ارتبط العيد في أذهاننا، منذ تفتحت عيوننا على الحياة، بالفرحة والبهجة والسعادة، واعتدنا في هذه المناسبة السعيدة على كل ما هو جديد في المأكل والملبس، ولعب الأطفال. ويحرص الناس.. كل الناس في العيد على توزيع التهاني والابتسامات والأمنيات السعيدة.. (كل عام وأنتم بخير وسعادة)، (أعاده الله علينا وعليكم بالخير والبركة).. الخ. هل لنا اخوتي، ونحن في غمرة من السعادة والبهجة في العيد أن نذكر ما جاء به إسلامنا الحنيف من تعاليم وعظات؟؟ فإذا فرحنا نتذكر البائسين التعساء، وإذا شبعنا نتذكر أولئك الذين يتضورون جوعا ويفتقدون لقمة العيش، وإذا لبسنا الجديد من الملابس نتذكر العراة؟! هل لنا اخوتي أن نتذكر في هذا العيد أناسا من بني جلدتنا ومن بني ديننا؟! حرموا البسمة والسعادة منذ ما يزيد على ربع قرن من الزمان.. أولئك الناس الذين تمر عليهم الأيام والليالي بطيئة كئيبة.. أشبه ما تكون بسلحفاة أنهكها السير، وكلت من التعب حتى أصبحت، على ما عرفت به من بطء في سيرها أبطأ من البطء نفسه؟؟ هؤلاء الناس الذين يعيشون في انتظار دائم.. وما أصعب الانتظار!! إنهم ينتظرون بزوغ الفجر.. ينتظرون تحقيق الأمل.. أو قل انهم ينتظرون بصيصاً من نور أو خيطاً رفيعاً واهياً من أمل يقربهم من يوم عزيز.. يوم يحاولون فيه استرجاع ابتسامة العيد التي غادرت شفاههم منذ زمن.. منذ غادروا تلك الأرض الطيبة.. الأرض المقدسة.. الأرض التي تضم ثالث الحرمين الشريفين.. تضم مسرى رسول الله.. الأرض التي تضم قبلتنا الأولى.. أرض فلسطين.يجتمع الناس في العيد يوزعون البسمات والتهاني، واخواننا من عرب فلسطين يجتمعون في هذه المناسبة لاجترار الذكرى، واعتصار الألم.وبعد ربع قرن أو يزيد من الفراق، وبعد أن أصبح الطفل شاباً، والشاب شيخاً.. وكل منهم عاش المأساة بكل ما تعني من حرمان.. وتشرد.. والاعياد تتوالى.. يحاول اخواننا من بني جلدتنا.. من بني ديننا أن يعيشوا المناسبة السعيدة.. يحاول الكثير منهم مط شفتيه ليرسم عليهما ابتسامة.. لكن الابتسامة تهرب عنهما.. إنه لا يستطيع في هذه المرة.. إنه يستقبل العيد ولسان حاله يقول: عيد بأية حال عدت يا عيد بما مضى أم لأمر فيك تجديد أما الأحبة فالبيداء دونهم