طالعت في أحد الأعداد القريبة لهذه الجريدة العزيزة على قلوبنا صورة لمأساة إنسانية عظيمة وكارثة بشرية مفجعة تدمى لها القلوب وتدمع لها العيون وتتقطع لها نياط القلب حزناً وألماً ورحمة وشفقة. شاهدت ثلاثة أطفال من دولة شقيقة في صورة واحدة على صدر الصفحة الأولى من هذه الجريدة، شاهدتهم وهم عراة الأجسام.. ناحلي العظام.. غائري الأعين.. ضلوعهم تستطيع أن تعدها واحداً واحداً من آثار المجاعة وسوء التغذية والفقر الشديد.. يا ترى أيضاً ماذا شاهدت في تلك الصورة التي تستحق أن تكون صورة العام بل كل الأعوام؟.. في الحقيقة لم أشاهدهم يلبسون أفخر الثياب، ولا يأكلون أجمل وأفضل وأغلى الأطعمة.. تصوروا يا سادة ماذا شاهدتهم يأكلون؟!.. شاهدت أمامهم إناء صغيراً وبه بعض أوراق الشجر.. نعم!.. أوراق الشجر الذي لا يسمن ولا يغني من جوع وهم يقتاتون عليه وهو وسيلة غذائهم الوحيدة لبقائهم على قيد الحياة.. صورة مؤثرة وواقع مرير لأولئك الأطفال الذين حرموا أبسط حقوق الإنسانية للعيش في هذه الحياة، رحماك يا رب.. سترك يا إلهي.. عندما شاهدت تلك الصورة خرجت من عيني دمعة رغماً عني.. وعندها تذكرت أطفالنا، كيف يعيشون في بحبوحة من العيش الرغيد، وكيف يلبسون أغلى الثياب، وكيف يأكلون كل ما لذ وطاب لهم من الأطعمة، وبالرغم من ذلك قد لا يرضيهم ذلك.. تذكرت حياتنا وكيف نأكل حتى التخمة.. وكيف نلبس حتى نبلى، وكيف نرمي بقايا طعامنا للكلاب الضالة والقطط.. بل لسلة المهملات التي تحتوي على كل شيء من مخلفاتنا.. تذكرت تذمرنا من حياتنا وشكوانا الدائمة من حالنا بالرغم من أننا في أحسن حال، ولله الحمد.. عندما شاهدت الصورة رفعت يدي إلى السماء حمداً لله على هذه النعمة التي نعيشها ونحسد عليها.. وكذلك دعوت أن يفرج الله كربة كل مكروب وكل جائع وكل محتاج وكل صاحب مشكلة.. وأن يلهم أولئك المساكين الصبر.. وهنا أوجه دعوة إلى العظة والاعتبار وإلى شكر النعمة.. وحمد المولى على ذلك وبالتالي مد يد العون والمساعدة لكل ضعيف ومحتاج على تراب هذه الأرض المباركة. عبد الرحمن عقيل المساوي أخصائي اجتماعي - الرياض 11768 ص.ب 155546