سعدت كثيراً بالاطلاع على النسخة الجديدة من لائحة الاحتراف في المملكة العربية السعودية والتي جاءت من خلال كتاب مميز موسوم ب(الاحتراف.. لوائحه وأنظمته في المملكة العربية السعودية).. واللائحة الصادرة أخيراً هي امتداد طبيعي للائحة الرئيسية الصادرة عام 1412ه عند إقرار الاحتراف في المملكة للمرة الأولى ولائحة الاحتراف المعدلة الصادرة في (8- 3-1420ه) وما جرى عليها من تعديلات أبرزها في رمضان 1420ه.. ثم التعديلات المقررة اعتباراً من 12-2-1421ه والتعديلات المقررة اعتباراً من 25- 8-1422ه.. وعلينا أن نتوقّع تعديلات وإضافات قادمة، فالإنسان بطبعه ينشد الكمال، ولا شك أن اتحاد الكرة حريص كل الحرص على الوصول بالاحتراف إلى هذا الكمال، كما أنه لن يكف عن تعديل أي قصور أو خلل أو إضافة ما تستدعي اللائحة الصادرة أخيراً إضافته. وعلى كل حال فقد قرأت اللائحة بشغف بالغ وحرص شديد نظراً لأهميتها القصوى للرياضة السعودية التي نعتبر جميعاً شركاء في السعي لرقيها ووصولها لأعلى الدرجات.. ولي في هذا المقال بعض التعليقات والآراء والتساؤلات. ففي الفقرة (3) من المادة التاسعة جاء ما يلي: على النادي (أن يقدِّم خطة مالية بداية كل موسم تثبت قدرته على تغطية تكاليف ممارسته للاحتراف). وهذا بلا شك مطلب رائع أتمنى أن تكون الأندية التي تطبِّق نظام الاحتراف قد التزمت به بالنص.. فالنادي بدون خطة مالية واضحة ومنطقية تسير وفق تعاليم مالية تلتزم بما جاء في علوم المحاسبة لا يمكن أن يسير أموره بالشكل المطلوب، وأعتقد أن المقصود بالخطة المالية هنا هو (الميزانية) المعتمدة للنادي.. وإذا لم يكن النادي قد وفَّر هذا الشرط فإنه سيكون قد سيَّر أموره بشكل هو أقرب للفوضى المالية.. ولن تكون التدابير خلال الموسم كافية لإدارة العمل خلال السنة المالية (الموسم الرياضي) كافية لإيضاح ما للنادي وما عليه.. وكم أتمنى لو بادرت الأندية لكشف موازناتها للرأي العام شأنها شأن المنشآت الاقتصادية الأخرى مع تقديري للاختلافات القائمة في هذا الشأن.. وأجزم هنا أن الفقرة السابقة لن تكون مطبَّقة بالشكل السليم إلا عند البدء في الخصخصة.. والبدء في جني الأرباح وتكبد الخسائر في الأندية.. وبالمناسبة ماذا عن الأندية التي لا تقدّم هذه الخطة المالية في موعدها وما رأي لجنة الاحتراف بتصرفها؟ المادة العاشرة نصَّت هذه المادة على (تؤمِّن الأندية الممارسة للاحتراف مواردها المالية من المصادر التالية.....). وذكرت اللائحة عدة مصادر ممتازة لذلك.. ولكن يبقى السؤال الآن: هل استطاعت الأندية السعودية من مارس الاحتراف منها ومن لم يمارسه أن تفعِّل ذلك؟ الواقع يقول إن معظم الأندية حتى ما يوصف بالغنية منها لم يتأخر عن الشكوى من قلة الحيلة والحاجة والقدرة على تدبير أموره المالية بشكل كاف.. والواقع يقول أيضاً إن الأندية قائمة على هبات أعضاء الشرف وإعانة الاحتراف والدخل الجماهيري.. لكن أين باقي المصادر؟ فهل استفادت الأندية مثلاً - ولا سيما الجماهيرية - من مقابل الإعلان على قمصانها بشكل كاف.. ولا ننسى هنا أن ثمة أندية لم تستفد بالكلية رغم جماهيريتها وتاريخها الحافل. كما أن معظم الأندية لم تستفد من مقراتها الفخمة ولم تستثمرها بالشكل الملائم. وجميع الأندية لم تكن قادرة على استثمار اللاعب الأجنبي بحيث تحضر لاعباً شاباً ثم تطوره وتبيعه بمبلغ مناسب في عام مقبل. وهنا.. وعندما تريد أن تتحدث عن المداخيل المادية فكِّر أولاً بالخطة المالية.. وعندما تريد وضع خطة مالية.. فلا بد من إيجاد الموارد الكافية لها. اللاعب المشطوب نصَّت الفقرة (2) من المادة الثانية والعشرين على: (إذا صدر قرار عفو عن اللاعب المشطوب خلال الفترة المتبقية من عقده الملغى عليه العودة إلى ناديه السابق لإتمام تلك الفترة). والعقد الملغى المقصود به.. العقد الذي وقَّعه اللاعب مع ناديه وألغي بسبب قرار الشطب. وهذه الفقرة جيدة.. وغير جيدة من وجهة نظري.. فهي جيدة في كونها تعيد اللاعب إلى ناديه ما دام في مدة عقده بقية.. وغير جيدة لأن اللاعب يعود لإتمام ما تبقى من العقد فقط.. وعليه فإن ناديه يكون قد خسر ما دفعه من مقدم العقد المخصص لفترة الإيقاف.. وللإيضاح: * إذا كان اللاعب (س) قد وقَّع لناديه أربع سنوات مقابل مليون ريال.. وشطب اللاعب سنة كاملة ثم عاد لناديه فإن النادي سيكون قد خسر ربع المدة من عقده.. ويقابلها مالياً (ربع مليون ريال).. فمن يعوِّض النادي هنا. لذا فقد كان الأفضل أن يعود اللاعب لناديه مدة تعادل ما تبقى من مدة عقده اعتباراً من قرار الشطب.. وهنا لن يكون النادي قد خسر شيئاً.. فيما سيكون اللاعب قد خسر سنة من عمره الرياضي بسبب تصرفه الذي أدى إلى شطبه، .. والحالة في هذا الشأن واضحة كمثال في اللاعب خميس العويران عندما انتقل إلى الاتحاد قبل مواسم بعد عودته مستفيداً من العفو بعد صدور قرار بشطبه.. ولم يستفد الهلال من السنوات التي وقَّعها معه كاملة بسبب القرار!! المادة الثلاثة والثلاثون وجاء في هذه المادة (في حالات استثنائية تقرّها اللجنة يمكن التغاضي عن شرط الكفاءة كمؤهل علمي للاعب المحترف وقبول الشهادة الابتدائية كبديل.. إلخ). والحديث عن هذه المادة متشعِّب.. فهناك من يرى أن لا يلزم اللاعب بأي شهادة علمية ولا سيما إذا كان موهوباً.. ومن وجهة نظري فهذا كلام مردود عليه من أصله، فالعلم وإن قلَّ أمر لا بد منه والجهل شر إذا ابتلي الإنسان به. وهناك من يرى أن لا يستثنى أي لاعب بالكلية وأن يكون النص (توفر الكفاءة كحد أدنى) بالغاً ما بلغت موهبة اللاعب وذلك من أجل أن يكون ذلك باباً لزيادة حرصه على العلم وتلقيه. ** لكن اللائحة هنا قالت (حالات استثنائية) ولم تحدد ما هي هذه الحالات ولا ضابطها، بل جاءت كلمة عامة يمكن لأي نادٍ أن يستفيد منها بالشكل الذي يراه مناسباً له. المادة الخامسة عشرة وهي من لائحة اللاعب غير السعودي.. وبالمناسبة أعجبتني اللائحة في قولها اللاعب غير السعودي وعدم اعتماد لفظة الأجنبي وذلك لوجود عدد من اللاعبين العرب والمسلمين. عودة إلى المادة (15) من اللائحة وتنص على: (يجب أن يكون اختيار اللاعبين مبنياً على معرفة دقيقة بقدراتهم وإمكانياتهم الفنية وما يلبي حاجة النادي ويحقق الفائدة المرجوة من وجودهم في الأندية). وهذا نص ممتاز في محتواه لكن أين تطبيقه في الواقع وداخل الأندية؟ فاللاعب غير السعودي ظل عالة على أنديتنا إلا ما ندر!! والسماسرة غادون رائحون ببضاعتهم الكاسدة والأندية ما بين تجربة وأخرى دون أن تصيب النجاح المطلوب المنشود!! وبعض اللاعبين غير السعوديين حصلوا على مقدمات عقود مرتفعة ويتسلّمون اجوراً شهرية باهظة لا تقارن بما يناله اللاعب السعودي. ** ويبقى السؤال هنا: ما دور اللجنة.. وكيف تتصدى لمثل هذه المقالب وتحافظ على موارد الأندية من أجل صرفها في الوجهة السليمة، وهل يمكن أن تضمن اللائحة عقوبات على الأندية التي يثبت تواصل إحضارها لأشباه اللاعبين والمقالب، كأن يحرم النادي من التعاقد مع لاعبين أجانب لمواسم محددة؟ وهل يمكن (مثلاً) أن يلغي نظام التعاقد مع اللاعب الأجنبي عندما ترى اللجنة بواسطة خبراء فنيين تكلفهم لهذا الغرض أن هؤلاء لم (يحققوا الغاية المرجوة من وجودهم في الأندية) وهو الأمر الذي تناوله البعض، بل طالب صراحة بإلغاء التعاقد مع لاعبين من خارج السعودية نظراً لعدم تحقيقهم أي عائد فني يذكر على الأندية.. وكون السواد الأعظم منهم أقل مستوى وحضوراً وقدرة من اللاعبين السعوديين.. بحيث أصبح هؤلاء هم المستفيدين مادياً وفنياً!! تساؤل (لم توضح اللائحة القرار بشأن الأندية التي تتأخر لعدة أشهر في صرف استحقاقات لاعبيها من مرتبات وبدلات وهي الأشياء التي تفرغ من أجلها اللاعب لكرة القدم وجعلها مصدر معيشته ومن يعولهم!! وأتذكر هنا أن قراراً صدر بشأن عدم تسجيل أي لاعب للأندية التي تتأخر ثلاثة أشهر عن تسليم مرتبات لاعبيها.. وكنت أتمنى لو فعّل هذا القرار في اللائحة وأوضحت آلية تطبيقه. أخيراً هذه الآراء والتعليقات لا تعني أن هناك قصوراً كبيراً في اللائحة ولا تقلّل من شأنها البتة.. لكنها وجهة نظر يمكن أن تؤخذ ويمكن أن ترد أيضاً، ولا بد من إزجاء الشكر لاتحاد الكرة وللجنة الاحتراف على حرصهم وسعيهم الدائم لتطوير الكرة السعودية عبر كل السبل والآليات والتي من ضمنها نظام الاحتراف الذي كانت له يد طولى في المساهمة في تطوير الكرة السعودية التي وصلت لكأس العالم (المونديال) ثلاث مرات منذ بداية تطبيق الاحتراف في ملاعبنا.