حينما يفجع المرء بعزيز عليه يتحيَّر فيما يكتب عنه وفيما يقوله من كلمات ليعزي بها نفسه وإخوانه، ولتكون ذكرى له بعد مدة من الزمن، لكن حينما يكون ذلك العزيز قائد أمة ومسيرة فإن الكلمات تتعثر ويخون الإنسان التعبير وهذا ما حصل حين فقدت الأمة قائد مسيرتها الملك المبجل فهد بن عبدالعزيز آل سعود -يرحمه الله- فقد كان لشعبه بل ولجميع الأمة الإسلامية الأب الحاني والموجه الناصح، الذي لم يبخل عليهم في يوم من الأيام بمال أو فكر ونظر.عن ماذا أكتب.. عن الإنجازات في وطنه أم عن الصعود به إلى أعلى القمم.. أم السير به إلى مصاف الدول الكبرى أو السلوك به في أفضل السبل.. لقد بنى وشيَّد وأرسى القواعد.. سائراً على نهج والده الفذ، أعطى كل ما يملك من خبرة، فلم يبخل عليها بعقل نيّر وفطنة وقادة، بل جعل كل همّه الصعود بوطنه إلى أعلى ما يصبو إليه الرجال الأوفياء لأهلهم.أم أكتب عن إنجازاته لأمته وما شيَّد لها من منارات ستبقى ما بقي الدهر يرفع فيها ذكر الله آناء الليل وأطراف النهار، تلهج بالدعاء له فيها أفئدة تصلي لله وتركع، منارات يشع منها نور الله بالعلم والمعرفة والدعوة إلى صراط الله المستقيم، اقتداءً بسنة سيد المرسلين عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، إنه والله ليعجز اللسان عن تعداد مآثره، مهما كتب الكاتبون أو نمّق المحترفون، ولذا حسبنا الدعاء له أن يتغمده الله برحمته وأن يكتب كل ما عمل في ميزان حسناته إنه ولي ذلك والقادر عليه.وقد سجلت هذه التعزية والقصيدة التالية سلوى لي ولإخواني الذين آلمهم المصاب والذي لا نستطيع معه إلا قول: {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} رحمك الله يا فهد وجعل فيمن خلفت خير خلف لخير سلف، فلقد خلفت رجالاً ها هم استلموا الراية من بعدك وحسبك بأخويك عبدالله وسلطان وباقي الأسرة المكرمة، وفقهم الله ورعاهم وجنبهم شر الأشرار، فلقد أثلجوا الصدور باجتماعهم واتباعهم السنة في التأبين، فالله أسأل أن يثبتهم على الهدى والطريق المستقيم، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبة وسلم. حلّ المصاب فلج القلب في الحزن وأذهل العقل بالإضعاف والوهن ماذا دهى الناس من أمر يزلزلهم إذ غاب قيمهم عن دفة الوطن لله كم صعقوا إذ أنبئوا خبراً كأنه الرجفة الكبرى من الحزن يا رب ثبت لأمر لا مرد له أنت المعين على البأساء والإحن أنت المقدر والمعطي الحياة لنا وأنت من جعل المحبوب في الكفن فارحمه ربي بما تسديه من نعم عليه في القبر والفردوس والسكن أتاك ضيفاً يرجي رحمة شملت من جودك الجم يا ذا الجود والمنن يا ويح ذا القلب والأقدار تعصفه حتى لقد خلته المخبول في الوسن يسير في الدرب لا يدري بوجهته قد حلّ أوصاله وهن مع المحن وكل منقلب من هول صدمته الصمت يلزمه كرهاً بذا الزمن العين ساهمة والنفس واجمة لولا قضا الله في القرآن والسنن لجاد كل بما تحويه طاقته لو ينفع القول أو شيء من المهن حتى ولو طلبوا نفساً تبادله لكان في القوم مقدام بذا الزمن يزفها أنفساً ترضى الفداء له من غير منّ بما يعطون من بدن لكن فهداً مضى كالصحب مهتدياً والله ينقله ضيفاً إلى الحسن أليس قد كان للخيرات يبذلها في طاعة الله لا يرنو إلى ثمن أعلى النفوس بما أعطى وقدمها إلى المعارف في جهد ومؤتمن شاد الصروح بأفكار مرتبة وبين الحق في الأصقاع والمدن تلك المساجد تهدي كل منتفع يبغي الرشاد له في السر والعلن قد باشر الفعل في عدل يقرره حكم الإله الذي في الذكر والسنن لا يرتضي بدعاً تعلو بلوثتها بل حرر الناس من شرك ومن ضغن وقال هيَّا اعبدوا رباً لكم أحداً هو الغني عن الأنداد والوثن وصاية من أبيه الفذ راسخة من الولادة حتى غاب في الكفن لله موتك يا فهد يباغتنا وقد ألفناك تذكي العزم في الشجن لله موتك يا فهد يزلزلنا والله ندعوه أن يعليك بالمنن في جنة الخلد تلقى ما ابتغيت له تحت الغصون من الأطياف والفنن والله يلطف في الدنيا بمن فجعوا ويخلف الفهد في الضراء والمحن لئن ذهبت فإن الله عوضنا فيمن تركت من الإخوان بالوطن قد جاء بعدك عبد في حَرَبٍ على العدو ومن يلجا إلى الدخن الله يرفعه والله يحرسه من كل شر من الحساد والإحن يا رب أنت مليك الكون أجمعه اهد المليكَ إلى الأعلى من السنن وثبّت الله سلطاناً له عضداً فإنه الساعد المحبوب من زمن الله شدّ به من أزر قائدنا واهد الجميع بتوفيق من المنن سلطان فيك من الأخيار منقبة جبلة غرست من بارئ حسن الله يحفظكم والله ينصركم والله يجعلك ذخراً مدى الزمن