أكد صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن ناصر بن عبدالعزيز الرئيس العام للأرصاد وحماية البيئة في كلمة بمناسبة اليوم العالمي للبيئة، أنَّ الاهتمام بالبيئة وبقضاياها المتشابكة يستند إلى مبادئ أساسية ثابتة تجعل الاهتمام بالبيئة من أولويات اهتمامات الدولة بصفة عامة. ولعلَّ المتابع لمراحل تطور الإدارة البيئية في المملكة يلاحظ الخطوات التطويرية في مجال حماية البيئة. كما أن صدور النظام العام للبيئة ولوائحه التنفيذية في الفترة الأخيرة، يمثل قمة الاهتمام بالبيئة، وحمايتها، وتطويرها، ومنع التلوث عنها وحماية الصحة العامة والمحافظة على الموارد الطبيعية وتنميتها. وعلى ضوء ذلك فإن المستقبل القريب سوف يشهد نقلة نوعية في مجال الاهتمام بالبيئة وقضاياها، ذلك أن التخطيط البيئي أضحى جزءاً لا يتجزأ من التخطيط الشامل للتنمية في جميع المجالات والأنشطة الصناعية والزراعية والحضرية، وبالتالي تحقيق مفهوم التنمية المستدامة ومراعاة التوازن بين برامج التنمية ومتطلبات البيئة. وحول تفعيل نشاط الإدارة البيئية في المملكة فقد تمت بلورة الهيكل التنظيمي للجهاز المركزي للبيئة في المملكة ممثلاً في الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، وذلك لتطبيق مفهوم برامج التطوير التنظيمي الإداري لتفعيل نشاط الإدارة البيئية وفقاً لمتطلبات المرحلة الراهنة واحتياجات المستقبل، وبالتالي فإن العمل البيئي سوف يشهد تميزاً في الأداء ليشمل جميع مناطق المملكة من أجل المحافظة على البيئة وحمايتها وتطورها ومنع التلوث عنها. كما تجدر الإشارة إلى أن البيئة كتنظيم يتميز عن غيره من التنظيمات الإدارية الرأسية في قطاعات الدولة ذلك أنه تنظيم أفقي متداخل مع جميع التنظيمات الأخرى نظراً لأهمية الاعتبارات البيئية لكل النشاطات في القطاعين العام والخاص. وحول أهم المشكلات البيئية التي تواجه المملكة العربية السعودية، فإن المملكة مثلها مثل بقية دول العالم لديها بعض المشكلات البيئية، إلا أن هناك تأكيداً وتوجيهاً من قبل قيادات هذا البلد نحو الاهتمام بجميع القضايا التي تؤثر على البيئة والصحة العامة والسعي نحو معالجتها وفق الأساليب العلمية والفعالة المتبعة في معالجة كل مشكلة. ونظراً للنمو المتسارع لمختلف الأنشطة في المملكة والاطراد في أعداد السكان وما يصاحب ذلك من استنزاف للموارد فقد أدى ذلك إلى وجود بعض الظواهر السلبية، ممثلةً في مشكلة ارتفاع انبعاثات ملوثات الهواء، نظراً للارتفاع الكبير في معدل استهلاك الوقود في قطاع الخدمات والصناعة والنشاطات الاقتصادية مما يتطلب تفعيل البرامج البيئية التي تعنى بخفض انبعاث هذه الملوثات وتطبيق أنظمة المقاييس البيئية. وقد صادقت المملكة في مطلع العام الميلادي الحالي على الانضمام إلى اتفاقية بروتوكول كيوتو التي تهدف إلى الحد من الغازات المسببة لظاهرة التغيير المناخي العالمي. وكذلك لدينا مشكلة الاطراد في ارتفاع معدل النفايات المحلية، والنفايات الخطرة والطبية، وكذلك مشكلة ندرة المياه، واستخدامات الأراضي، ومكافحة التصحر، والضغوط البيئية على المناطق الساحلية من جراء تعدد الأنشطة الاقتصادية والحضرية، والنشاطات البترولية المتنامية والمهددة للبيئة البحرية. وعلى ضوء ذلك هناك نشاطات في مجال المسح البيئي، وإعادة التأهيل للمناطق المتضررة بيئياً، والتأكيد على تطبيق اللوائح الخاصة، في التخلص من النفايات المحلية، والنفايات الخطرة، والطبية، والعمل على إعداد معايير موضوعية لبرامج التفتيش والتدقيق البيئي. وتجدر الإشارة إلى أهمية تفعيل قنوات الاتصال مع الأجهزة ذات العلاقة من أجل تطوير أداء الأجهزة في مجال حماية البيئة وتنسيق الجهود الوطنية لمواجهة المشكلات البيئية، وتطبيق برامج التنمية المستدامة، ومتابعة تنفيذ الاتفاقيات والمعاهدات الدولية في مجال البيئة. كما يجب التأكيد على أهمية رفع مستوى الوعي بقضايا البيئة، وترسيخ الشعور بالمسؤولية الفردية والجماعية للمحافظة على البيئة. ويأتي في مقدمة ذلك الاهتمام ببرامج التربية البيئية في المدارس ذلك أن الطلاب هم نواة المجتمع في المستقبل مما يتطلب رفع ثقافتهم بالقيم البيئية لتصبح جزءاً من سلوكهم الحياتي. كما أن لوسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية دوراً بارزاً في رفع مستوى الوعي بقضايا البيئة من خلال إفراد المساحات الإعلامية لقضايا البيئة والتركيز على توجيه السلوك القيمي المرغوب نحو التعامل مع عناصر البيئة بأساليب إعلامية شيقة تستقطب جميع أفراد المجتمع بمختلف شرائحه. ونأمل من أن يتم الاستفادة من مراكز البحوث في الجامعات والمعاهد العلمية والمراكز الوطنية في تقديم الحلول العلمية للمشكلات البيئية، ودراسة ومتابعة الظواهر البيئية لدعم عملية اتخاذ القرارات تجاه مشكلات البيئة، والإسهام في بناء قواعد معلوماتية قائمة على أسس علمية فعَّالة.