جاء اتفاق السلام التاريخي الذي توصل إليه مفاوضو الحكومة الإندونيسية مع متمردي حركة اتشيه في ختام الجولة الخامسة من المفاوضات غير الرسمية بين الطرفين والتي استضافتها هيلسنكي في الفترة من 12 حتى 17 يوليو الحالي ليثبت دعائم الكيان الإندونيسي الموحد وينهي أطول نزاع مسلح شهدته رابع أكبر دولة في العالم من حيث السكان، والدولة الأكبر في العالم الإسلامي من حيث عدد السكان. وبات جلياً منذ البداية تصميم الطرفين على تذليل العقبات التي تحول دون تسوية النزاع المسلح في إقليم آتشيه سلمياً والذي أودى بحياة أكثر من 15 ألف شخص معظمهم من المدنيين خلال العقود الثلاثة الماضية وساهم إدراك الطرفين بأن الحرب لن تؤدي إلى تسوية قضية اقليم اتشيه إلى تقديم تنازلات جوهرية ساهمت في التوصل إلى اتفاق السلام.. ونتيجة لذلك قرر المتمردون اسقاط خيار الانفصال عن اندونيسيا الا أنهم صمموا على ضرورة السماح لهم بانشاء حزب سياسي في اقليم آتشيه لخوض الانتخابات المحلية القادمة.. وفي المقابل أعدت الحكومة مسودة تفاهم مشتركة لتسوية النزاع في الاقليم تتضمن عفواً عاماً لجميع المتمردين والسماح لهم باسترداد كافة حقوقهم المدنية ومنها حق التصويت والترشيح في الانتخابات المحلية القادمة وسحب قوات الجيش غير الأساسية من الاقليم ونزع سلاح متمردي حركة آتشيه. ورغم معارضة الحكومة في بداية المفاوضات لمطالب المتمردين بشأن انشاء حزب سياسي محلي في الاقليم فقد أبدى مفاوضو الحكومة مرونة فيما يتعلق بالاستجابة لذلك الطلب فيما بعد وأعلنت الحكومة موافقتها على انشاء حزب محلي في اقليم اتشيه على سبيل التجربة لمدة عام.. وقال مفاوضو الحكومة ان الرئيس الاندونيسي سوسيلو بامبانج يوديونو وافق على مشروع اتفاق السلام الذي اقترحه متمردو حركة آتشيه والذي يتضمن انشاء حزب محلي في الاقليم وهو طلب طالما رفضته الحكومة في جولات التفاوض السابقة بدعوى انه يتناقض مع القانون ويزعزع وحدة الدولة.. وأكد وزير الاتصالات والمعلومات الاندونيسي سفيان جليل عضو وفد الحكومة في مفاوضات هيلسنكي والذي شارك في جميع جولات التفاوض الأربع السابقة أن الرئيس يوديونو وافق على مشروع السلام المقترح من جانب المتمردين.. ورجح جليل توقيع اتفاق السلام بين الحكومة والحركة في السابع عشر من أغسطس القادم ليتزامن مع احتفالات اندونيسيا بعيد استقلالها. ويقضي مشروع السلام المقترح من جانب المتمردين بسحب غالبية قوات الجيش الاندونيسي من الاقليم والتي يبلغ قوامها حوالي 50 ألف جندى ونزع سلاح نحو خمسة ألاف شخص من أعضاء حركة آتشيه الحرة تحت اشراف حوالي 250 مراقبا أوروبيا و100 مراقب من رابطة دول جنوب شرق آسيا اسيان التي تضم اندونيسيا في عضويتها.. وفي السياق ذاته أكد الرئيس الاندونيسي يوديونو أن مفاوضي الحكومة وحركة اتشيه الحرة باتوا على أعتاب التسوية السلمية للنزاع المسلح في اقليم اتشيه. وأضاف الرئيس يوديونو أن الحكومة ستمنح حركة اتشيه مهلة ثلاثة أشهر لتنفيذ التزاماتها في الاتفاق المتوقع مشدداً على أن متمردي حركة اتشيه ينبغي عليهم تسليم أسلحتهم تمهيداً لتدميرها وحل الحركة خلال ثلاثة أشهر من توقيع الاتفاق المحتمل.. وأوضح أن الحكومة في المقابل سوف تسحب قوات الجيش والشرطة الزائدة في الاقليم تدريجيا مشيراً إلى أن حركة اتشيه يجب أن تلتزم بالمواعيد المحددة لتنفيذ الاشتراطات الواردة في اتفاق السلام المحتمل وعدم تكرار الانتهاكات للاتفاقيات السابقة.