هي صرخة محبوسة بين أضلعي أطلقها اليوم .. يوم أن سمعت بمقدم مولودتي الجميلة (بيسان) .. كم هي سعادتي التي لا توصف بحق كدت أهيم فرحاً، وأطير بجناح السرور مرحاً، ملكتني المسرة حتى استفزتني وهزتني!! لعلها الدموع الممزوجة بانتظار هذا الموهوب من الواهب جلّ علاه .. تجلت لي آراء ومشاعر صادقة تجاه مولودتي .. بحق لعل تعقيبي هذا جاء للرأي ليبين شيئاً مما في النفس ومما تجيزه لنا صفحتنا المحببة - الرأي - لبسط مشاعر الود والوئام لمن نحبه من قبيل اجازة الأعمال الأدبية والمحاولات الذاتية الممزوجة بشيء من التنوير للقارئ الكريم!! ** أحبتي: قد تكون سحَابتي قد اقلعت عن سماء العزيزة والرأي لفترة ليست بالقصيرة ربما كانت أشهراً كنت فيها مقلاً وبعيدا عن أجواء هذه الصفحات العطرة النيرة حتى لامنى الكثير من قراء حرفي واستفسروا عن سر هذا الغياب وليكون ردي عاجلاً بأن سحابتي أمطرت على فلذة كبدي ابنتي (بيسان) حفظها الله من كل سوء - وحبست عن صفحتي الرأي .. نعم في الأشهر المنصرمة أمطرت سحابتي على ابنتي حناناً وعطفا وهمّ بي اليها شاغل .. لأنها أول موهوب وحقّ لها ان تمطر!! فإن كان قلمي مسجوناً مأسوراً في حضن ابنتي فهو حقاً لا يَمَلُّ الأسار .. وها هو اليوم جاء جواداً راكضاً جارياً لا يعرف العثار..!! واعذروني لحظات أجدبت فيها العزيزة والرأي من رسم حرف يحمل مشاعري وشجوني وآرائي الأدبية والاجتماعية لهذه الظروف ولأنه غرق العقل في لجّ من الكتب فما أنا صانع ..!؟؟ فهذا قدر الله: وأغرق العقل في لجّ من الكتب في الدين - والعلم والتاريخ والأدب ملازماً كتب الماضين يسألها ما أنتجت من فنون أمة العرب فلقد استحثت هذه الظروف اليراعة أن تكتب..!! عذراً أحبتي ما الحب الا هو خلاصة النواميس الأدبية وأكسير الفضائل البشرية .. فلا تلومونا بحبنا .. أن أحببنا .. أفلا تعلمون ان الحب هو مذهب النفوس، ومرقى العقول، ومحيي العواطف ولو لا الله ثم الحب لكان الإنسان وحشاً كاسراً حتى لتنقصم عرى الاجتماع وينهار البناء العائلي .. ولا تلوموني ان أحببتها فقد يكون السر في ذلك ربما في شيء كما هو عند أب يصف حبه لأولاده عندما قال: (أحبهم لأنني أحب نفسي. وهم بعض نفسي بل إنهم لخير ما في نفسي .. هم عصارة قلبين وحشاشة كبدي، وأجمل ما يترقرق في صدري ولأنهم أول من يعينني في ضعفي ويرفِّه عني في شيخوختي ويواسيني في علّتي، ويتلقى فيّ العزاء اذا حمّ القضاء). ولتسمح لي الرأي بكتابة رسالتي هذه: قال الله تعالى {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} (46)سورة الكهف, هذه الظروف أوجدت لي في القول منفسحاً ونبشت مشاعرنا من جديد وهي مشاعر محفوظة بكل هذا الحب والوفاء .. وأعادت نبض الحياة فيها وإلى قلمي الذي توقف كثيراً .. بعد قدوم ابنتي الغالية حفظها الله!! لقد أخرجت احرفي لرؤية النور .. وهذا السر وراء خبر سار قدم إليّ بعد ان كانت أحرفي قابعة في الظلام .. وجاثمة على قلوبنا .. خوفا من شبح الامحال!! ابنتي الغالية (بيسان): عشت احلامنا قبل مجيئك الدنيا .. عانقت فيها ذرا السحاب كنت لا أحلم الا بالمولود ولا أرجو الا لقاءه حتى عشت مع خياله أناجيه وأحدثه عن آمالي واحلامي .. حتى لأصحو من هذه الخيالات ولتصدمني الحقيقة .. بقدومك الميمون إلى هذه الدنيا .. حتى سرقتني من صفحاتي ولك في ذلك الحق .. ووفاق الحب والوئام ولا أرجو شيئاً الا ان يكتب الله لك الصلاح .. وأن يوفقك في مستقبل حياتك .. وأن يكفيك رب العزة والجلال .. شر العين والحسد .. فما تقولين؟ بنيتي .. تريدين أن تلاقي القلب الذي يحبك أصدق الحب يتألم ويتعذب .. أشد العذاب..!! ** بنيتي: تذكري .. يوم ان تشبِّي .. وتكبري .. أن فضل أمك وأبيك عليك كبير بعد الله جل وعلا .. وأن الله قرن طاعته بطاعة الوالدين..!! بنيتي أمك كنز ذاخر من العطف والحنان الصادقين تعبّين منهما كلما أظلمت الحياة في وجهك وصدمتك الأيام بمصائبها لا قدر الله .. هي تتألم عندما تتألمين .. وأنت ان شاء الله بالكاد لذلك ستعلمين فقلب كل أم سيظل معذبا حتى تطمئن.!! * كأني بك ستقرئين كلماتي تلك بعد سنين مديدة .. ونحن الآن نسأل المولى جل وعلا ان يطيل في عمرك على طاعته .. وأن يكرم غرّتك .. وينبتك نباتا حسنا. كفاك يابنيتي وكفى أقرانك من الفتيات فضلا .. ان الله بدأ بكن ايتها النساء في الترتيب فقال عزّ من قائل: {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ} (49)سورة الشورى. فأنت يا صغيرتي .. هبة الله لنا فالله بالشكر أولى .. وبما وهبنا بحسن التقبل أحرى!! أهلاً وسهلاً بعقيلة النساء، وأم الأبناء، وجالبة الأصهار، والمبشرة بإخوة يتناسقون ونجباء يتلاحقون: فلو كان النساء كمثل هذي لفضّلت النساء على الرجال فما التأنيث لاسم الشمس عيب ولا التذكير فخر للهلال الدنيا مؤنثة والرجال يخدمونها والأرض مؤنثة ومنها خلقنا يا بنيتي والسماء مؤنثة وقد حليت بالنجوم والكواكب والنفس مؤنثة وهي قوام أبداننا والحياة مؤنثة وفيها ترفل أجسامنا وأنفسنا .. والجثة مؤنثة وبها وعد المتقون فلقد هنأك الله ما أوليت .. وأوزعك شكر ما أعطيت .. وأطال الله بقاءك..!! أحبتي: تذكروا قول الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال: (من كانت له ابنة فأدبها فأحسن تأديبها، وربّاها فأحسن تربيتها، وغذاها فأحسن غذاءها .. كانت له وقاية من النار) وهذا الأحنف بن قيس يقول: (نعم هم الأبناء ثمار قلوبنا, وعماد ظهورنا ونحن لهم ارض ذليلة، وسماء ظليلة، فإن طلبوا فأعطهم، وأن غضبوا فأرضهم، يمنحوك ودهم، ويحبوك جهدهم، ولا تكن عليهم ثقيلاً فيملوا حياتك ويحبوا وفاتك) * ان كان هناك من مفخرة فاعتقد ان الابن يفخر بمجد ابيه، والأب يفخر بسلوم ابنه المشرّف!! خير ما ورث الرجال بنيهم أدب صالح وحسن ثناء فهذا ابن الرومي يقول فيهم: وكم أب قد علا بابن ذرا شرف كما علت برسول الله عدنان * ومهما وهبتنا الطبيعة من جمال وحبور .. فلن تهبنا افضل ولا أحلى من الأولاد في نظرنا!! وإنما أولادنا بيننا أكبادنا تمشي على الأرض نعم المولود هو مصباح البيت المظلم .. وهو عمود البيت!!وهنا أقول لكل من وهب بموهوب: الله الله بابنك ليكن الكتاب هو أول ما يغذي طفولته .. فدونك كتاب الله ثم ما يتناوله من كتب السيرة وقصص الأنبياء .. فأعطوا أولادكم محبتكم واعلموا انه يصعب عليكم تلقينهم أفكاركم ذلك أن لهم أفكارهم التي تتبوأ من مستقبل غدهم مكاناً. * ألم يقل علي بن أبي طالب - رضي الله عنه: (لا تقسروا أولادكم على آدابكم فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم) .. فهذه هي التربية فالكل يدرك ان جذورها مرّة الا ان ثمارها لذيذة حلوة!! وليكن في علمكم أنه ليس لكم ان تجعلوهم مثلكم .. فالحياة لا تمشي القهقرى .. وزمان اليوم غير زمان الغد فالزمن لم يتغير ولكننا نحن الذين تغيرنا..!! وهبوا أنفسكم الأقواس وأبناءكم السهام فلا تنطلق هذه السهام من أقواسكم ولا تصوبوها إلا في هدف الخير، والإصلاح فعسى ان تكون سهامكم سريعة صائبة ذات هدف ديني تربوي وحذار من ان يقع ابناؤكم في حبال افكار متشرذمة هدامة تحمل أفكاراً ضالة .. فتحسسوا ذلك قبل ان يفلت الأبناء ويصبحوا حربة في يد الجبناء والعملاء ليلقوا بها في جوفكم وجوف وطنهم الحبيب: الابن ينشأ على ما كان والده ان الأصول عليها تنبت الشجر ولتجعل ابنك يقف على رجليه هو لا على رجليك ودعه يشق طريقه بنفسه تحت متابعتك وقدم له خلال ذلك المشورة الناصحة!! وحذار من تعنيفه أو ازدرائه .. قال الشاعر: لا تزدرنّ صغاراً في ملاعِبهِم فجائز أنْ يُرَوا سادات أقوام وأكرموا الطفل عن نكر يقال له فإن يعشْ يُدعَ كهلاً بعد أعوام عزيزي الأب: كن لابنك معلماً وهو طفل وصديقاً عندما يكبر .. ولا تكثر من انتقاده، فإن كثرة الانتقاد قد يصنع جسوراً مانعة ضد الحوار الناجح فيما بين الأب وابنه!! أيها الآباء أدبوا أبناءكم من الصغر فإن من أدّب ولده صغيراً سرّ به كبيراً .. ألم تسمعوا بالحكمة العربية التي تقول: (من أدب أولاده أرغم حساده) وقال الإمام علي رضي الله عنه: حرّض بنيك على الآداب في الصغر.. كيما تقرّ بهم عيناك في الكبر فاصلة حفظك الله ابنتي (بيسان) وأدام الله على بلادي نعمة الأمن و(الأمان) .. وهي ترفل بثياب الأمن والعز والنصر والتمكين مع لاحق الأزمان!! آمين.. * والحمد لله على طلوع هلال (بيسان) والذي أراه إن شاء الله بدراً قد علا الأقران قدرا .. فمرحبا بمولودتنا الجميلة (بيسان)!! * من أعجب ما قرأت: تلك الحكمة الهندية التي تقول: (عامل ابنك كأمير طوال خمس سنوات .. وكعبد خلال عشر سنين، وكصديق بعد ذلك!!). [email protected]