حملت جسدي الواهن الذي دفعته بكل قواي، واستلقيت فوق سرير أبيض.. لحظات وجاءت ممرضة تمشي بثقل شديد. ممسكة بيدها حزاماً من المطاط وربطته بقوة فوق معصمي!! وأدخلت إبرتها عنوة في أحد أوردتي، رغم الألم الذي اعتراني إلا إني أظهرت الشجاعة على الأقل أمامها. كانت كل محاولاتها فاشلة فكلما أدخلت إبرتها أخرجتها أخرى وهي تنقب في أوردتي الصامتة! وأخيراً عثرت على أحدهم فلم ترحمه وسرعان ما غرزت فيه الإبرة التي يعلوها المحلول الشفاف والابتسامة تعلو وجهها..!! وبعد أن اطمأنت عليَّ غابت عن الأنظار مدة من الوقت. بعد ثلث ساعة تقريباً أو أكثر دخلت أخرى، اقتربت مني وأمسكت بيدي فوجدتها في حالة سيئة!! وقد تحول لونها إلى بنفسجي قاتم والورم يعلوها!! وعلى الفور نزعت الإبرة من وريدي وبدأت رحلة أخرى في البحث المضني عن وريد آخر. لأن المحلول لم يأخذ مساره الطبيعي، بل كان يصب خارجاً (تحت الجلد). وأنا بين هذه وتلك أعتصر من الألم، لأني أصبحت حقل تجارب لممرضات مبتدئات أو على الأقل لم يحسن عملهن!! على الرغم مما عانيته لزمت الصمت ولم أتفوه بكلمة. وبعد أن أكملت المحلول دفعت ما عليَّ من قيمة.. وخرجت يتبعني ألم وخيبة، وأرثي حال التمريض في هذا الزمن وكيف أصبح! وأعلل ما حدث ويحدث أن النجاح في اختبارات التمريض جزافي وعلى حساب أرواح المرضى. لا أعلم إن كانت وزارة الصحة تعلم بهذه الأمور التي تحدث؟!