أجمع عدد من الدعاة على أهمية تفعيل الجهود الرامية لإحياء سنَّة الوقف لزيادة إسهامات الأوقاف في تحقيق التكافل الاجتماعي بين أبناء الأمة الإسلامية، ودعم أعمال البر والخير ذات النفع العام وسد الاحتياجات الضرورية للفئات المعوزة واستعادة الدور الرائد الذي قامت به الأوقاف الإسلامية على مدار عصور طويلة في دعم مناشط تحفيظ القرآن الكريم، والعناية بالمساجد، وتعليم فقراء المسلمين قبل تراجعها في هذا العصر.. وطرح العلماء والدعاة الوسائل اللازمة لإحياء سنَّة الوقف، لتكون وسيلة دائمة لتمويل الأعمال الخيرية وخدمة المجتمع الإسلامي، فما هذه الوسائل ومسؤولية العلماء والدعاة وطلبة العلم في التعريف بالوقف وثواب الواقفين والآثار المترتبة عليه؟ تعدد المنافع بداية أوضح الشيخ أحمد بن عبد العزيز الرصيص مدير شؤون الأوقاف بفرع الوزارة بالرياض أن الوقف يعد أحد التشريعات التي تحقق المصلحة للمجتمع الإسلامي، وقد ندب الإسلام المسلمين لفعله لما فيه من مصالح جمَّة، ومنافع عديدة وفوائد تعود على المجتمع بالخير الكثير، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ}، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) رواه أبو داود والترمذي والنسائي، إضافة إلى أنه يعتبر من الصدقات الجارية، التي يدوم ثوابها بعد موت صاحبها، قال جابر بن عبد الله رضي الله عنه: ما بقي أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم له مقدرة إلا وقف، وورد عن ابن عمر رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب أصاب أرضاً بخيبر، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأمره فيها فقال: يا رسول الله إني أصبت أرضاً بخيبر لم أصب مالاً قط أنفس عندي منه، فما تأمر به؟ قال: إن شئت حبست أصلها وتصدَّقت بها، قال فتصدَّق بها عمر أنه لا يُباع (أصلها) ولا يوهب ولا يورث، وتصدَّق بها في الفقراء وفي القربى وفي الرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل والضيف، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف، ويُطعم غير متمول.. رواه البخاري ومسلم. وأضاف الرصيص: ويعد الوقف الإسلامي من الخصائص التي انفرد بها الإسلام، ودعا إلى تطبيقها حرصاً منه على زيادة أعمال البر والإحسان من المسلمين تقرباً إلى الله تعالى، وتوثيقاً للعلاقات فيما بين الناس جميعاً داخل المجتمع الإسلامي، فأجاز الوقف على الفقراء والأغنياء، والأقرباء والغرباء والمسلمين وغيرهم من أهل الذمة، الذين يعيشون داخل المجتمع الإسلامي بشروط ذكرها فقهاء المسلمين وفتح الباب واسعاً لكل الناس أن يقوفوا من أموالهم نصيباً ينفق في وجوه الخير. وقد استجاب رجال الإحسان عبر التاريخ الإسلامي لهذا الترغيب الإسلامي، فوقفوا الأوقاف المختلفة في الخيرات، وهذا حال أكثر بلاد المسلمين، كما اهتم السلف بتوزيع الأوقاف الإسلامية في موارد مختلفة جعل منه وسيلة تنمية حقيقية للمجتمع، يؤدي دوره في تحقيق مرضاة الله عزَّ وجلَّ وخدمة العباد، وهذا الدور التاريخي للوقف يمكن أن يتجدد في كل وقت إذا تحققت النية الطيبة، والتخطيط السليم، والرعاية الصحيحة ويستطيع الوقف الإسلامي أن يلعب دوراً مهماً في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في كل بلدان العالم الإسلامي إذا توافرت أمور منها: - وضع الأنظمة والقوانين التي تحمي أموال الوقف وممتلكاته من التعديات، وتساهم في تنمية دور هذه الأموال في الخطط الاقتصادية والاجتماعية في الدولة، على أن تسند مهمة وضع الأنظمة والقوانين للخبراء من الفقهاء والاقتصاديين. - وضع الأنظمة والقوانين التي تجعل عملية وقف أموال وممتلكات المحسنين سهلة بسيطة مضمونة. - العمل على توسيع ممتلكات وأموال الوقف، بتشجيع المحسنين من خلال خطط إعلامية وإرشادية. - فتح القنوات الاستثمارية الحديثة أمام غلال الأوقاف بما يتماشى مع الأحكام الشرعية. وأكَّد على أنه لو تم تفعيل الوقف بما يناسب احتياجات العصر لأحدث ثورة في البلاد الإسلامية تتبدل على أثرها حال المجتمعات الإسلامية في جميع المجالات خاصة في مجال العلم والأوضاع الاجتماعية، وسينتفع من الوقف الفقراء والدعاة والأيتام ومريدو الزواج. وأضاف: تتعدد الأوقاف بتعدد الحاجات التي في المجتمع، بل إن النفع حينها لن يكون مقتصراً على من وقف عليه، بل سيتعدى الأمر إلى أكبر من ذلك.. ومن هنا نرى أن دور العلماء وطلبة العلم والأجهزة الحكومية المعنية والجهات والجمعيات الخيرية هو دور بالغ الأهمية عظيم الشأن في تعريف الناس - وأهل الثراء خاصة - بفضل الوقف وعظم ثوابه ودعوتهم إليه وتحبيبهم فيه بشتى الطرق بالمحاضرات والندوات والمؤتمرات والدعوات الخاصة والعامة والزيارات والحملات المنظمة من الدولة وفقها الله كما حدث ويحدث في هذه البلاد المباركة. إعلام الوقف ومن ناحيته أوضح الشيخ الدكتور صالح بن غانم السدلان أستاذ الدراسات العليا بكلية الشريعة بالرياض أن الله عزَّ وجلَّّ شرع الوقف تزكية للنفس والمال، وتحقيقاً للتكافل بين أبناء الأمة الإسلامية، ودعماً لأعمال البر والخير، وأن الأوقاف الإسلامية ساهمت على مدار عصور طويلة في دعم مناشط تحفيظ القرآن الكريم، والعناية بالمساجد وتعليم فقراء المسلمين وغيرها من مجالات الخير، إلا أنها تراجعت في عصور أخرى فلا بد لنا أن نعيد إحياء سنَّة الوقف لتكون وسيلة دائمة لتمويل الأعمال الخيرية وخدمة المجتمع الإسلامي، وهذا هو دور العلماء والدعاة وطلبة العلم في التعريف بالوقف وثواب الواقفين والآثار المترتبة عليه. وأضاف: لا بد من الإقبال على الوقف وإقامة ما يذكّر الناس من مؤتمرات وندوات ومحاضرات ودعوات عامة وخاصة ومراكز علمية وغير ذلك على مختلف الشرائح والمستويات وأن تقوم وزارة الشؤون الإسلامية مشكورة برعاية ومواصلة ما قامت به أولاً وأن يتم ذلك في جميع مناطق المملكة الثلاث عشرة في كل عام بأن تقام ندوة أو محاضرات أو مؤتمر عن الوقف وتدعى لحضوره جميع المؤسسات والمدارس على مختلف مراحلها المتوسطة والثانوية والجامعة، وكذلك القطاع العام والقطاع الخاص وتعد مطويات إعلامية وكتيبات تعريفية عن دور وأهمية الوقف في العمل الاجتماعي والتكافلي والتراحمي بين المسلمين لحث الناس على الوقف والاهتمام به وبيان أثره وتأثيره. الوقف والمطلوب منا ومن جانبه قال الشيخ حمد بن إبراهيم الحريقي الداعية بفرع وزارة الشؤون الإسلامية بمنطقة الجوف: إن الوقف شرع تزكية للنفس والمال ولتحقيق التكافل بين أبناء الأمة الإسلامية ودعماً لأعمال الخير الكثيرة باعتبارها هي أمة العطاء والتكافل من خلال الوقف الذي ساهم عبر عصور طويلة في نشر الخير على فئات كثيرة من أبناء الأمة الإسلامية. وأضاف: الوقف في أمة الإسلام قديم جداً منذ زمن النبي الأمين صلى الله عليه وسلم، فأول وقف ديني في الإسلام هو مسجد قباء الذي أسسه النبي صلى الله عليه وسلم حينما قدم مهاجراً إلى المدينة ثم المسجد النبوي الشريف. وأول وقف من المستغلات الخيرية عُرف في الإسلام وقف النبي صلى الله عليه وسلم وهو سبعة حوائط - أي بساتين - بالمدينة كانت لرجل يهودي اسمه مخيريق، وكان محباً للنبي صلى الله عليه وسلم وقاتل مع المسلمين في موقعة أحد وأوصى: إن قتلت فأموالي لمحمد - يعني النبي صلى الله عليه وسلم يضعها حيث أراه الله تعالى، وقد قتل يوم أحد وهو على يهوديته فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (مخيريق خير يهود) وقبض النبي صلى الله عليه وسلم تلك الحوائط السبعة فتصدق بها - أي أوقفها - ثم تلاه وقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وقال الشيخ الحريقي: إن الوقف نوع من أنواع الصدقات التي حث الشارع على فعلها وندب للقيام بها وذلك بقصد التقرُّب من العبد لربه جلَّ وعلا بالإنفاق في وجوه الخير ولا فرق في ذلك بين وقف على جهة من الجهات العامة كجمعيات تحفيظ القرآن أو بيوت الله أو مراكز الدعوة إلى الله أو طلبة العلم أو غير ذلك، أو أن يكون الوقف على القرابة والذرية. ولا شك أن الوقف كلما كان عاماً كان أفضل وأعظم أجراً من الوقف الخاص. ولما للوقف من آثار عظيمة وديمومة في الأجر حرص السلف من الصحابة وغيرهم على الوقف ولو بشيء يسير من أموالهم رغم قلة ذات اليد عندهم وذلك لما عرفوا من أهميته وعظيم منزلته فوقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الفقراء وفي القربى وفي سبيل الله وعلى الضيف وابن السبيل لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف أو يطعم صديقاً غير متمول فيه، وكذا فعل عثمان رضي الله عنه، وكذا فعل علي بن أبي طالب رضي الله عنه. ولما نزل قول الله تعالى: {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ}كان لابي طلحة حديقة نفيسة تسمى (بيرحاء) فأتى النبي صلى الله عليه وسلم وسلم فقال يا رسول الله حائطي الذي بمكان كذا وكذا لله تعالى ولو استطعت أن أسره ما أعلنته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اجعله في قرابتك. وهكذا تتابع الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين بوقف بعض أموالهم في سبيل الله تعالى لا يبتغون بذلك إلا مرضاة الله تعالى. ويؤكِّد الداعية الحريقي على أن الوقف أصبح يتراجع في هذا العصر عن سابقه وأن الاهتمام به في عصرنا هذا قليل جداً وذلك لأسباب كثيرة منها: قلة العلم لدى أهل الأموال وغيرها بأهمية الوقف وعدم قيام الجهات المسؤولة عن الأوقاف بنشر أهمية الوقف وبيان فضيلته، وكذا عدم قيام العلماء والخطباء والدعاة بواجبهم تجاه بيان أهمية الوقف وفائدته وعظيم أثره على الواقف في الدنيا والآخرة. وطالب الجميع بالمساهمة في إعادة إحياء هذه السنَّة العظيمة وحمَّل الجهات الحكومية مسؤولية ذلك للقيام بتوعية الناس بأهمية الوقف كل بحسب اختصاصها، فمثلاً وزارة الشؤون الإسلامية عليها تبيان أهمية الوقف على أمور الدعوة إلى الله وأن تحث وتكاتب أهل الشأن بذلك، والإفتاء مثلاً عليه تبيان أهمية الوقف على طباعة كتب أهل العلم وفتاويهم، ووزارة الشؤون الاجتماعية تبيِّن أهمية الوقف على الفقراء والأيتام، وهكذا كل بحسب مجاله وتنشط في ذلك وتسعى بكل وسيلة متاحة ومناسبة لبيان ذلك للناس. وعلى الجهات الحكومية القيام بتوعية موظفيها بأهمية الوقف وتطالبهم بأن يسهموا فيه من خلال اقتطاع جزء يسير من رواتبهم لوقف معين على سبيل المثال ثم يتطور العمل إلى أكبر من ذلك. ويجب تفريغ مجموعة من الموظفين المؤهلين للتعريف بالوقف لدى الجهات الأخرى والقيام بجمع التبرعات لوقف معين، وعلى الجهات العليا في الدولة إصدار تعميم يحث الجميع على الوقف والمساهمة فيه. وحول دور العلماء أكَّد الشيخ الحريقي أن للعلماء والدعاة دوراً كبيراً في أن يكون هناك تعاون بين الجميع تحقيقاً لقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى}، مشيراً إلى أن جهود العلماء والدعاة إذا كانت فردية لا تقدم إلا اليسير، وطالبهم بالقيام بعدة أمور منها: - تأليف الكتب الصغيرة اليسيرة للتعريف بالوقف وفضله. - تسجيل محاضرات سمعية لهيئة كبار العلماء وغيرهم لبيان أهمية الوقف وفضله. - طباعة مجموعة خطب مناسبة عن الوقف وآثاره وتوزع على الخطباء وأئمة الجوامع. - تخصيص نشاط مكثف عن الوقف عبر المحاضرات بالمساجد والإذاعات والتلفاز والوسائل الأخرى تبيِّن فضل الوقف وأهميته. - قيام العلماء والدعاة بزيارات شخصية لكبار التجار وأهل الثراء لحثهم على الأوقاف وبيان فضلها بشكل ودي وزيارة أخوية. - بيان الآثار الحميدة والطيِّبة للوقف والتعريف بأنه أجر لا ينقطع للإنسان ولو بعد موته. - إيجاد حسابات بنكية خاصة للأوقاف تتولاها الجهات المعنية لمن أراد أن يتبرع للأوقاف ولو بمبلغ بسيط. العودة للجذور أما الشيخ رضوان بن عبد الكريم المشيقح رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمدينة بريدة سابقاً والمحامي الشرعي فتحدث قائلاً: إن الله جلَّ وعلا شرع الوقف تزكية للنفس والمال، وتحقيقاً للتكافل والترابط والتراحم بين أبناء الأمة الإسلامية، ودعماً لأعمال البر والخير، التي ساهمت على مدار العصور في دعم مناشط تحفيظ القرآن الكريم، والعناية بالمساجد وتعليم فقراء المسلمين، والعديد من مجالات الخير التي كانت لها كبير الأثر في إيجاد رابط يجتمع عليه أبناء المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها. ويضيف الشيخ المشيقح: يعد الوقف الإسلامي من أهم المميزات والسمات التي انفرد بها الإسلام وتميَّز بها المجتمع الإسلامي عن غيره من المجتمعات ودعا إلى تطبيقها حرصاً منه على زيادة أعمال البر والإحسان في المجتمع المسلم تطبيقاً لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ}، وقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له) رواه أبو داود والترمذي والنسائي، وورد عن ابن عمر رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب أصاب أرضاً بخيبر، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأمره فيها، فقال: يا رسول الله إني أصبت أرضاً بخيبر لم أصب مالاً قط أنفس عندي منه، فما تأمر به؟ قال: إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها، قال: فتصدّق بها عمر أنه لا يباع (أصلها) ولا يوهب ولا يورث، وتصدّق بها في الفقراء وفي القربى وفي الرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل والضيف، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف ويطعم غير متمول) رواه البخاري. ويؤكّد الشيخ رضوان على أن سنَّة الوقف تراجعت في العصر الحاضر بدرجة كبيرة وتحتاج من الجميع إلى إحيائها خدمة للمجتمع، وحتى تصبح وسيلة دائمة لتمويل الأعمال الخيرية وبسط قيم الخير والتكافل في ثنايا المجتمع المسلم. وهذا يتطلب مجهوداً كبيراً من العلماء والدعاة وطلبة العلم، وجميع المؤسسات التعليمية والجهات الحكومية في التعريف بأهمية الوقف وثواب الواقفين وذلك عبر العديد من الخطط والبرامج الإعلامية التي يجب أن تستهدف جميع أفراد المجتمع حتى يدركوا أهمية الوقف في الدنيا والآخرة ويسارعوا في المساهمة في تفعيل وإحياء سنَّة الوقف حتى تصبح وسيلة دائمة لتمويل الأعمال الخيرية التي تقوم بخدمة الفقراء والمساكين وطلبة العلم. تعدد الحاجيات ومن ناحيته يؤكِّد الشيخ عبد الرحمن بن محمد آل رقيب رئيس محاكم المنطقة الشرقية المساعد أن الوقف الإسلامي يعد مصدراً تمويلياً يتميز بصفة الاستمرارية في الثواب والأجر للواقف، ورافد خير مهماً جداً يبرز التكافل الإسلامي بين فئات المجتمع المسلم لقوله تعالى: {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ}، وكما يعد الوقف من أهم سمات المجتمع المسلم عبر كل العصور بتكفله بتعليم أبناء الفقراء ورعايتهم والإنفاق في كثير من أوجه الخير. وفي السنَّة المطهرة وسير السلف الصالح الكثير والكثير من الأدلة على تنوّع إسهامات الوقف على جميع أبواب الخير وسد الحاجات الضرورية لكثير من فئات المجتمع. وأضاف الشيخ آل رقيب: وفي هذا العصر الذي تتزايد فيه احتياجات فئات كبيرة من المسلمين نحن في حاجة ماسة وحقيقية لتفعيل الجهود الرامية لإحياء سنَّة الوقف، لتكون وسيلة دائمة لسد هذه الاحتياجات ودعم الأعمال الخيرية وخدمة المجتمع الإسلامي، وتفعيل هذه الجهود يتطلب ما يلي: - التعاون بين جميع الجهات ذات العلاقة بالأوقاف وإجازتها وإدارتها والإشراف عليها وفي مقدمة هذه الجهات وزارة الشؤون الإسلامية ووزارة العدل. - زيادة مناشط التوعية بأهمية الوقف ومكانته الشرعية وأثره في تحقيق التكافل والتلاحم بين أبناء المجتمع المسلم وثواب الواقفين في الدنيا والآخرة عبر وسائل الإعلام والمساجد والندوات وغيرها من وسائل الاتصال الجماهيري. ومن خلال ذلك يتضح ضخامة المسؤولية التي يتحملها العلماء والدعاة والجهات المعنية بالوقف في هذا المجال.. ولا سيما فيما يتعلق بالتغلب على حالة التردد التي تنتاب بعض الراغبين في الوقف والناتجة عن غياب ثقافة الوقف والمعرفة بإجراءاته ومجالات إنفاقه.