إنَّ إصلاح الأسر من أهم مرتكزات استمرار الإنتاج والبناء والاستقرار؛ إذ بصلاح الأسر يصلح أمر المجتمع، وباستقرار وضع المرأة يستقر المجتمع.. من خلال صلاح المرأة والاسرة والمجتمع نستطيع بعون الله أن نجنب مجتمعنا كثيراً من الأزمات والانحرافات التي أصبحنا نرى بوادرها. هناك أمور تحدث نعتقد أنها تافهة، ولكنها مهمة؛ لذا أوجه هذه اللفتة لتنبيه الغافلين إلى ما يدور في عمقنا الاجتماعي والأسري، فيتأهبون لذلك قبل أن يستفحل الأمر ويتسع الخرق على الراقع.. فكثير من الأسر تعيش أوضاعاً تعيسة: خلافات زوجية، وصراعات عائلية، وعلاقات مهلهلة، وانحرافات وتمرد لدى أبنائنا، وعنوسة وطلاق عند بناتنا، وشكوى من الزوجات، وإهمال من الأزواج، وتفريط في المسؤولية من الآباء، وانشغال وتضييع من الأمهات. في ظل تلك الظروف قد نفاجأ بتفاقم العلاقات المشبوهة والمحرمة بين بعض الإناث والذكور، وما يسهل عمليات المعاكسات والتحرش وسرعة اللقاء والاتصال ونمو تلك العلاقات وتطورها توافر الجوالات و (الماسنجرات)، بل قد لا نفاجأ لو وجدنا مَنْ يمارس زواج المتعة وما يشبه المسيار والزواج (بالسر)، وقد لا نفاجأ بظهور مَنْ يخطئ وتتحمل أسرة الضحية مصاريف ابنتهم من شقة وتأثيث ونفقات إقامة الفرح والاستمرار في الإنفاق على ابنتهم وعلى عريس الغفلة ثم ما سيخلفونه من ذرية، ومن الأسر من لا تعلم شيئاً عن بناتها، فيخرجن ويغبن عن البيوت بحجة الاستذكار مع زميلة أو قضاء سهرة مع قريبة، وعليهم ألا يفاجؤوا بما لا تحمد عقباه. أنا لست سوداويا ولا متشائماً، ولكن مثل هذه الصور القاتمة على الرغم من قلتها أو ندرتها إلا أنها تبعث على الأسى والحزن، وقد تؤدي لا سمح الله إلى غضب الرحمن وسخطه، كما أنها قد تجر إلى بلايا ومشاكل نحن في غنى عنها. ومازال مجتمعنا ينبض بالخير، إلا أن هذا لا يمنع من وجود ما يعتريه من هنات مثل كل المجتمعات. وتعتبر العنوسة مشكلة مؤرقة للفتيات اللاتي تجاوزن سن الزواج، بل هي مؤرقة لأسرهن؛ لذلك فإني أقدر الأب الذي يسعى في البحث عن زوج لابنته، وأثمن سعي البنت التي تسعى لاختيار شريك حياتها بنفسها، مع الالتزام بالضوابط الشرعية، شريطة اطلاع ومعرفة والديها وإشراكهما في اتخاذ قرار الاقتران من عدمه. حكى لي أرباب أربع أسر في مكةالمكرمة ومن أبناء حي واحد وأعرفهم تمام المعرفة أن كل واحد من هؤلاء لديه ست بنات، هذا عدا الذين لديهم أربع إلى ثلاث بنات ينتظرن وآباؤهن بفارغ الصبر طارقاً يطلب يد إحداهن، بدون شروط تعجيزية ولا مطالب خيالية. القرآن الكريم أوضح كيف أبدت ابنة شعيب عليه السلام رغبتها في موسى عليه السلام، قال تعالى: {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ }. فما الذي يمنع الآباء من عرض ما لديهم من بنات ويختار لهن الأزواج بنفسه؟ وما الذي يمنع أن تختار البنت شريك حياتها؟ وما المانع من أن يعرض الشاب رغبته بالاقتران من أنثى يريدها شريكة وزوجة وأُمّا لأولاده مع شرح ظروفه، ووجود مَنْ يقدر هذه الظروف ويساهم أهل البر في مساعدته لإكمال نصف دينه؟ ما المانع من قبول الأسر لمن يتقدم لخطبة ابنتهم وتتوافر فيه شروط الدين والأخلاق والأمانة والمروءة من تحقيق رغبته؟؟. إنَّ ازدياد عدد العانسات في مجتمعنا يتطلب منا وقفة جادة أمام هذه المشكلة لا الاكتفاء بالحديث عن إفرازاتها من هموم ومشكلات، وإنما بتبني مشروع عملي تحت مسمى رعاية الأسرة مثلاً، يبدأ بتسجيل الراغبين والراغبات في الزواج لدى عمدة الحي، مع كامل بيانات الاتصال من عناوين وهواتف وتدوين مواصفات وشروط وطلبات الجنسين، وينسق العمدة مع الآباء إلى أن تتم مراسيم الزواج.. أو تضاف هذه المسؤولية للمجلس البلدي. ويا بخت من قرب رأسين في الحلال. تلي فاكس: 022275553 Kaifi_ [email protected]