يعد مفهوم الانتماء الوطني من المفاهيم العالمية، والمهمة في عالمنا المعاصر الذي أصبح مفهوم الانتماء من المفاهيم المتداولة في وسائل إعلامنا وفي محاضراتنا وندواتنا بل أصبح مفهوما رئيسا في حياتنا العامة، ولقد تناول المهتمون بأدبيات التربية بموضوع الانتماء الوطني من خلال البحوث التربوية والكتب المتخصصة من خلال إيراد تعريفات لمفهوم الانتماء ومدلولاته وقد عرف هذا المفهوم لغة: معناه الانتساب، فانتماء الولد إلى أبيه انتسابه إليه واعتزازه به، والانتماء مأخوذ من النمو والزيادة والكثرة والارتفاع فالشجر ينمو وكذلك الإنسان. كما عرف البعض الانتماء اصطلاحاً هو الانتساب الحقيقي للدين الإسلامي والوطن فكراً ومشاعر ووجداناً، واعتزازاً لفرد بالانتماء إلى دينه من خلال الالتزام بتعاليمه والثبات على منهجه وتفاعله مع احتياجات وطنه وتظهر هذه التفاعلات من خلال بروز محبة الفرد لوطنه والاعتزاز بالانضمام إليه والتضحية من أجله. ومفهوم الانتماء الوطني وراثي يولد مع الفرد من خلال ارتباطه بوالديه وبالأرض التي ولد فيها، ومكتسب كذلك وينمو أكثر من خلال مؤسسات المجتمع المتمثلة في المدرسة والأسرة والإعلام والمسجد والجامعات وخاصة عندما يرتبط هذا المفهوم بوطننا المملكة العربية السعودية فحب وطننا المملكة وانتماؤنا إليه والولاء له واجب وغريزي في كل ما ورثه من آبائه ونما من خلال مؤسساته وتوارثنا لحب وطننا يعود إلى أن حب الوطن واجب لدى كل فرد تجاه وطنه وخاصة عندما يكون هذا الوطن المملكة فهي مهبط الوحي ويوجد به الحرمان الشريفان اللذان كرمنا الله سبحانه وتعالى بوجودهما وبقيادة حكيمة جعلت من الدين الإسلامي شريعة ومنهجا ومن تطوير الوطن غاية وهدفا. ولقد تناول المهتمون بالكتابة في مضامين الانتماء الوطني بالكتابة عن الانتماء وتحديده بشحنة عقلية وجدانية كامنة بداخل الفرد تظهر في الموقف ذات العلاقة بالوضع على مستويات ومجالات مختلفة يمكن تحديدها من خلال مجموعة من الممارسات السلوكية الصادرة عن الفرد بحيث تكون تلك الممارسات معبرة عن موقف الفرد ورؤيته تجاه ما يحدث من مواقف في مجتمعه، ولقد ظهر الكثير من مضامين الانتماء الوطني الجيدة من خلال الشحنات الوجدانية الايجابية لدى المواطنين السعوديين خلال الأحداث التفجيرية التي وقعت في وطننا من خلال ان هذه المواقف تمثلت في حب أفراد المجتمع لوطنهم من خلال مساعدة رجال الأمن بالتبليغ عن أصحاب الفكر التفجيري والقبض على الكثير منهم ولله الحمد، كما عبر الجميع عن تضامنهم مع ولاة أمرنا وعلمائنا ووطنهم من خلال زيارة رجال القبائل إلى ولاة الأمر وتقديم ولائهم ورجالهم فداء للوطن، كما تناول الكثير من المواطنين الكتابة عن حب الوطن وأهمية الوقوف مع قيادتنا وتحليل الفكر التكفيري التفجيري، كما قام الكثير من المواطنين بزيارة رجال الأمن المصابين في المستشفيات والاطمئنان عليهم والتبرع بالدم للمصابين وهذا مؤشر مهم وكبير في تفاعل أبناء المجتمع السعودي مع بعضهم البعض في جميع مؤسسات الوطن وتشكيل لوحة جميلة من التكامل والتعاضد والتشارك لأبناء هذا الوطن الكريم. ويعد الانتماء حاجة من الحاجات المهمة التي تشعر الفرد بالروابط المشتركة بينه وبين أفراد مجتمعه وتقوية شعوره بالانتماء للوطن وتوجيهه توجيها يجعله يفتخر بالانتماء ويتفانى في حب وطنه ويضحي من أجله، كما أن مشاركة الإنسان في بناء وطنه تشعره بجمال الحياة وبقيمة الفرد في مجتمعه وينمي لدى الفرد مفهوم الحقوق والواجبات وانه لا حق بلا واجب وتقديم الواجب قبل الحصول على الحق.. ومن مضامين الانتماء قيمة الاعتزاز والفخر بالانتساب لهذا الوطن ولجميع مؤسساته المدنية والأمنية والعمل الجاد من أجل تحقيق المصلحة العامة لأبناء هذا الوطن.ويشتمل الانتماء على قيم مهمة تتمثل في قيمة محبة الفرد لمجتمعه وحرصه عليه وتفاعله مع جميع أفراده وخاصة أن وطننا هو مهبط الوحي وبه انتشرت الدعوة المحمدية ويتجه له في كل يوم جميع المسلمين بل عبر الرسول عليه الصلاة والسلام عن حبه وشوقه وحنينه لموطنه مكةالمكرمة وهو يخرج منها مرغما من قبل كفار مكة لذا عبر عن خروجه بقوله عليه الصلاة والسلام في معنى الحديث ما أطيبك من بلد، وما أحبك إلي، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك،. هكذا عبر الرسول عن حبه موطنه مكةالمكرمة، ولقد تغنى الكثير من الأدباء والشعراء بقصائد ومقالات في حب أوطانهم وافتخارهم بها، كما أن الفرد يناضل من أجل وطنه عرفانا بفضله عليه وبالتغني بهوائه وبجمال أشجاره وبصفاء سمائه وبطيب خيراته.كما تعد طاعة ولاة أمرنا والتفاعل معهم والالتفاف حولهم جزءا مهما لتحقيق الانتماء الوطني وتحقيق تماسك المجتمع ونجاحه في تحقيق أمنه ونجاح خطط التنمية وتحقيق رفاهيته وخاصة أن ولاة أمرنا يحكمون بالشريعة الإسلامية ويطبقونها في جميع مناحي الحياة، وأنهم يعملون على خدمة مواطنيهم والحرص على راحتهم والعمل على تطوير مجتمعنا مع المحافظة على قيمنا ومسلماتنا، والعمل على نشر الدين الإسلامي في جميع أنحاء العالم ولله الحمد، كما أن لولاة أمرنا دورا كبيرا في دعم العمل الخيري في جميع ما يهم الإنسان السعودي من خلال جمعيات تحفيظ القرآن والجمعيات التي تهتم بتقديم الخدمات مثل جمعيات المعاقين وجمعيات الأيتام وغيرها من الجمعيات الأخرى التي هي جزء من قوة هذا الوطن وتماسك جميع أفراده. كما أن تحديد مرجعيتنا الشرعية في علمائنا الشرعيين المعتبرين والالتفاف حولهم والسمع لتوجيهاتهم وتقديرهم والدعاء لهم جزء من الانتماء الوطني إلى هذا الوطن المسلم الذي هو قبلة جميع المسلمين وجزء من الحفاظ على وحدتنا الوطنية التي هي نسيج جميل في هذا العصر الذي نعيش فيه. كما تتناول قيمة الانتماء الوطني حرص أبناء المجتمع على الحوار بين أفراده وإبراز ثقافة أدب الحوار وأدب ثقافة الخلاف وجعل مصلحة الوطن بارزة أمام الجميع، فالحوار من أجل الوطن وليس من أجل تحقيق تفوق شخصي أمام الآخرين. ولقد تم انشاء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني ومنه انطلقت لقاءات الحوار الوطني الأول في مدينة الرياض وتبعه اللقاء الثاني في مكةالمكرمة والمدينة المنورة والمنطقة الشرقية والمنطقة الجنوبية نتج عن هذه اللقاءات تواصل أفراد المجتمع من خلال مناقشة المواضيع التي تهم أفراد المجتمع وتم سماع الرأي الآخر بينهم وسماع ما يراه الطرف المقابل وتم في لقاء المنطقة الشرقية مناقشة قضايا الشباب في جو وطني اشتمل على الصراحة والشفافية وهذا أمر ساهم في تواصل المجتمع مع احتياجاته والوقوف على منجزاته كما تمت مناقشة العلاقة مع الطرف الآخر وكيف نتعامل معه وكيف نسمع له ونتحاور بهدوء. ومن قيم الانتماء الوطني العمل على إبراز قيمة الوحدة الوطنية وجعلها هدفاً يعمل الجميع على تحقيقه والمحافظة عليه وان الوحدة الوطنية هي من مسلمات وطننا التي نعمل على تقويتها والحفاظ عليها وان وحدتنا الوطنية هي من مكتسبات هذا الوطن وهي جزء من تفوقه على الكثير من المجتمعات الأخرى فنجد أن أسس التطوير التي نسجها موحد المملكة الملك عبدالعزيز - رحمه الله - لهذا الوطن ساهمت في وصول وطننا إلى مصاف دول العالم المتطورة فبلغت إنجازات وطننا في المجال الطبي إلى مجاراة دول العالم ومنها على سبيل المثال إجراء عمليات فصل الأطفال السياميين الذين قدموا من دول أوروبا وآسيا وافريقيا وهذا مفخرة لأبناء هذا الوطن كما أن التعليم أصبح له النصيب الأكبر في الميزانية السنوية وهذا له أثر في الاستثمار في العقل البشري السعودي. كما أن قيمة التسامح جزء مهم من قيم الانتماء الوطني لأن من يعيش على أرض هذا الوطن له الحق في المشاركة في بناء حضارته والمساهمة في التفاعل مع مجتمعه وخاصة ان جميع من يعيش على أرض هذا الوطن يدين بالدين الإسلامي ولله الحمد. ويعد الحفاظ على الأمن جزءاً مهماً من الانتماء الوطني للفرد والمجتمع حيث أن المواطن يعيش على أرض هذا الوطن ويعمل على الحفاظ على أمن الوطن الفكري والأمني والاجتماعي والاقتصادي. ويعمل التعليم على تنمية الانتماء الوطني لدى الطلاب من خلال: - غرس الانتماء للوطن لدى الطالب لأنه إحدى دعائم بناء الفرد والمجتمع واعتبار الفرد جزءاً منه ومعرفة الأحداث الجارية في الوطن والتفاعل معها ايجابياً. - قيمة طاعة ولاة الأمر وهي قيمة مهمة تعمل على تعريف الطلاب بواجباتهم تجاه ولاة أمرهم ووجوب طاعتهم والعمل على المساهمة في بناء تنمية الوطن. - توجيه منسوبي المؤسسة التربوية في المشاركة في شؤون المجتمع ويظهر ذلك في الخطوات المتميزة التي خطتها المملكة من خلال ادخال الانتخابات البلدية التي أظهرت مشاركة جميع فئات المجتمع في هذه الانتخابات وهذا جزء من تفاعل المواطن مع وطنه كما يعمل الطالب على تقديم أهداف مجتمعه على أهدافه الشخصية. - الاهتمام بالآخرين ويظهر ذلك من خلال الاهتمام بالطالب وعائلته والتفاعل مع جيرانه ومجتمعه. - الالتزام بالسلوك الجيد والأخلاق الحميدة ويظهر ذلك في جميع المواد الدراسية التي تعمل على غرس القيم الإسلامية وتنميتها لدى الطلاب. - القدرة على امتلاك المعارف والمعلومات عن أنظمة الوطن ولوائحه وعن مؤسسات المجتمع المدني والأمني. - القدرة على مناقشة الأفكار والآراء بشكل علمي سليم من أجل تزويد الفرد بالكثير من المفاهيم والاتجاهات الايجابية. - احترام عادات وتقاليد المجتمع وتقدير مؤسساته واحترام أنظمته والمحافظة على ثرواته.وإلى مزيد من البناء والتقدم يا وطني وإلى مزيد من العطاء والتنمية لإعداد المواطن الصالح لخدمة دينه ووطنه في جميع المجالات. وفي الختام نسأل الله سبحانه وتعالى ان يحفظ وطننا من كل سوء ومكروه وأن يديم علينا نعمة الأمن والأمان إنه سميع مجيب.