أكدت دراسة استطلاعية عن صلاة التراويح في شهر رمضان أن 35% فقط لمن شملتهم الدراسة حريصون على أداء صلاة التراويح في المساجد طوال شهر رمضان، في حين قال 42% إنهم حريصون على صلاة التراويح قدر الإمكان مع زيادة الحرص في العشر الأواخر من الشهر الكريم، وقال 32% ممن شملتهم الدراسة إنهم يؤدون صلاة التراويح في العشر الأواخر فقط. وكشفت الدراسة أن الرجال أكثر حرصا على أداء صلاة التراويح في المساجد من النساء اللاتي يحجبهن عن أداء الصلاة في المساجد تأخر موعدها، أو بعد المسجد عن منازلهن، أو انشغالهن بالضيوف في المنزل. جاء ذلك في الدراسة الاستطلاعية الميدانية التي أجراها جهاز الإرشاد والتوجيه بالحرس الوطني على عينة من المصلين حول صلاة التراويح، والحفاظ على أدائها في المسجد، والتنقل بين المساجد، ومدى محافظة النساء على أداء صلاة التراويح في المساجد. وقد خلصت الدراسة الميدانية - استبانة - التي أجراها الجهاز على عينة من المصلين إلى عدة نتائج مهمة حول أداء صلاة التراويح والالتزام بها، ومن أبرز النتائج أن 35% من المصلين محل الدراسة أكدوا حرصهم على أداء صلاة التراويح في المساجد طوال شهر رمضان، بينما قال 42% من العينة إنهم يحرصون على أداء صلاة التراويح قدر الإمكان مع زيادة في الحرص على العشر الأواخر، وقال 33% من أفراد العينة انهم يؤدون صلاة التراويح في العشر الأواخر فقط، وكشفت الدراسة أن الرجال أكثر حرصا على أداء صلاة التراويح في المساجد من النساء اللاتي يحجبهن عن أدائها في المساجد تأخر موعدها أو بعد أماكن المساجد أو انشغالهن بأمور المنزل والضيوف وغيرها. وعن التنقل بين المساجد في شهر رمضان قال 65% من عينة الدراسة إنهم لا يفضلون التنقل بين المساجد، ويلزمون مسجدا واحدا لقربه من منازلهم واعتيادهم عليه، إضافة إلى حرصهم على مرافقة الأبناء وجماعة المسجد من سكان الحي في الصلاة، بينما قال 35% من عينة المبحوثين من المصلين انهم لا يمانعون في التنقل بين أكثر من مسجد. وحول أسباب الانتقال إلى مسجد بعينه لأداء صلاة التراويح قال 50% من المصلين محل الدراسة إن السبب هو إجادة إمام هذا المسجد التلاوة وحسن الصوت بدرجة أكبر من إمام المسجد المجاور لمنازلهم أو مقار أعمالهم مما يجعلهم أكثر خشوعا في الصلاة، في حين قال 55% من العينة إن سبب تنقلهم بين المساجد هو البحث عن الإمام الذي يخفف في صلاة التراويح، وقال 5% من المبحوثين إنهم يضطرون للصلاة في أكثر من مسجد تبعا لظروفهم وطبيعة أعمالهم ووجودهم عند دخول وقت الصلاة، وعن حجم هذا التنقل أفاد ما يزيد على 12% من المصلين أنهم ينتقلون للصلاة في مسجد معين بصفة يومية طوال الشهر الكريم، بينما قال 28% من العينة انهم ينتقلون لهذا المسجد أو ذاك بصفة غير منتظمة وفي أحيان متفرقة، بينما اتفق 60% من أفراد العينة محل الدراسة أنهم يؤدون الصلاة في مسجد محدد. وكشفت الدراسة أن التخفيف في صلاة التراويح والخروج مبكرا من المسجد من الأسباب الرئيسة في زيادة الانتقال إلى مسجد بعينه، ولا سيما مع كثير من المصلين من كبار السن أو الآباء الذين يحرصون على اصطحاب أبنائهم معهم للصلاة، في حين كشفت الدراسة أن إطالة الصلاة والخروج متأخرا في مقدمة الأسباب التي تجعل بعضهم لا يصلي في المسجد المجاور لبيته، أو مقر عمله وهو ما أكد عليه 40% من عينة الدراسة، في حين قال 30% من المصلين إن السبب في عدم الصلاة في مسجد بعينه تواضع قراءة الإمام، وقال ما يقرب من 30% انهم يتنقلون بين المساجد من باب حب التغيير أو بسبب ظروفهم وطبيعة أعمالهم، وأسباب أخرى منها وجودهم بالقرب من هذا المسجد أو ذاك وقت الصلاة. مميزات صلاة التراويح ويوضح د. سعيد بن وهف القحطاني عضو مركز الدعوة والإرشاد بالرياض أهمية صلاة التراويح، والسبب في تسميتها ب(التراويح) لأن المصلي يراوح بين رجلين فيها لطول القيام، وقيل إنها تشتمل على الإراحة بعد كل تسليمة. والتراويح: هي قيام رمضان أو الليل، ويقال: الترويحة في شهر رمضان، لأنهم كانوا يستريحون بين كل تسليمتين، بناء على حديث عائشة - رضي الله عنها - أنها سئلت: كيف كانت صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رمضان؟ قالت: ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة. يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثا..) ودل قولها - رضي الله عنها - (يصلي أربعا.. ثم يصلي أربعا) على أن هناك فصلا بين الأربع الأولى والأربع الثانية، والثلاث الأخيرة، ويسلم في الأربع من كل ركعتين، لحديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة). ويضيف د. القحطاني قائلا: إن صلاة التراويح سنة مؤكدة سنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله، وفعله، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرغبهم في قيام رمضان من غير أن يأمرهم فيه بعزيمة، فيقول: (من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) قال الإمام النووي - رحمه الله -: اتفق العلماء على استحبابها) ولا شك أن صلاة التراويح سنة مؤكدة أو لمن سنها بقوله وفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . وفي فضل صلاة التراويح ثبت من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال: (من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) فإذا قام المسلم رمضان تصديقا أنه حق شرعه الله، وتصديقا بما قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما جاء به واحتسابا للثواب يرجو الله مخلصا له القيام ابتغاء مرضاته وغفرانه حصل له هذا الثواب العظيم. وحول مشروعية الجماعة في صلاة التراويح، وقيام رمضان، وملازمة الإمام حتى ينصرف، يقول د. القحطاني: ثبت ذلك من حديث أبي ذر - رضي الله عنه - قال: صمنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رمضان فلم يقم بنا حتى بقي سبع من الشهر، فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل، ثم لم يقم بنا في السادسة، وقام بنا في الخامسة حتى ذهب شطر الليل، فقلنا: يا رسول الله، لو نفلتنا بقية ليلتنا هذه؟ فقال: (إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف، كتب الله له قيام ليلة)، وفي لفظ: (كتب له قيام ليلة)، فلما كانت الرابعة لم يقم، فلما كانت الثالثة جمع أهله، ونساءه، والناس، فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح، قال، قالت ما الفلاح؟ قال: السحور، ثم لم يقم بنا بقية الشهر) ولحديث عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج ليلة من جوف الليل فصلى في المسجد، فصلى رجال بصلاته، فاصبح الناس يتحدثون بذلك، فاجتمع أكثر منهم، فخرج إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الليلة الثانية فصلوا بصلاته، فأصبح الناس يذكرون ذلك، فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج فصلوا بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله فلم يخرج إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فطفق رجال منهم يقولون: الصلاة، فلم يخرج إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى خرج لصلاة الفجر، فلما قضى الفجر أقبل على الناس، ثم تشهد فقال: (أما بعد، فإنه لم يخف علي شأنكم، ولكني خشيت أن تفرض عليكم صلاة الليل فتعجزوا عنها)، وذلك في رمضان). عزوف الناس ويحاول د. القحطاني أن يفسر سبب عزوف الناس عن أداء صلاة التراويح ويورد مجموعة من الأسباب التي تؤدي إلى هذا العزوف منها: أولاً: حب الدنيا: وكما قيل حب الدنيا رأس كل خطيئة.. وإذا غرس حب الدنيا في القلوب كان هذا أدعى إلى الركون إليها، والعزوف عن الطاعات عموما، فنرى كثيرا من الناس عندما يعلم أن صلاة التراويح سنة يبادر إلى تركها، ويقول ذهب الواجب أو الفرض، والسنة يثاب فاعلها، ولا يعاقب تاركها، وما علم شرف الزمان وعظم الهبة من المنان للعامل في رمضان ومن جملة حب الدنيا حب المال والأولاد، ومع تقدم الزمن ازدادت العوامل المساعدة على حب الدنيا والركون إليها، ومنها التوسع في العقارات والمساهمات، والتجارة والصناعة بشكل عام، مما يجعل المصلي يفكر في تسليمة الإمام متى تحصل حتى يبادر إلى الخروج من الصلاة والله المستعان. ثانياً: الجهل بعظم الأجر: فالأجور مضاعفة والحسنات مضاعفة والشياطين صفدت وأبواب الناس أوصدت وأبواب الجنان فتحت وللعامل فيه من الأجور العظيمة والهبات الجزيلة، ومنها: (من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) و: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ }، وكثير من الناس عموما والمصلين خصوصا يفرطون في هذه الأجور ومنها صلاة التراويح، قال - صلى الله عليه وسلم - : (من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة). ثالثاً: الإفراط في الأكل: ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه) ومع تنوع الأكلات والمشروبات أصبح كثير من الناس لا يدع شاردة ولا واردة إلا أكلها حتى يصبح في حالة من الإعياء والفتور والتعب والأرق، يصعب معها مجرد الوقوف، فكيف بالاستمرار، ولهذا يجد كثير من الناس صعوبة كبيرة جدا في الوقوف مما يدعوه إلى مغادرة المسجد بحجة عدم القدرة على الوقوف، وهذا مع كونه مضرا بالصحة إلا أنه مثبط للعزيمة ومدر للكسل، جالب للفتور. رابعا: الرفقة السيئة: فإن للرفقة السيئة دورا في تثبيط الهمة وحرمان الأجر وبخاصة في شهر رمضان المبارك تكثير صوارف القلوب عن طاعة علام الغيوب، وكثير من الناس مع شديد الأسف مفتاح للشر مغلاق للخير، فمع حرمان نفسه من العبادات يصر على حرمان غيره والصاحب ساحب كما قيل. خامساً: الغفلة: وهي داء عضال ينتاب القلوب فيضعف الإيمان ويزيد الحرمان وقد ذم الله أهل الغفلة، والغفلة داء يصيب القلب فيصرفه عن الطاعة ويحرمه من العبادة، فيمر عليه الزمان وتمر عليه مواسم الخيرات وهو في غفلة سابح، والغفلة تتسلل إلى القلوب فتوهنها حتى إنها لتصور تلك الركعات كأنها جبل. سادسا: الكسل والفتور: كان من دعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل)، والكسل من الأمراض التي تصيب القلب والبدن بالخمول، فيشعر الإنسان أنه في حالة من العجز عن القيام بأبسط الأعمال لديه، ناهيك عن القيام للصلاة المفروضة، ناهيك عن القيام لصلاة التراويح، والكسل أسبابه كثيرة ومتعددة. سابعا: كثرة المعاصي: قيل لأحد السلف مالنا لا نستطيع قيام الليل مع أن قيام الليل شرف المؤمن، فقال: قيدتكم الذنوب والمعاصي، وكان بعض السلف يعرف بقيام ليله بنور يعلو محياه، وكلما أفرط العبد في اتباع المعاصي وقارفها واستحلها أدى ذلك إلى ضعف إيمانه ومن ثم فتوره وكسله وقلة همته عن الطاعة. ثامنا: عدم التهيئة النفسية والبدنية لأداء صلاة التراويح.