شهر وبضعة أيام وأنا أقاوم حزني بالفجيعة الكبرى وفاة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - طيب الله ثراه... شهر وبضعة أيام وأنا أكذب نفسي بخبر الفجيعة.. ولإيماني الكبير بالله عز وجل وبأن الموت حق أدركتُ ذلك تماماً ولكن كان قلمي يتعثر كلما أردت أن أجسد أحزاني على الورق.. إذ إن بركان الحزن في قلبي كبير جداً وكنت أخاف أن ينفجر.. فمهما قلت فيه قليل، ولا أوفيه حقه فإن قلت فعندني عيٌ باللسان، وإن كتبت فعندي عجز في البيان والله أسأل أن يسكنه فسيح جناته بكل ما عمل من خير للبلاد والعباد في أنحاء المعمورة شتى، فأياديه الخيرة امتدت إلى أقاصي الدنيا وأدناها.. فالرضيع والشيخ والمرأة والرجل والشاب والشابة يبتهلون لله أن يرحمه رحمة واسعة وأن يسكنه فسيح جناته وأن يثيبه على أعماله.. إنها الفجيعة الكبرى للعرب أجمعين وللمسلمين في كل مكان فكيف لا.. ومنهاجه ومسعاه الخير للجميع والأمن للجميع والعون للجميع.. ترعرعنا في ظله وتحت جناحيه فأولادنا لا يعرفون لهم أباً غيره.. ومليكاً غيره.. فاسمه عظيم وأعماله أعظم. شهر وبضعة أيام.. ويدي مشلولة الحركة لا أستطيع الكتابة لأعبر عما يختلجني من مشاعر الحزن على فقدانه.. ولتعزية الأسرة المالكة وحرمه المصون صاحبة السمو الأميرة الجوهرة الإبراهيم. عيَّا اللسان، وشلت الحركة، وبح في حلقي السؤال فمصابك يا الجوهرة مصابي.. ويشهد الله أن حزني عظيم فهو بركان يتفجر.. صبرك الله يا غالية.. وصبرنا جميعاً وأسكنه فسيح جناته وجعل الله في خلفه الصالح الملك عبد الله بن عبدالعزيز خير خلف لخير سلف وأعاننا الله على حفظ الأمانة والسير على نهجه وحفظ هذه البلاد الغالية الحبيبة. فصفحة التاريخ تعي تماماً ما عمله رحمه الله، وصفحة التاريخ أمجاد مخلدة لمواقفه الكريمة والشريفة والوطنية والإسلامية والشرعية والإنسانية. فكيف لا أحزن عليه كل هذا الحزن... كم من القرآن الكريم وزع في أنحاء المعمورة!، وكم أمٍ مكلومةٍ رعاها!، وكم جراحٍ مثخنةٍ داواها!، وكم أفواه جائعةٍ أشبعها!، وكم من متشوقين للعلم.. عَلَّمهم!، وكم عطاشى أسقاهم!، وكم غرقى أنقذهم!.. وكم تسبب في دفع البلاء عن العرب والعجم والمسلمين! رحمه الله رحمة واسعة.. وكم مشتاقٍ للحج حججه!، وكم مقطوعٍ أوصله!، وكم من مفجوعٍ أسعده!، وكم من الحجيج أمنهم!، وكم للسياسة كان محنكاً وشجاعاً ومواقفه الثابتة لا تتغير رغم كل الظروف!.. كم ناصر المظلومين وعفا عن المسجونين ورحم الأرامل والأيتام والصغار والكبار! وكم احتضن أبناء فلسطين الأبية!، وكم من المبادرات احتضنها لمسيرة الحق والسلام والنصر والوئام!.. ماذا أقول فيه؟.. وكل قولي فيه لا يمكن أن أوفيه حقه!.. ولو كتبت فيه مجلدات ومجلدات ومجلدات. وأسأل نفسي تُرى هل يرتقي القلم ليخط تلك المآثر؟ وهل تساعدني شجاعتي على ذكر كل المآثر؟.. والله لا أستطيع ذلك.. ولكن أسأل الله أن أكون قد ذكرت نقطة من بحر أعماله. وأن أستطيع تقديم الشكر والعرفان له في غيابه وأنْ تصلَ تعزيتي فيه إلى الأسرة المالكة الكريمة.. وخاصة إخوته العظام.. وحرمه الغالية الجوهرة الإبراهيم وجميع أبنائه وبناته البررة.. وأرجو من الجميع أن يعذروني ويسامحوني إذا بدر مني أي تقصير.. فهو نجم في السماء.. رغم وفاته وهو نجم ماخبا.. رغم وفاته وهو معلمٌ وقدوةٌ وخيرٌ وعطاءٌ رغم وفاته وهو صلحٌ، ونورٌ، ووفاء رغم وفاته ابن الذي وحد بحرها مع اليور مرحوم يا مرسي قواعد عمدها ياخادم البيتين مشكور مشكور الله يمهل في سنينك مددها * كلمة حق: قال الشاعر عبد الله القرني يا خادم البيتين ياطيب الذات يا متعب القادات منهج دروبه في عهدك الزاهر شموخ ونهضات وابنا وطنك بنهضته كيفو به حدايق غلب تمد وعمارات والقرض يسر والجميع اسعدوبه والطرق مدت للمسافر سريعات شرق وغرب وشمال وجنوبه وتشكر بتوسيع البيوت العظيمات وفي سعيكم ترجي من الله مثوبة وسعت ساحات البيوت العتيقات ولا هي على مثلك غرايب عجوبه وهو العز للاسلام والمسلمين رغم وفاته يارب رحماك بعد رحيله.. أسبغ علينا نعمة السلوان.. والحمد لله رب العالمين أن جعل البيعة محفوفة بالخير وجعل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز خير خلف لخير سلف.. وكذا ولي عهده الأمين سلطان بن عبد العزيز أعانهم الله على حمل المسؤولية الملقاة على عاتقهم.ز ونحن معهم قلباً وقالباً لحماية هذه البلاد الغالية التي فيها نعيش بأمنٍ وأمانٍ وحبٍ واحترامٍ واطمئنان وقلبي مع كل الشعب الغالي السعودي وعزاؤنا ومصابنا واحد. * لحظة صدق: قال الشاعر مبارك السبيعي: عشرين عام وسط الخير منثور مرت على ذكرى تولي فهدها رجل السياسة والذكاء صايب الشور لا حلت مصيبة يحلل عقدها * وبعد: رحم الله خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وألهمنا من بعد رحيله الصبر والسلوان وحفظ إخوته وأسرته وأبنائه والجوهرة الإبراهيم يارب. ونسأله تعالى أن يوفق خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز وأن يسدد خطاهما على طريق الخير لخدمة الدين والوطن والإسلام. حزني كبير.. كبير.. كبير حزني عظيم.. عظيم.. عظيم حزن لا يُكتب ولا يُسطر!! حزني عميق مسكون بقلب يتفطر!! حزني دم.. نار.. بركان يتفجر!! وأنت يا الجوهرة الإبراهيم حُبكِ لا يُقدر!! للتواصل تليفاكس 012317743 ص.ب 40799 الرياض 11511