كثيراً ما نسمع على ألسنة الناس بعض الكلمات خاصة عند سرد قصة عن الكرم أو التواصل بين الناس واجتماعاتهم في المدن أو القرى أو الهجر، وعند سرد قصة ما يقول قائل: إن هذه القصة قديمة، وكأنه يقول: لا يمكن أن يحدث في زماننا هذا، فأقول: إن الأجيال التي تعيش الآن هم أبناء الأجيال الماضية، فالرجال هم الرجال، والكرم والسخاء والمروءة والوفاء، وبذل المال والجاه موجود قبل مئات السنين ولا يزال موجوداً بيننا غضا طريا. ومن الناس من هو أهل لذلك، وقد رأيت بعيني شيئاً من ذلك عندما زرت بلدة ضرية التي تبعد عن محافظة الرس حوالي مائتي كيلو متر بدعوة من أهلها وذلك في يوم الأربعاء الموافق 17-4- 1426ه والتي أبهرتني وراقتني بمناظرها الخلابة وشوارعها الفسيحة، وعمرانها الحديث. وآثارها الجميلة الرائعة، وأهلها الطيبين أهل الكرم والجود والشجاعة، تلك البلدة المتطورة هذا التطور الذي رأيته بعيني ظاهراً على صدرها، والذي شملها كما شمل غيرها من مدن وقرى مملكتنا الحبيبة في عهد خادم الحرمين الشريفين - يحفظه الله -. وأعود إلى ما بدأت به حديثي من المجالس الغنية بالشعر والقصص، وعلوم الرجال الأفذاذ، وتجمع الناس، فرأيت ما أثلج صدري عندما أحييت أمسية هناك في ضرية من بعد صلاة العشاء حتى الساعة الواحدة والنصف ليلاً، حيث تهاتف على حضور الأمسية جمهور غفير من محبي التراث الشعبي، من كبار السن والشباب حتى صغار السن، فأيقنت أن تراثنا الشعبي لا يزال بخير وله من يحبه ويعشقه، وأن التواصل بين أبناء هذه البلاد وحكومتها والتلاحم والتراحم لا يزال موجودا، وأن مملكتنا بخير في ظل القيادة الحكيمة بقيادة خادم الحرمين الشريفين أطال الله في عمره بالخير. وتمنيت زيارة هذه البلدة الطيبة - بأهلها - بين الفينة والأخرى؛ لما لقيته من حفاوة وتكريم وحسن استقبال، وكرم حاتمي يفوق الوصف، هذه البلدة صاحبة التاريخ المشرف المجيد القديم، التي كانت في عهد عمر بن الخطاب حمى لإبل الصدقة، وعرفاً مني وشكراً لأهل هذه البلدة التي اصبحت الآن تواكب بقية المدن في تطورها حتى صارت محافظة. هذه أبيات كتبتها في ضرية وأهلها جميعاً، وخاصة الأستاذ الشاعر القدير ناصر بن محمد العايد الذي بذل جهداً كبيراً وساهم في نجاح الأمسية: يا أهل الجيوب اللي نصيتوا ضرية الله يسهل دربكم بالمناعير خوذوا سلام من سمي لسميّة سلام أحلى من حليب المباكير سلام من ناصر لناصر هديّة إعداد ما تزعج هبوب المعاصير المدح للطيب لزوم عليّه ملزوم يذكر فاعل الخير بالخير نرفع له البيضاء بعالي طميّة ونشهر بصيت أهل الوجيه المسافير وأهل ضريّة كلهم بالسويّة والله يا شفنا معزة وتقدير ترحيب وعلوم ومجالس عديّة وسوالف تنسيك هم وتفكير الضيف يدله لا لفا في ضريّة في دار ناس ما تهاب المخاسير تلقى الشحم والطيب والشاذليّة وترحيب واحجاج يسر المسايير والناس يذكر طيبة من رديّة كل من أفعاله يجي له تقادير ومن خاطري لاهل ضرية تحية من خشم أبان لين تضفي على النير يستاهلون أهل الكرم والحميّة والمعذرة لو ما تفيد المعاذير