عاشت شامخة كشموخ الجبال متجلدة بصبرها سامقة بإيمانها يحدوها الأمل نحو شفاء عاجل في ردهات المستقبل المجهول ها هي تلك المرأة تسابق الزمن في بحث عن علاج هنا وهناك وها هو الإيمان يزيد رسوخاً وثباتاً في خلجات روحها لم تستسلم للوساوس ولم تذعن للقنوط لسان حالها: وإذا مرضت فهو يشفين ولسان مقالها: الحمد لله أنا بخير لن أنسى تلك المقولة التي ردّدتها لكلِّ سائل عنها: الحمد لله أنا بخير لن أنسى ذاك الإيمان الوضاء الذي يشعُّ من جنباتها ولن أنسى أريج الصبر الذي كانت تعطِّر به الجميع لن أنسى تلك الابتسامة وذاك المزاح لن أنسى مشاركتها مشاعر الجميع من أفراح وأتراح مع ما كانت تقاسيه من آلام وجراح عاشت وكأنّها تقول للجميع إياكم واليأس من رحمة الله وعانت حتى كأنّها تقول لنفسها إياك والشكوى لغير الله ظلت تراوح بأنفاسها مصاعب الحياة تلاطم أمواج المرض بسفينة الإيمان وتصارع طوفان الألم بزورق الصبر عاشت أم محمد ملحمة صحية في جسدها فكليتاها لم تعودا تقويان على المواصلة بدأ المسير في البحث عن زراعة كلية في ذلك البلد أو ذاك ولكن الله فعال لما يريد إيه يا أم محمد لقد رحلتِ تاركة فواصل تاريخية ستظل منقوشة في خريطة حياتي لقد رحلتِ ولم يرحل ذلك الدرس العظيم الذي أعطيتيه لكلِّ الناس لقد رحلتِ تاركة وراءك دموعاً تسكب وحزناً في الفؤاد يلهب رحم الله جسداً طالما تناوله مبضع الجرّاح وقدّس الله روحاً طالما تناوشها الألم ومزّقتها الرياح وطيّب الله ذاك الثرى كلّما أعلنت الشمس ميلاد الصباح