تحتل المرأة مركز القلب في الأسرة ومسؤوليتها فيها مزدوجة، فهي مدعوة لأن تزود بما يمكنها من القيام بالمهام التي خصتها بها الطبيعة أماً واعية وموجهة للأطفال كي يمارسوا دورهم في تقدم المجتمع وتطوره، كما أنها مدعوة لأن تمارس هي نفسها دورها في هذا المجال؛ لذلك فإن الاهتمام بتعليمها وتثقيفها يحقق الهدفين في آن معاً. ومما تجدر الإشارة إليه أن تعليم الأم وتدريبها وتوعيتها ينعكس بشكل واضح على رعاية أطفالها في مرحلة الطفولة المبكرة تلك المرحلة التي قل أن تجد لها المؤسسات الكافية على الرغم من كونها بعداً أساسياً من أبعاد الرؤية الموسعة للتعليم للجميع. أشارت إلى ذلك دراسة حول التعليم للجميع وذكرت أنه ليس أمام المرأة من أداة تصلها بدورها الجديد المزدوج إلا التعليم، فبالتعليم تستطيع المرأة - كما يستطيع الرجل - تجاوز الواقع واكتساب المعرفة والمهارات اللازمة كمواطنة تسهم في تقدم المجتمع وتطوره اللذين لا يتحققان إلا بتعبئة قوى المجتمع كافة، ومما لا ريب فيه أن محور أمية المرأة لا يتم بصورة مُرْضية إلا في إطار استراتيجية للتطور الاقتصادي والاجتماعي والحضاري. لقد أكدت البحوث والدراسات أهمية المستوى التعليمي للأم لتخطيط حجم أسرتها وحماية البيئة المحيطة بها ولبقاء أطفالها والحفاظ على صحتهم ونمو مهاراتهم الإدراكية واللغوية ومدى استعدادهم للمواظبة على الدراسة. كما أكدت أن تعليم النساء وتأهيلهن يشكلان المنطلق الأساسي لتحريرهن عن التبعية الاقتصادية وتمكينهن من ممارسة حقوقهن والقيام برسالتهن في الإسهام بشكل فعّال في تنمية مجتمعهم إلى جانب مهمة الإنجاب، كما يعزز ثقتهن بأنفسهن ويجعلهن أكثر وعياً لاستيعاب مشكلات أسرهن ومجتمعاتهن وأكثر قدرة على المساهمة في حلها وخصوصا فيما يتعلق بالمواءمة بين حجم الأسرة ودخلها والعمل على ترشيد استهلاكها، الأمر الذي يتطلب توجيه الرجال أيضا إلى استيعاب دور النساء على المستوى الشخصي والاجتماعي والاقتصادي حتى لا يقفن عقبة في وجه هذا الدور، ولعل إلقاء الضوء على وظائف الأسرة يكشف عن أهمية تعليم الوالدين وتثقيفهما - وبخاصة الأم - إذ إن من المتفق عليه أن هذه الوظائف تتطور ليس من ناحية الحجم وحسب بل من ناحية التطبيق والممارسة داخل نطاق الحياة الأسرية وخارجها.وتلعب الأم دوراً بارزاً وأساسياً في تحقيق هذه الوظائف؛ وبالتالي فإن أميتها تؤثر بشكل قاطع على تناولها وفهمها لطبيعة هذه الوظائف وعلى حسن قيامها بها. وفي الواقع إن الأسرة تقوم بمجموعة متكاملة من الوظائف أهمها الوظيفة البيولوجية والاجتماعية والاقتصادية والعاطفية والثقافية إضافة إلى الوظيفة الخاصة باتخاذ القرار. وعلى رب العالمين الاتكال. [email protected]