عجباً!! عندما نذكر أحوال بعض السلف وأحيانا لا نعلم عن مدى صحتها أو ضعفها، تجدنا نكبر أحوالهم، وأقوالهم, أعمالهم ونضفي عليها أحيانا لباس الخيال واللاممكن!! وفي نفس الوقت نزداد تجريحا لأنفسنا وقسوة على حالنا فنتهمها بالإكثار من الذنوب والبعد عن الله وعدم الخوف منه وضياع الدين.. حتى أصاب بعضنا القنوط من رحمته واليأس من مغفرته وثوابه وعطائه وإحسانه، وهنا أقول: أمرنا ولي أمرنا - وفقه الله - أن نؤدي صلاة الاستسقاء، ولعلي أتساءل، ألم نستسقِ صباح يوم الاثنين الماضي مستغفرين تائبين نرجو رحمة الله وفضله وإنزال المطر، فأسقانا الله عز وجل في مسائه رحمة منه وفضلا! هي قصة لو كانت مذكورة في كتب السلف لرددناها صباح مساء في النظر والتأمل فيها وكيف الله كان يسقيهم عند طلبهم ودعائهم واستجابة الله للصالحين الصادقين.. ويتأكد حينها الآن أن تضاف هذه الحادثة المباركة التي استجاب الله فيها لعباده المحسنين، أن تضاف في كتب سير وأخبار (الخلف) الصالحين ليس غروراً وإعجاباً بأنفسنا، بل إيماناً بفضل الله على المحسنين المستغفرين الصادقين أليس منا توابون! أليس من متصدقون! أليس منا صُوّام! أليس منا عبّاد! بلى والله، إن فضل الله على عباده واسع، ورحمته بالمحسنين منهم أقرب. يا ربي حمداً ليس غيرك يحمد يا من لك كل الخلائق تصمد أبواب كل ملك قد أوصدت ورأيت بابك واسعاً لا يوصد فها هو سبحانه يغيثنا هذه الأيام، فينزل المطر برحمته في أنحاء متفرقة وعامة من بلادنا صيبا مدراراً، فله تعالى الحمد على ما أعطى وله الشكر على ما أولى، ونسأله المزيد من فضله وجوده، {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ} (28) سورة الشورى. ما أحوج الناس إلى من يقربهم بربهم الرحيم الغفور التواب، إلى من يعزز فيهم حسن الظن بالله لا اليأس من عطائه، في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله يقول أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني) وفي رواية: (إن الله عز وجل قال: أنا عند ظن عبدي بي، إن ظن بي خيراً فله، وإن ظن شراً فله). إن الخطاب الديني الذي يمتلئ قسوة على الناس واتهاماً لهم بالتقصير، من غير فتح باب التوبة والرحمة، ليضفي في أحيان كثيرة إلى التمادي في الوقوع بالذنب واليأس من رحمة الله، ويزداد العجب عندما يوعظ الناس بعد نزول الأمطار إلى أنه استدراج من الله لكم، ولا تظنوا بأنفسكم خيراً.. وفي هذا من التعدي الواضح على رحمة الله بالناس وفضله لهم وجزائه للمحسنين الصادقين منهم، إذ لا تخلو الأمة من أهل الخير والإنفاق والجود والإخلاص والصلاة. وأخيراً: نحمد الله على فضله ورحمته ونسأله المزيد من عطائه وإحسانه.. - إمام وخطيب جامع والدة الأمير عبدالعزيز بن فهد بحي الفلاح