أكد المهندس عبد العزيز بن عبد الله حنفي رئيس الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمحافظة جدة على أهمية إدارات جمعيات التحفيظ في تشجيع الناشئة والشباب على الانتظام في حفظ القرآن الكريم والحيلولة دون تسرب أعداد كبيرة منهم، وذلك من خلال توفير وسائل التحفيز والتنافس بين الطلاب، والتعاون مع أسر الطلاب والطالبات، مشيراً إلى أهمية دور وسائل الإعلام في التعريف بالدور التربوي والتعليمي والدعوي لجمعيات التحفيظ. وأضاف رئيس الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمحافظة جدة في حديثه ل(الجزيرة) أن جميع الحلول التي لجأت إليها جمعيات التحفيظ لتوفير مصادر تمويل دائمة لمناشطها لا تفي بالغرض على الوجه الأكمل، لأنها حلول وقتية.. مؤكداً على أن الوقف الإسلامي هو البديل، والحل الأمثل الذي يمنح جمعيات التحفيظ الاستقرار، ويقيها من مخاطر تذبذب وتفاوت الموارد المالية.. وفيما يلي تفاصيل الحوار: *** * إدارة جمعيات التحفيظ تتحمل جزءاً كبيراً من مسؤولية النجاح في استقطاب الشباب، وجذبهم لحفظ القرآن الكريم وضبط تلاوته والتمسك بآدابه ومثله العليا، فما الجهود التي تبذلونها في هذا الاتجاه؟ لاشك أن إدارة الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم تتحمل قسطاً كبيراً من المسؤولية في ترغيب الشباب بالجمعيات نظراً لمحدودية الأنشطة المتاحة للجمعيات ولذلك تُبذل جهود كبيرة لاستقطاب الشباب إلى حلقات التحفيظ وتقديم البرامج والأنشطة الترويحية والترفيهية المصاحبة للتحفيظ لتقوية رغبة الالتحاق بحلق القرآن الكريم كما تستهدف الجمعيات برسائلها أولياء الأمور لتشجيع الأبناء على حفظ القرآن الكريم كما تقدم الجمعيات المكافآت المالية والجوائز العينية للحفظة الخريجين والمتفوقين إضافة إلى الحوافز المعنوية وإذا أصبح الطالب والطالبة من أبناء الجمعيات تأتي الخطوة الثانية المتمثلة في تعليمهم القرآن الكريم بمنهج تربوي سليم يركّز على ترسيخ آداب القرآن الكريم ولذلك تعتبر جمعيات القرآن الكريم من عوامل بناء شخصية المواطن السوي وسطي المنهج والفكر لأنها تستهدف تأسيس شخصيته على منهاج النبوة وتستمد قيمها ومثلها العليا من قصص القرآن الكريم وقيمه وآدابه فتتكون شخصية الطالب على هذا النور والهدى والرشاد وبذلك تكون مخرجات الحلقات متفقة مع مصالح المجتمع لأننا جميعاً ننطلق من منطلقات واحدة هي القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة. * بم تفسرون تسرب عددٍ كبيرٍ من طلاب حلقات التحفيظ، بمجرد بلوغ مرحلة الشباب، وهل يعود ذلك إلى قصور في عمل الجمعيات، أم إلى وجود مؤثرات تصرف الشباب عن حلق التحفيظ؟ تسرب الطلاب من حلقات التحفيظ مع بلوغهم مرحلة الشباب له عدة عوامل وقبل أن أبدأ فيها أوضح أن هذه ليست ظاهرة حتمية بمعنى أنه ليس كل الشباب الذين يصلون إلى مرحلة عمرية معينة يتسربون من الحلقات هذا غير دقيق، يوجد تسرب ويمكن معالجة أسبابه لتلافيه ومن ذلك مسؤولية الأسرة فهي الموجه الأول للشباب وإذا وجد دافعاً وتحفيزاً من داخل البيت يدفعه بإقناع وحسن توجيه نحو حلقات التحفيظ ومتابعة دورية لتقدمه في الحفظ والتلاوة فستكون حالات التسرب محدودة أما إذا كانت نظرة الأسرة إلى دور الجمعيات التربوية غير واضحة وانعدام التكامل والمتابعة للطالب بين الأسرة والحلقات فلاشك أن الطالب سيكون استمراره ذاتياً ويمكن أن يزول هذا الاهتمام مع دخول أي مؤثراتٍ أخرى في حياة الشباب خاصة ملهيات مرحلة المراهقة، كذلك الإعلام والفضائيات والإنترنت والقرناء لهم دور كبير في صرف اهتمام الشباب بالحلقات، وهذه العوامل تحاول الجمعيات التغلب عليها بتوفير الأنشطة الترويحية والبرامج الرياضية والمسابقات إضافة إلى إيجاد الجو والبيئة العمرية المناسبة ليجدها الشباب بديلاً مناسباً عن الملهيات الأخرى ولذلك يأتي هنا دور المال فإذا كانت الجمعيات تمتلك الموارد المالية الكافية لإعداد البرامج المصاحبة لعمل الحلقات فسوف تنجح في منع تسرب الطلاب من الحلقات لأنهم يجدون المتعة الهادفة النظيفة والتنافس في الأنشطة ويستنفدون طاقاتهم وحيويتهم في الرياضة والمسابقات وغيرها وذلك كله وفق ضوابط وأوقات محددة حتى لا تطغى على العمل الأساس لحلق التحفيظ وهو تعليم القرآن الكريم، كما أن المعلم له دور في عملية التسرب إذا كان ضعيف الشخصية ولا يملك مقومات إدارة حلقة التحفيظ ولم يكن قدوة لطلابه في الانضباط والانتظام فسيؤثر ذلك في استمرارية الطلاب في التحفيظ. * من وجهة نظركم ما طبيعة دور الأسرة في إنجاح جمعيات التحفيظ في أداء رسالتها الخيرية، وما الذي تأملونه من أولياء أمور الطلاب والطالبات تجاه تشجيع أولادهم للاهتمام بالقرآن الكريم تلاوةً وحفظاً وتأدباً؟ الأسرة هي القدوة الأولى والموجه الحقيقي للأبناء والبنات وإذا كانت لدى الأسرة القناعة الكافية بأهمية حلقات تحفيظ القرآن الكريم في حياة أبنائهم من الناحية الدينية والتربوية والسلوكية فسوف يسهم ذلك كثيراً في إقبال الأبناء والبنات على الالتحاق بحلق وفصول التحفيظ ودور الإعلام إيجاد هذه القناعات من خلال توضيح الأدوار التربوية المهمة للجمعيات وإبراز منجزاتها وتقديم أمثلة نموذجية للطالب الحافظ المتفوق دراسياً والسوي سلوكاً وفكراً لإيجاد انطباع إيجابي صحيح عن دور الجمعيات كذلك تحاول الجمعيات الإسهام في تقديم تلك الصورة من خلال إقامة الاحتفالات لتكريم حفظة كتاب الله الكريم كل عام وتوجيه الدعوات العامة لكل الراغبين في الحضور وإقامتها في أماكن عامة تتسع لأعداد كبيرة من الحضور كما تحرص على رعاية تلك الاحتفالات من قِبل أمراء المناطق لإيجاد حافز آخر وثقة وطمأنينة لدى الناس وتكوين المصداقية التي تسهم كثيراً في إقناع الأسرة بأهمية إلحاق أبنائهم وبناتهم بالجمعيات خاصة وهم في السنين الدراسية الأولى لصفاء أذهانهم وقوة ملكة الحفظ والاستيعاب لديهم ولعدم وجود الشواغل المانعة من الاستفادة والحفظ. * ضعف مصادر التمويل الدائم مشكلة تعاني منها بعض الجمعيات في الأعوام القليلة الماضية، فهل أمكن إيجاد حلول لهذه المشكلة وهل ثمة حلول أو بدائل جديدة تقترحونها في هذا الصدد؟ هناك حلول متعددة لجأت إليها بعض الجمعيات ولكنها في نظري حلول وقتية لا تغطي الحاجة المستمرة والبديل في نظري هو الوقف الإسلامي باعتباره يمثل مورداً دائماً ومستقراً تستطيع الجمعيات الاعتماد عليه بشكلٍ كبير وثابت فهو يمكنها من استخدام الإيرادات مع بقاء الأصل، فعامل الاستقرار والثبات مهم في مسيرة عمل الجمعيات لأن التذبذب في تغطية النفقات يؤدي إلى نتائج سلبية تؤثر على المعلمين والأنشطة والبرامج وينعكس ذلك سلباً على الحلقات وأتمنى أن تعمل وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد على دعم التوجه إلى الوقف الإسلامي وتنفيذ حملة إعلامية تعريفية ومن خلال خطباء المساجد والوعاظ لحفز الموسرين على إحياء هذه السنة المباركة التي تعود بالخير على أصحابها وعلى جمعيات القرآن الكريم. * كيف تستطيع جمعيات التحفيظ الإسهام في القيام بدورٍ فاعل في خدمة المجتمع، وعلاج القضايا المهمة مثال ذلك مواجهة التطرف والغلو والقيام بواجب الدعوة إلى الله على هدى وبصيرة وترسيخ وسطية الإسلام وغيرها من المناشط؟ طبيعة عمل جمعيات القرآن الكريم تربوي مكمل لرسالة التعليم مما يؤهلها للقيام بهذا الدور على أكمل وجه فهي تستمد منهجها من القرآن الكريم ويرتبط أبناؤها في حلق التحفيظ بكتاب الله الكريم حفظاً وتلاوةً وتجويداً وفهماً وتعيين معلمين أكفاء ذوي توجهات صحيحة وسطية ويخضعون لمقابلات واختبارات مسبقة قبل التعيين إضافة إلى الإشراف والمتابعة المستمرة حيث يتم إيفاد مشرفين لزيارة الحلقات واحتياجاتها والوقوف على الأساليب التي يستخدمها المعلم في تعليم طلاب الحلقات، وأؤكد أن جمعيات القرآن الكريم تقوم بدورٍ كبير في توعية الشباب وتنشئتهم على الفكر الصحيح الرشيد وطلاب التحفيظ هم أكثر شباب المجتمع حصانةً تجاه أي فكرٍ دخيل أو ضال فقد غرست في نفوسهم أخلاق الإسلام السمحة وتعظيم حرمات الله عز وجل ومنها حرمة الاعتداء على الأنفس والممتلكات والخروج على الطاعة وهذه ليست قيماً جديدة تم ابتكارها توافقاً مع المرحلة بل هي أسس مستمدة من القرآن الكريم يمكن لمن شاء الرجوع إليها في كتاب الله عز وجل وقد ركزت عليها الجمعيات مثل غيرها من مؤسسات التربية والتعليم في بلادنا المباركة إلا أن الجمعيات تعطي جرعات أكبر للشباب بحكم تركيزها على تحفيظ القرآن الكريم ولابد من القيام بدور تجاه الشباب فليس صحيحاً تركهم دون إشراف أو توجيه فمن هنا يحدث الخلل وتظهر السلبيات لوجود بيئة مناسبة يستفيد منها مروجو الفكر الضال والمنحرف فيسهل عليهم احتواء الشباب لعدم وجود الحصانة والرؤية الصحيحة التي تمكنهم من إدراك الغث من السمين والنافع من الضار والوسطي من المنحرف. * تعاني كثير من جمعيات التحفيظ من غياب العنصر البشري المؤهل للعمل في مجال التحفيظ من معلمين ومشرفين وموجهين، فما هي أسباب ذلك رغم التزايد الملحوظ والكبير في أعداد الحفظة الذين يتخرجون في هذه الحلقات عاماً بعد عامٍ، وكيف يمكن علاج هذا النقص؟ رغم الأعداد الكبيرة من المعلمين من أبناء هذا البلد الذين تخرجهم الجمعيات سنوياً إلا أن عددهم قليل في حلقات التحفيظ قياساً بالحاجة الفعلية إلى الحلقات وسبب ذلك التحاق عددٍ كبيرٍ منهم بوظائف في القطاع العام أو الخاص بمزايا لا تستطيع الجمعيات الخيرية توفيرها لهم أو الانتقال إلى مدنٍ أخرى أو استكمال تعليمهم العالي وارتباطهم الاجتماعي تحول دون استفادة الجمعيات من خريجيها بالشكل المأمول وان كانت تحققت بعض الأهداف المهمة بتخريجهم منها تنشئة جيل سوي مرتبط بأخلاق القرآن الكريم متوائم مع مجتمعه له رؤيته الواضحة البناءة في التكامل مع الآخرين متجانس مع بيئته طموح ويعرف قدر العلم وفضل العلماء إلا أن حاجة حلقات التحفيظ إلى معلمين مؤهلين وخصوصاً من أبناء هذا البلد تظل معضلةً ونقصاً تبحث الجمعيات جاهدة لإكماله، فالمحاولات مستمرة لاستقطاب الخريجين الحفظة في تدريس القرآن الكريم بحلقات التحفيظ من خلال تقديم حوافز ورواتب مجزية وكذلك الحال بالنسبة للمشرفين والموجهين إلا أن التركيز دائماً على عنصر المعلم باعتباره مطلوباً بأعداد كبيرة وهو المحور في نجاح أو عدم نجاح حلقات التحفيظ في أداء رسالتها. * تأهيل وتدريب العاملين في مجال التحفيظ ضرورة للوقوف على أحدث وسائل التحفيظ والاستفادة من التقنيات التعليمية المتطورة، فأين أنتم من هذا الأمر، وهل ثمة خطة للتدريب وتأهيل العاملين في مجال التحفيظ؟ جمعية القرآن الكريم بجدة أولت هذا الجانب أهمية خاصة لإدراكها بأهمية تحديث كفاءة العاملين وقدراتهم بشكلٍ دوري سواء في المجالات التعليمية وهي الأساس أو في المجالات الإدارية والمالية وتقنية المعلومات، وقد بدأت الجمعية بإنشاء إدارة التدريب قبل سنوات طويلة ثم بعدها تطورت الجمعية وزادت الحاجة إلى التدريب والتطوير المستمرين فأنشأت معهد الإمام الشاطبي حيث يقدم برنامج دبلوم إعداد معلمي القرآن الكريم ويهدف إلى تأهيل معلمي القرآن الكريم علمياً وإدارياً وتربوياً ومدته أربعة فصول دراسية والالتحاق به مفتوح لأبناء الجمعيات والجمعيات الأخرى لمن تتوافر فيهم الشروط كما يقدم المعهد دورات قرآنية متعددة في تحسين التلاوة ودورات أساسية في التجويد والشاطبية والجزرية ودورات في طرق تدريس الحلقات هذا فيما يتعلق بالنواحي التعليمية أما من الناحية الإدارية والتطويرية يقدم المعهد العديد من البرامج التدريبية طوال العام في مهارات الاتصال والتفاعل مع بيئة العمل ومهارات السكرتارية ودورات إدارة الوقت والتدريب وتنمية الذات كما يقوم المعهد بمراجعة سنوية للاحتياجات التدريبية بالتنسيق مع إدارات الجمعية ووضع خطة تدريبية تنفذ على مدار العام، كما تقوم الجمعية بالاستفادة من التقنية التكنولوجية المتطورة وتسخيرها وفق الإمكانات المتاحة لخدمة كتاب الله الكريم وأحدثها خدمة الإنترنت حيث ارتبطت الجمعية في تعاملاتها مع فروع الجمعية في منطقة مكةالمكرمة بالبريد الإلكتروني لسرعة تداول المعاملات كما انشأت المقرأة الإلكترونية لتعليم القرآن الكريم التي تمتد خدماتها لكل دول العالم من الراغبين في التسجيل فيها وتصحيح تلاواتهم أو تعلم القراءة والتجويد وقد لاقت المقرأة إقبالاً كبيراً ومنتظماً فاق قدرتها المتاحة وتقوم الجمعية بعمل مراجعة مستمرة وتقييم دوري لمعرفة مدى الاستفادة من المقرأة الإلكترونية من ناحية استمرارية الطلاب وانضباطهم وتقدمهم في تعلم القرآن الكريم لذلك يقتصر العمل حالياً على الاستماع للطلاب وتصحيح تلاواتهم وتجويدهم دون الحفظ نظراً لبداية العمل في هذا الجانب ولكون الأعداد كبيرة فالتوسع في ذلك يحتاج إلى نوع من التدريج والروية وقياس الاحتياجات والإمكانات والقدرة المتاحة. * نود إلقاء نبذة عن نشاط جمعية التحفيظ التي تتولون إدارتها أو رئاستها، وعدد الطلاب والمعلمين والمشرفين فيها؟ الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمحافظة جدة انشئت قبل أكثر من 28 عاماً ونشاطها تعليم القرآن الكريم تلاوةً وحفظاً وتجويداً وتهدف من خلال ذلك إلى تربية أبناء وبنات المجتمع على كتاب الله الكريم وأخلاقه وآدابه وتعريف المجتمع بأهمية القرآن الكريم وفضله، وعدد طلاب الجمعية (39648) طالباً وطالبة، وعدد المعلمين (1108) معلمين و(1135) معلمة، وعدد حلقات وفصول تحفيظ القرآن الكريم (1299) حلقةً وفصلاً، وعدد الحافظين الذين خرجتهم الجمعية العام الماضي بحمد الله تعالى (400) حافظ وحافظة، وتقيم سنوياً المسابقة القرآنية الكبرى بالإضافة إلى الحفل السنوي لتكريم الحفظة كما تسهم الجمعية في خدمة المجتمع من خلال توفير أئمة من أبنائها الحفظة للإمامة بالناس في صلاة التراويح في شهر رمضان المبارك وإقامة المقارئ القرآنية بالمساجد الكبرى في شهر رمضان المبارك وتُقام بعد صلاة العصر والهدف منها تصحيح تلاوة القرآن الكريم للعامة ممن يرغبون الجلوس إلى المقرأة وتعلم التجويد وقراءة القرآن.