لا يمكن تفعيل السياحة الوطنية، كما تسميها الهيئة العليا للسياحة في أدبياتها، إلاَّ إذا كان هناك وعي عام في المجتمع السعودي بأهمية السياحة كنشاط يتجاوز الرؤية الاقتصادية الربحية البحتة، وهذا أمر مقبول، فليس بالاقتصاد وحده يحيا الإنسان، ولم يكن الربح المادي يوماً معياراً لتقدم الشعوب وحضارتها، فهناك اعتبارات أخرى لا يجب إغفالها حتى يكون للشأن الاقتصادي تفاعل ودور في المجتمع. ولعل النشاط السياحي أكثر المجالات الاقتصادية قرباً من الإنسان ويلامس اهتماماته الاجتماعية والثقافية والفكرية المتعددة، وأحسب أن الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود -أمين عام الهيئة العليا للسياحة- قد أصاب كبد الحقيقة عندما أشار في مداخلته الهاتفية في برنامج (أبعاد) بالقناة الإخبارية المعاد بثه مساء الخميس غرة جمادى الآخرة 1426ه عند مناقشة قضايا السياحة الوطنية، ارتباطها بالإنسان السعودي ومحبته لهذه الأرض الطيبة في أعقاب الندوة التي أقيمت في ابها عن حب الوطن وتحية العلم. وقال الأمير سلطان ان للسياحة الوطنية دورا فاعلا في تفعيل اللحمة الوطنية بين أبناء هذه الأرض الطيبة وانها تسهم في التعريف والتقارب والتواصل بينهم. وهذا جانب لا يمكن إغفاله ويحسب لصالح السياحة الوطنية التي لا يمكن أن ننكر ما تشهده من تنمية ونمو رغم كل المعوقات الطبيعية أو البيروقراطية التي يعاني منها المستثمرون والعاملون في هذا القطاع الاقتصادي الحيوي الذي بدأ يتشكل ويتبلور ليكون جزءاً مهماً من نشاط القطاع الخاص في الاقتصاد السعودي. هذه الاستحقاقات غير الاقتصادية التي ترتبط بالنشاط السياحي تدعم هذا القطاع وتسهم في تنميته ونموه، وهي مسؤولية اجتماعية في المقام الأول، ومن المؤسف أن يكون بيننا وممن يتصدر للشأن الادبي في منطقة سياحية مهمة من يخالف ويهدم هذه الروح الوطنية ويعمل ضد اللحمة الوطنية، ويعتقد بأن فئة غالية من هذا المجتمع هي من جنس (طرش البحر) ويجاهر بهذا القول السيئ أمام جمع من الناس في محفل عام دونما رادع من أخلاق الإسلام التي تنبذ هذا النهج الفكري الشاذ. وأعرف ممن حضر هذا المحفل ترفعه عن الرد عليه، فبعض الجهلة قد يكون السكوت على تخرصاتهم أبلغ لو كانوا يعملون. ما بال أقوام ما زالت أفكارهم تعشش عليها هذه النزعات الفكرية الساقطة في زمن تأكد فيه أن قيمة الإنسان في عمله.. ألا ساء ما يعملون.