لن أتحدث في هذه المساحة عن شخصية قيادية حازمة.. ولن أتكلم عن رجل يهتم ببناء العلاقات الإنسانية في بيئة عمله.. ولن أسطر حروفاً_ لا يعيبها إلا الصدق- فيمن تصدق أفعاله أقواله، ولكنني سأتحدث عن شخصية واحدة وما امتزج فيها من صفات، فكانت بحق ملء السمع والبصر، وضوحاً في الرؤية، وصفاء في السريرة، ولطفا في التعامل، وتقديراً للجهود.! إنه المربي الفاضل حمد بن صالح الجاسر الذي حل ضيفاً عزيزاً على أهالي محافظة الزلفي منذ خمس سنوات حتى تمت إحالته على التقاعد مؤخراً بناءً على طلبه، فتحمل بكل اقتدار مسؤولية إدارة التربية والتعليم، ذلكم القطاع المهم في رسالته، السامي في أهدافه وغاياته، الكبير في حجمه وعدد المنتسبين إليه، أصدقكم القول: إنها لم تربطني بأبي ماضي علاقة خاصة رغم الزمالة والقرب في مجال العمل لسبب واحد هو أن علاقة هذا الرجل كانت مع الجميع دون استثناء تتسم بالقوة والحميمية، بل إن من تحدث إليه ظنه لا يعرف في الجمع سواه لما يخصه به من اللطافة وحسن الإصغاء! لقد حمل أبو ماضي المسؤولية فكان جديراً بها، وتحمل الأمانة فأداها كما يفعل المخلصون والناصحون من أبناء هذا البلد الكريم، فلقد كان نعم القائد القدوة في دوامه وقيامه بمهامه، ونعم المربي الحريص على جودة ما يقدم من برامج ونشاطات تربوية تنمي الموهبة وتهذب السلوك، ونعم المسؤول المتابع لأداء المعلمين، وأثر ذلك على مستويات الطلاب وقوة تعلمهم.. إنه رجل موقف وربان سفينة، مسؤول أثقلت كاهله المسؤوليات، وكريم نالت منه عظائم التضحيات، فامتزجت فينا مشاعر البهجة والحزن معاً يوم وداعه، فرحاً له بالراحة من عناء العمل، وتألماً لألم الفراق وقد نزل!! لقد شهدت إدارة التربية والتعليم بمحافظة الزلفي خلال فترة إدارته لها العديد من الإنجازات الكبيرة سواء في التوسع بافتتاح المدارس وإقامة المنشآت والمباني المدرسية أو الاجتهاد في توفير وبناء الكوادر المؤهلة لتلبية مختلف الاحتياجات التعليمية والتدريبية، كما عمل جاهداً طوال تلك الفترة على دفع عجلة التحديث والتطوير في أساليب العمل وتجهيزاته ورفع الروح المعنوية للعاملين وحثهم على استشعار روح الفريق الواحد، فحققت الإدارة بذلك سبقاً في مجال الابتكارات، ومراكز متقدمة في العديد من المنافسات، بل إن من طلاب مدارس الزلفي من مثل وفد المملكة العربية السعودية في بعض المسابقات الدولية! وباختصار غير مخل لم يكن أبو ماضي أسير التقارير الدورية التي ترفع للمسؤولين عن عطاءات إدارته وإنجازاتها، ولكنه كان حريصاً على أن تتحدث الإنجازات عن نفسها ثم لا يعيبه بعد ذلك أن يترك الفرصة للتقارير وهي ترصد تلك الإنجازات..!