رغبة أكيدة تدفعني لأن أشرع النوافذ التي تطل على أشجار السرو العالية توقظ الكون بما فيه. مدينة بعيدة فوق هضبة جبل بطبيعتها الخلابة تحرض الربيع على تلوين وجه الشتاء الشاحب، أزهار البنفسج. فراشات تحلق حولي ذات ألوان أخاذة، زهر الخشاش والقسموس اللذان استلقيا فوق بساطها الموشى. سكون يلزم المكان إلا من تداخل أصوات البلابل، عالم تبحر فيه النفس ولو كان لريشتي عينان لسطرت الكثير، لكن المنظر أكبر من أن يوصف بريشة أو ألوان، لذا آثرت الصمت، وأخذت تتأمل مبدع تلك اللوحة. ومع شروق شمس يوم جديد يتولد أمل، ومع كل ضوء شمعة يتولد حب وباقة إكليل من زهور الأوركيد تنحني خجلاً، أمام رهبة تلك القمم التي عانقت خيوط الشمس. ويمضي الإبحار آخر الليل حيث ضحكات النجوم البراقة، وهي تمضي في قوافل تلون الظلام الحالك. مدينة تتشح بالضباب في صباحات يوم بارد، وغيمة ضوء لا تشبه سوى شمس قلب دافئ. يوقظ من داخلي لحظات سكنت ذاكرتي. وينثر حولي رذاذاً دافئاً، وفرشاة فرح أنارت سمائي بألف شمعة وانهمرت نجوماً بألوان قوس قزح. ومنحتني ألف جناح، ليكون شعاع أمل يعطي للحياة معناها، ويصنع من المحال شذى الأماني وأحلام وردية تعبث في المستحيل. مرفأ: فراشة الروح هي الألوان التي ترسم جمال الطبيعة