قد لا يختلف معي اثنان في أن حوادث الطرق بالجوف باتت ظاهرة تميز المنطقة عن سواها، وأن تكرارها وارتفاع نسب ضحاياها ما عاد يمثل حدثاً مفزعاً ومثيراً لاهتمام الكثيرين. هذه هي الحقيقة التي لا يمكن إغفالها فجثث الضحايا التسع التي استجمعناها بالأمس القريب مازالت ماثلة أمام عيوننا بل ومازالت لصرخاتهم وقع الأنين الباكي في آذاننا حتى اللحظة. ولست أدري إلى متى يبقى طريق الأمير عبد الإله وتقاطع المطار إلى هذه الدرجة من الخطورة؟! ولماذا يطول الانتظار وشبح الموت يتربص بالعابرين من بدايات الطريق وحتى نهايته؟ إنني لا أستطيع أن أواري هذا الوجع واخفي حزني وأنا ابنة المكان تعنيني سلامته وسلامة أبنائه كما تطربني أفراحه وسعادة سالكيه.. واسمحوا لي أن أتساءل - ونحن نعيش عصرا بات صوت التقنية فيه أعلى من أصواتنا - أين الإشارات الضوئية التي تنار آلياً ؟ وأين العواكس المرورية التي ترسم على أسفلت الطريق خطا يستهدي به العابرون ؟ وأين علامات التنبيه المقروءة التي تشير بحروف الاحتراس لقادة المركبات من خطورة المنعطف والمنحنى؟ وقبل كل هذا أين رجل المرور ذاته من طريقين باتا في عيوننا أشبه بالأكفان الممتدة ؟ هذه الأسئلة ربما لا يرضي سماعها مسئولاً ولكنها في رأيي أسئلة ملحة تحتاج الى جواب واضح عاجل وصريح، ورغم أني لست أول من تعرض للأمر بقلم الصراحة وربما لن أكون آخرهم إلا إنني استشعر اليوم الفزع من هذه الطرق المكسوة برداء الموت المخيف، وارى أن الجوف ذات الطبيعة الساحرة التي يلوذ بها الغير ليحتمي، ما ينقصها لاكتمال منظومة جمالها سوى يد تمتد لهذا الوجع لتداويه، يد تعلم أن السلامة بضاعة أغلى سعراً من بضاعة الموت. فقد وجه صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن بدر بن عبد العزيز أمير منطقة الجوف - حفظه الله - بإنشاء دوارين على تقاطعين من شارع الأمير عبد الإله بن عبد العزيز توخياً لسلامة سالكي الطريق. لكننا نطمع في مزيد من الأمان على هذا الطريق وكذلك عمل جسر يحتمي به العابرون بتقاطع المطار، فهذا في رأيي هو الحل الأقرب لسلامتنا وقبل هذا تبقى دعواتي ذات صوت عال ومسموع أن يتوخى العابرون الحذر وليتذكروا الجوف وهي تنادي بنبرات الحرص.. (حياتكم في عيني غالية فاحذروا تسلموا).