السياسة السعودية تجاه العراق واضحة ومعلنة، فقد كانت المملكة العربية السعودية ضد غزو الولاياتالمتحدةالأمريكية للعراق، ونصحت الإدارة الأمريكية بألا تقدم على غزو دولة عربية مسلمة ليس لها علاقة بأحداث 11 سبتمبر وليس لها علاقة بالقاعدة، ولعدم ثبوت أسلحة دمار شامل في العراق وفقاً للجان التفتيش المتتابعة. لقد كانت المملكة العربية السعودية تدرك تماماً العواقب السيئة على وحدة العراق وسيادته وعروبته وأمنه، وأثر ذلك على دول المنطقة، وتدرك أيضاً أن أمريكا سوف تجد نفسها عاجزة عن حفظ استقرار العراق وأمنه، وأنها بهذا الغزو سوف تجد نفسها تغرق في المستنقع العراقي.. لكن الإدارة الأمريكية أخذت برؤى من شجعها لغزو العراق وكل له أهدافه، إسرائيل دفعت أمريكا بذلك لتحطيم قوة عربية ليس لها علاقة بتهديد الأمن القومي الأمريكي ولا يهمها بعد ذلك ما يحدث للولايات المتحدةالأمريكية فهي من الآن تستعد وتسعى لإيجاد قوة عالمية تستند عليها لتمرير سياساتها الشريرة في المنطقة العربية عندما تستنفد الورقة الأمريكية، وتصبح في نظرها غير فاعلة أو غير قادرة على تمرير سياساتها العدوانية في فلسطينالمحتلة والدول العربية الأخرى، لذا بدأت تعمل بتخطيط (خبيث) لاستبدال أمريكابالصين.. وفي هذا المسعى باعت الصين تكنولوجيا أمريكية دقيقة، رغم أنف أمريكا وتجسست على كل المستويات الأمريكية رغم أنف أمريكا أيضاً.. وما خفي كان أعظم، وعلى العرب التنبه لذلك وعدم ترك الملعب الصيني للكيان الصهيوني، تحت حسابات قصيرة النظر. أما العراق فقد سلمته الولاياتالمتحدةالأمريكية للأحزاب الدينية ذات المنشأ والهوى الإيراني وسوف تحصد أمريكا (الحصرم) عاجلاً أو آجلاً نتيجة هذه السياسة الحمقاء مع ما يتبع ذلك من اضطرابات في المنطقة سوف تكون (أمريكا) عاجزة عن تدبر الأمر حيالها، إنه فوق ما تسميه الإدارة الأمريكية ورموزها (بالفوضى المحسوبة) والدليل على سوء تقديراتها هو ما يحدث الآن في العراق.. وتضاؤل الطموحات الأمريكية الاقتصادية والسياسية.. لكل ذلك وغيره كان لقاء خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لقناة (إيه. بي. سي) الأمريكية، عندما دعا الإدارة الأمريكية إلى أخذ المخاوف السنية العربية العراقية بعين الاعتبار، فلا يمكن أن يستقر العراق وجزء عربي سني عراقي يعاني الإبعاد والتهميش، كما أن العرب الشيعة على نفس خط ونهج العرب السنة في رفض التدخلات الخارجية ومن يمثلهم في العراق. فالصداقة السعودية الأمريكية، تتطلب قول الحقيقة للإدارة الأمريكية حتى ولو غضبت بعض رموز الإدارة الأمريكية ذات الأجندات التي حتماً في محصلتها النهائية ونتائجها لا تصب في صالح الشعب الأمريكي ولا الحزب الجمهوري الأمريكي. فالنظر إلى المعارضة المتنامية لدى الشعب الأمريكي في رفضه بقاء القوات الأمريكية في العراق وانخفاض شعبية الرئيس الأمريكي داخل وخارج أمريكا والصورة القاتمة للولايات المتحدةالأمريكية لدى العرب والمسلمين، فليس من المعقول تجاهل أكثر من مليار عربي ومسلم في مجريات أحداث العالم لمنطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص. إن السياسة السعودية المعلنة والمعروفة والتي أكدها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- للقناة الأمريكية هي (أن العراق مؤلف من العديد من الجماعات والطوائف العرقية والدينية، وما تطلبه المملكة هو أن يسود العدل والمساواة بين كل الطوائف العراقية)، بصورة أخرى ألا تتسيد فئة على الفئات الأخرى وتفصل الدستور العراقي على الفئات الأخرى، وتفصيل الدستور العراقي على مقاسها وأهدافها ونواياها أيضاً. أما في الوضع الداخلي السعودي فكان حديث خادم الحرمين الشريفين شفافا وموضوعيا، عندما تحدث عن قيادة المرأة للسيارة.. إنني أتعجب من الذين اختزلوا الديمقراطية والحرية داخل بلادنا من الداخل والخارج بالسماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة!! إن من يفصل في هذا الأمر هو تقبل المجتمع السعودي لقيادة المرأة لسيارتها، وهذا الحدث سوف يكون ولكن أعتقد أن المسألة تحتاج إلى وقت وصبر وتوعية، حتى لا تحدث ردود فعل عكسية لدى مجتمع محافظ إلى النخاع يستعيب ذكر اسم والدته عندما يتطلب ذكرها في مصلحة خاصة به لدى إحدى الجهات الحكومية!! فالقضية إذن لا تحل بقرار سامٍ.. وفق ما يراه البعض.. وقد لاحظت أن بعض الزملاء يدعون إلى السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة بقرار يصدر.. وحجتهم في ذلك اقتصادية وهي بالتخلص من تكاليف استقدام فئة (السائقين) وفي تقديري أن السائق باقٍ حتى عند أصحاب هذه الدعوات، فالمرأة قد تستخدم سيارتها الخاصة في الذهاب لعملها وزيارة صديقاتها والتسوق..!! أما السائق فسوف يقوم بتأمين طلبات المنازل لأن السيدة مشغولة بما أشرت إليه وسوف يكون هناك عبء اقتصادي مضاعف بتأمين أكثر من سيارة للزوجة والابنة، أو البنات وللأولاد ومن ثم السائق! إذن لابد أن نكون عقلانيين وموضوعيين وألا نزايد على بعض أو نرتكز على دعاوى الغرب، فالغرب لن يسند أحداً رفضه مجتمعه أو أخذ فرصته ويرغب في البقاء في دائرة الأحداث كأنه لا يوجد غيره من ذوي الكفاءة!! تحدث خادم الحرمين الشريفين للقناة الأمريكية عن البطالة فقال -حفظه الله- إن (هناك تقدماً جيداً في معالجة البطالة في السنوات الأخيرة، وسيتم العمل على تأمين 100.000 وظيفة). إن شعور القيادة بمشكلة البطالة ومخاطرها المعروفة هي نصف الحل، أما الحل الكامل هو ألا يوجد لدينا بطالة لمؤهل قادر على العمل كحد أدنى.. أما عند ممارسة الأديان أو حرية ممارسة الأديان في بلادنا فقد كان رد خادم الحرمين شافياً وكافياً، فبلادنا لا يمكن أن يكون فيها إلا الدين الإسلامي، فكما قال خادم الحرمين الشريفين هل يسمح الفاتيكان ببناء مسجد إلى جانبه ويسمح بممارسة الشعائر الإسلامية حتى قبته الكنيسية..؟! وهذا لا يعني أن ترفض بلادنا أن يمارس كل شخص أجنبي دينه بحرية كاملة في منزله الخاص، فللبيوت حرماتها من التعدي. ولكن يبدو أن الغرب والولاياتالمتحدةالأمريكية على وجه التحديد في حاجة إلى دراسة خصوصيات المجتمعات الإسلامية بعيون، وبموضوعية وعلمية قادرة على تفهم ما يمكن أن يثير المجتمعات الإسلامية ويخلق حالات عدائية تهدد السلم الدولي الذي هو في حاجة للابتعاد عنها، فالإسلام يكفل كرامة الإنسان وحقوقه وإنسانية الإنسان، وهذا هو المهم، كما أن الإسلام يدعو للتعاون والتكافل بين بني البشر ولا يعتدي على أحد ولكنه في نفس الوقت يمتلك مخزوناً لا ينضب في الدفاع عن نفسه مهما كانت القوى المقابلة له.. فهل من مصلحة أحد استعداء المسلمين دون مبرر؟! إنني أدعو من يجهل ذلك لدراسة التاريخ الإسلامي من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا.. عبر التاريخ المعاصر والحديث وسوف يصل بنفسه إلى حقيقة أين مكمن الخطر..!!