الغربة فيها ضرب من المعاناة أو أنّ كل المعاناة تكمن فيها إذا طالت وامتد أمدها. والغربة في أهم وأبرز معانيها تنقسم إلى غربتين: 1- غربة لالتماس العلم وطلب المعرفة أو طلب التجارة والتكسب المقرون بأمل العودة حتى وان طالت تكون بلسماً لكل ما تتركه من أثر في النفس لأن لها مردوداً عظيماً حصل عليه المغترب. 2- أما الغربة الثانية وهي التي يكون لها تأثير عميق في النفس، فهي الغربة التي تحصل نتيجة لجفوة الوطن لمواطنه، وجوره عليه إما بشظف العيش وانعدام فرص العمل وطلب الرزق، أو لأنه كان مطارداً من قبل أهله وذويه وملاحقاً بالأذى، فالغربة لهذا تفرض نفسها عليه، ومنها يعيش بين تذكر قسوة الأهل وجفوتهم له وبين معاناة البعد عن الوطن. وطرفة ابن العبد يحسب هذا المرء الذي اغترب بهذه الصورة في عداد الهالكين، بقوله: وليس امرؤ أفنى الشباب مجاورا سوى حيّه، إلا كآخر هالك(1) وطرفة بن العبد شاعر جاهلي ولد نحو 538م وتوفي 564م واسمه: طرفة بن العبد بن سفيان بن سعد البكري الوائلي، ويكنى بأبي عمرو.