في أول يوم من أيام الزواج تعثرت العروس ببعض أغراض غرفة النوم التي أمامها وسقطت وأحدثت بعض الأضرار بهذه الأغراض فقال لها العريس (بسم الله عليك ما تشوفين شر)، وبعد ستة أشهر تعثرت العروس مرة أخرى في بعض أغراض المنزل ولم تسبب أي ضرر أو تلف فقال لها الزوج (ما تشوفين.. جعلك العمى)!!! يتمنى الشاب والفتاة أن تكون حياتهما سعيدة من أول لحظة إلى آخر لحظة لهما في الحياة، وهذا ممكن ويسير إذا كان الزوجان عازمين على ذلك وبذلا الأسباب والطرق المؤدية إلى دوام السعادة الزوجية، ولا تكاد تخلو الحياة الزوجية من بعض المكدرات والمنغصات وتختلف قدراً بحسب أصحابها وأهلها، ولا يظن إنسان أن الحياة كلها صافية أو أنَّ كلها كدر، وإنما الحياة كما قال الشاعر: هي الحياة كما شاهدتها دول من سره زمنٌ ساءته أزمانُ وفي كثير من الحالات تبدأ الحياة الزوجية في شهرها الأول بالسعادة والسرور، ويتبادل الزوجان الاحترام والتقدير، وتبدو مظاهر الدلال والدلع بينهما واضحة وجلية، وربما أن الزوج يقول باستمرار لزوجته (يا خلف أمي وأبوي)، فترد الزوجة عليه بقولها (الله لا يحرمني منك) فنرى الزوج الكريم في أفضل حالة من الارتياح النفسي ونجد أنه يسعى جاهداً لتقديم ما يستطيعه لإسعاد شريكة حياته متكلماً بعبارات لبقة وبكلمات عطرة ونراه يحضر لزوجته ما لذ وطاب من المأكولات والمشروبات وربما أنه في بعض الأحيان يطعمها بيده بحنان وعطف فيكون لتلك الحنية أثراً عظيماً على صحة الزوجة فيزداد وزنها في هذا الشهر شيئاً فشيئاً فتصبح وكأنها من رافعات الأثقال، وكذلك الرجل ربما يجد من زوجته بعض الدلع والدلال والكلمة الطيبة فتتحسن صحته فتراه في هذه الفترة فتشبهه بأحد أبطال كمال الأجسام أو من أبطال مصارعة الوزن الثقيل، وبعد انقضاء هذا الشهر تبدأ معركة خفيفة بين الزوجين وكأنك إذا نظرت إليهما ترى مشاجرة واقعة بين ديك ودجاجة أو قط وقطة! وسرعان ما تختفي بعض بوادر التقدير والاحترام والأسلوب الحسن والمعاملة الطيبة فترى الرجل يتذكر بعض التصرفات والتسميات التي كان والده يسميها لأمه ويبدأ يتصرف تصرفات والده (من شابه أباه فما ظلم) ويسمي زوجته ببعض تلك التسميات المأخوذة من قاموس والده، وكذلك الزوجة تتذكر بعض التصرفات التي تتصرف بها مع والدها وتبدأ تجربها على زوجها، وتبدأ معالم الانحدار في العلاقة الزوجية من أعلى إلى أسفل، فنجد أن ذلك الدلال يتحوَّل إلى شدة وغلظة وربما يقول الزوج (وش ذا العلة إلي بلاني الله فيها) وربما تقول الزوجة (وش ذا العقوبة) إلا إذا كان الزوجان يدركان خطورة هذا الانحدار الخطير فيتداركان خطورة الأمر وتعود المياه إلى مجاريها، لماذا يحصل هذا التغير الطارئ بعد انقضاء هذا الشهر المُسمى بشهر العسل؟ إن حصر المتعة والسعادة في هذا الشهر هي من أسباب حصول هذا التّغير وكان المفترض أن نتخلص من هذه التسمية ونكون أكثر تفاؤلاً بهذه الحياة الزوجية وأن نضع في الاعتبار أنها كلها راحة وهناء، لا أظن أن الحياة الزوجية لها شهر واحد اسمه شهر العسل، وإنما الحياة الزوجية في الإسلام كلها عسل وهناء وراحة نفسية متى ما بُنيت على أسس من التفاهم وتجلت فيها معاني المودة والرحمة بين الزوجين الكريمين، وعندما يستطيعان دحر كيد الشيطان الرجيم وإبعاده، وذلك بوضع الحواجز والموانع في وجهه والتي من أعظمها طاعة الله والاستعانة والاعتصام به، وملازمة كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وكذلك دراسة الواجبات الزوجية ومعرفة أسرارها لها دور كبير في تحقيق السعادة الزوجية واستقرارها. [email protected]