من نعم الله علينا أن أنزل علينا الماء بمنه وفضله من السماء يحمل الطهر والنقاء والصفاء ويرمز للحياة والنماء والعطاء {ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} سورة المائدة، وهذا الفضل رحمة منه جل وعلا وهو القائل ( وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ) سورة الشورى، قال الإمام ابن كثير في هذه الآية:( أي من بعد إياس الناس من نزول المطر ينزله عليهم في وقت حاجتهم وفقرهم إليه كقوله عز وجل {وَإِن كَانُوا مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِم مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ} سورة الروم، وقوله جل جلاله {وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ} سورة الشورى، أي يعم بها الوجود على أهل ذلك القطر وتلك الناحية قال قتادة ذُكر لنا أن رجلا قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه يا أمير المؤمنين قحط المطر وقنط الناس فقال عمر رضي الله عنه مُطِرْتُم ثم قرأ {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ} سورة الشورى، أي هو المتصرف لخلقه بما ينفعهم في دنياهم وأخراهم وهو المحمود العاقبة في جميع ما يقدره ويفعله. أ.ه وكان - صلى الله عليه وسلم - إذا رأى مطرا قال (اللهم صيبا نافعا) وكان يحسر ثوبه حتى يصيبه من المطر فسئل عن ذلك فقال (لأنه حديث عهد بربه) وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سال السيل قال:( اخرجوا بنا إلى هذا الذي جعله الله طهورا فنتطهر منه ونحمد الله عليه) كما كان - صلى الله عليه وسلم - إذا رأى الغيم والريح عرف ذلك في وجهه فأقبل وأدبر فإذا أمطرت سري عنه وذهب عنه ذلك وكان يخشى أن يكون فيه العذاب.ووقت نزول المطر هو وقت إجابة للدعاء قال النبي - صلى الله عليه وسلم - (اطلبوا استجابة الدعاء عند التقاء الجيوش وإقامة الصلاة ونزول الغيث) وقال - صلى الله عليه وسلم - (الدعاء لا يرد عند النداء وعند البأس وتحت المطر) كما قال عليه الصلاة والسلام (تفتح أبواب السماء ويستجاب الدعاء في أربعة مواطن عند التقاء الصفوف وعند نزول الغيث وعند إقامة الصلاة وعند رؤية الكعبة) فجدير بنا أن نستغل هذا الوقت المبارك وهو وقت نزول المطر بالدعاء وأن نقابل هذه النعمة العظيمة بشكر الله جل وعلا بأن نأتمر بأمره فيما أمرنا وننتهي بنهيه فيما نهانا، ومما يؤسف له ما يحدث من البعض من الناس عند نزول المطر هو خروجهم بنسائهم وهن متبرجات بزينة فيسرن في البراري وحولهن الرجال الأجانب من كل حدب وصوب يرونهن رأي العين وهن متكشفات فيفتن ويفتن ويكن سببا لتسلط ضعاف النفوس وهذا لا يعني أنني أرفض خروج المرأة لرؤية آثار رحمة الله بل من حقها أن ترى تلك الرحمات وتلك المنن من الله لكن بضوابط شرعية ومن أهمها الحجاب الشرعي، ومما يؤسف له أيضا أن من الناس من إذا خرجوا إلى البراري من بعد نزول المطر أفسدوا في الأرض بعد إصلاحها فدمروا الأشجار واقتلعوها إما بتفحيط بالسيارات أو بتطعيس بها أو بإلقاء النفايات في الأرض دون دفنها، ومن ذلك أيضا ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فمن الناس من يرى أن الخروج إلى البراري وخاصة وقت المطر هو خروج كما يسميه البعض عن القيود والتحرر منها بأخذ الراحة وحسب ذلك الفهم الخاطئ تراهم يتركون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويختلف ذلك الترك من شخص إلى آخر!!!، الحديث عن نعمة نزول المطر حديث طويل ومتشعب وكما يقال حديث ذو شجون غير أني ألمحت فيما مضى إلماحة حول أمور رأيت من الأهمية التنبيه إليها، والله أسأل أن يمن علينا بفضله ويجعلنا من الشاكرين لنعمائه وآلائه إنه ولي ذلك والقادر عليه.