخل والعجز والكسل، وأعوذ بك من الهم والغم والحزن وغلبة الدين وقهر الرجال. داوم على تلاوة القرآن الكريم واجعل لك ورداً كل يوم بالتلاوة واذكر الله كثيراً لتجعل القلب مطمئناً.. قال تعالى: {أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} قم بجد ونشاط ودع عنك الكسل أنس ما فات واستبدل ثوبك القديم المتلطخ بشيء من الكراهية واستقبل يومك بكل حيوية، فالبعض من الناس في مجال عمله غير بشوش تارك إخوانه المواطنين عرض الحائط لا يريد أن يسر معاملاتهم وتجده منطوي حاملاً الدنيا على عاتقيه لماذا كل هذه الانطوائية والتصرفات اللا أخلاقية.. ديننا الإسلامي يحث على التعامل مع الناس برقة ولين في الكلام والصبر على ما يصدر منهم إذا حصل شيء من ذلك. فأوجز مقالي ببعض الأمثلة عند بعض من إخواني.. بعض الأشخاص هداهم الله يتجمل ويتزين ويلبس أجمل الثياب ورائحة العود والطيب تنبعث وما أروعها هذا جيد وديننا يحث على ذلك ولكن تجده في الداخل أسود القلب يلمز هذا ويسلب ذاك حاملا الهموم والغموم والحقد والحسد التي ما إن أسر على بقائها في القلب سوف يتقطع إرباً إرباً، فأوصي جميع من سار على هذا المنوال طوال حياته قف مع نفسك هل أنت على صواب اتق الله وراقب نفسك وعاتبها قبل فوات الأوان فالأيام تمضي والعمر قليل يوم لا ينفع الندم اجعل قلبك سليماً من جميع المنغصات قال تعالى: {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}، وقال الباري جل جلاله: {وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ}، قابل الناس ببشاشة رائعة وحسن خلق وتعامل جم وتصرف حكيم. لقد قابلت بصدفة فضيلة الشيخ عبدالعزيز السدحان في حي السويدي بالرياض فعندما هممت بالسلام عليه صافحني بقوة وحرارة وكأنه يعرفني من سنين والابتسامة ترفرف عليه، فاللهم أكثر من أمثال هؤلاء الذين دائماً وأبداً يجلبون السعادة لهم ولغيرهم من إخوانهم المسلمين والحمد لله فأمثالهم كثير فأقول لكابتن الطائرة ابتسم ولقائد السيارة ابتسم ولقائد الباخرة ابتسم وللمعلم والمربي والإداري في إدارته وللدعاة ولجميع اخواني في مشارق الأرض ابتسموا للحياة. وأسأل الله أن يلبس الجميع ثوب الصحة والعافية ويديم عليهم نعمة الأمن والأمان. ودمت يا أيتها العزيزة ساطعة بنورك في السماء ونور القائمين عليك جميعاً وأجزي لهم شكري وتقديري على إتاحهم لي الفرصة للمشاركة مع إخواني الأكارم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. خالد بن ناصر الحميدي