أجمعت وسائل الإعلام الإسرائيلية في جوقة نعيق متجانسة على تحميل سورية المسؤولية عن اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري أمس الاول في بيروت. وادّعى موقع (هآرتس) الإلكتروني العبري أنه بحسب أحد التقويمات فإن الاعتداء نفذته جهات مقرَّبة من سورية لأن الحريري كان بين معارضي السيطرة السورية في لبنان. وزعمت وسائل الإعلام الإسرائيلية المسموعة والإلكترونية أن شكل العلاقة التي ربطت الحريري بسورية هي التي تقف وراء اغتياله، ولفتت إلى استقالة الحريري من رئاسة الوزراء قبل عدة شهور. وقالت الإذاعة الإسرائيلية العامة: إن استقالة الحريري جاءت على أثر خلافات نشبت بينه وبين الرئيس اللبناني أميل لحود الذي وصفته ب (حليف سورية). وادَّعى موقع (يديعيوت أحرونوت الإلكتروني العبري أن استقالة الحريري من رئاسة الوزراء جاءت احتجاجاً على تمديد ولاية الرئيس أميل لحود حليف (الرئيس السوري) بشار الأسد والنظام السوري، على حد تعبير الصحيفة. وأضافت يديعوت أحرونوت أن البرلمان اللبناني مدَّد ولاية الرئيس اللبناني بعد وقوعه (تحت تأثير ضغوط مارستها دمشق). وادَّعت الصحيفة العبرية أيضاً أن سبب الاغتيال يكمن في التوتر الذي يسود العلاقات بين حكومة لبنان الموالية لسورية والمعارضة التي تعارض الوجود السوري في لبنان. وتابعت يديعوت أحرونوت أن الحريري كان خصماً للحود وطلب منح لبنان مجال عمل مستقلاً أكثر في المستويين السياسيين الداخلي والخارجي. ومضت الصحيفة العبرية، تقول: إن الأحداث في لبنان تأتي على خلفية تزايد الضغوط الدولية على سورية لسحب جنودها من لبنان والامتناع عن التدخل في سيادته وفي جهازه السياسي. وزعمت يديعوت أحرونوت أن المسلمين والمسيحيين (في لبنان) قرروا مؤخراً توحيد جهودهم حول فكرة معارضة الوجود السوري. وحسب الصحيفة اعتبر المسؤولون السوريون (الحريري) على أنه عامل مركزي في صفوف المعارضة وأنه (أي الحريري) يقف وراء العديد من خطوات المعارضة. إضافة إلى ذلك نشرت يديعوت أحرونوت العبرية صورة للرئيس السوري وكتبت تحتها (الأسد.. هل أصدر الأمر (بالاغتيال).؟!!! واستنكر الاثنين (أمس الأول) الرئيس السوري، بشار الأسد عملية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق، رفيق الحريري، ووصفها بالعمل الإجرامي الرهيب. هذا و أدان وزير الخارجية السوري، فاروق الشرع: العمل الإجرامي الشنيع (اغتيال الحريري) الذي أودى بحياة عدد من الأشقاء اللبنانيين، وأعرب الشرع عن أمله في أن يظل لبنان في هذه اللحظات العصيبة متماسكاً رافضاً لأي فتنة داخلية وأي تدخل خارجي. من جانبه اعتبر موقع صحيفة معاريف العبرية الإلكتروني أن اغتيال الحريري مرتبط بالدعوات التي انطلقت مؤخراً في لبنان والتي قادها الحريري لسحب القوات السورية من لبنان. وزعمت معاريف أن (للحريري دوراً في إقناع فرنسا بفضل علاقاته الجيدة مع الرئيس جاك شيراك بتأييد القرار 1559 بخصوص سحب القوات السورية من لبنان). الجدير بالذكر أن المسؤولين الإسرائيليين ووسائل الإعلام الإسرائيلية كانت تعتبر الحريري حليفاً لسورية في لبنان، ووجّهوا له تهديدات تتعلق باستمرار وجود القوات السورية في لبنان، وبعد كل تحرك عسكري أو إعلامي يقوم به حزب الله. بالمقابل، قال د.عزمي بشارة، العضو العربي في الكنيست الإسرائيلي: إن ارتكاب عمل من هذا النوع لا ينسجم مع أسلوب التفكير السوري، مضيفاً: إن المصلحة السورية توجب فرض الاستقرار في لبنان، وقد كان بالطبع عداء بين الحريري وسوريا، لكن ليس ذلك العداء الذي يترجم إلى جريمة قتل. وقال بشارة: إن الموضوع شفاف جداً لدرجة أنه أثيرت تساؤلات حول الجهات التي لها مصلحة في تسليط الضوء على سوريا بالذات في هذا الوقت. ويقول بشارة في تصريح صحافي، تنقل (الجزيرة) أهم ما جاء فيه: إن هناك قوى إقليمية ودولية أخرى غير سوريا لها مصلحة في التعرض للحريري وزعزعة الاستقرار في لبنان، بسبب الجدل المحتدم في الأممالمتحدة حول القرار 1559، والذي يطالب بسحب القوات السورية من لبنان. ويتابع بشارة قوله: إنني لا أوجه الاتهامات وليس لدي إثباتات لكنني لا ألغي بشكل قطعي احتمال تورط إسرائيل أو الولاياتالمتحدة في العملية، كما أن سوريا هي آخر جهة معنية بوقوع مثل هذه الأفعال.. إنها تسعى لوضع العقبات أمام تطبيق القرار 1559، لكنها بالتأكيد غير معنية بفتح ملف تحقيق دولي كما يطالب الفرنسيون الآن. ويذكِّر بشارة بالاتصالات التي جرت مؤخراً بين الحريري وسوريا، منوهاً إلى كون الحريري خارج قائمة خصوم سوريا، بل في قائمة الحلفاء. ويضيف في هذا الصدد: لقد ألتقيت الرئيس السوري وبه (الحريري) وأنا أدرك تماماً أن الطرفين يتبادلان التقدير والاحترام. وفي ضوء ذلك فإن سوريا تسقط بنظري من قائمة المشكوك في أمرهم.ويضيف بشارة قوله إن هناك قوى تاريخية من أنواع مختلفة كانت مسؤولة عن أحداث في لبنان ظلت ملابساتها غامضة حتى يومنا هذا. وبالنسبة لاغتيال الحريري فإنه من الأرجح بحسب المنطق البسيط أن تكون قوة منظمة وراء تدبير اغتياله، فهو قتل بعيداً عن بيته، حيث كان على شخص ما أن يراقبه ويدرس مسار سفره وتحركاته، كذلك فإن قوة الانفجار كانت هائلة ولم تهتم الجهة المدبرة بحجم ونوعية الإصابات التي سيسفر عنها الحادث بين اللبنانيين. من فعل ذلك لا يشعر بأي مسؤولية تجاه لبنان.. أو أنه تنظيم متطرف منظم جداً أو أنه تنظيم دولي يريد تسليط الضوء على الشأن اللبناني - السوري بحيث يتم في نهاية المطاف تنفيذ قرار مجلس الأمن. يشار إلى أن الدكتور عزمي بشارة قد اجتمع برفيق الحريري مرتين كانت الأولى قبل سنتين ومرة أخرى قبل سنة، وعن الحريري نفسه يقول بشارة: إنه يؤمن بالتعليم وقد أرسل الصندوق الذي يرأسه آلاف الطلبة اللبنانيين من العائلات الفقيرة للدراسة في الخارج. وعليه فتربطه علاقات مقرَّبة مع مثقفين لبنانيين.. أنا على علاقة بهم أيضاً.. إنه رجل نبيه جداً.. رجل أعمال سياسي.. مثقف وآفاقه واسعة.. فهيم بما يدور في العالم من أحداث... لقد أحاط نفسه بأحسن العقول اللبنانية وآمن جداً بالتحضّر وكان كذلك. قلة من الناس ما زالت تذكر أنه كان في شبابه عضواً في تنظيم فلسطيني ل(جورج حبش) قبل أن يصبح رجل أعمال. وماذا عن الصراع العربي الإسرائيلي؟ يقول بشارة: إن الحريري وضع نفسه في إطار الإجماع العربي ورفض اختراقه واتخاذ خطوات باتجاه إسرائيل.. لم يرق له خوض مغامرات السلام خصوصاً أنه اعتقد بأن ثقل لبنان في الصراع العربي الإسرائيلي لم يكن ليؤهل تقدمها على الدول الأخرى.. عندما حادثته أدهشني مدى فهمه واهتمامه بما يحدث في إسرائيل.. لقد كان على علم بآخر المستجدات هنا في تل أبيب وفهم كل شيء. وكانت وسائل الإعلام، المرئية والمسموعة والمكتوبة، قد نقلت عن مصدر مطلع أن انتحارياً فلسطينياً يقيم في بيروت يدعى أحمد أبو عدس هو الذي نفذ عملية اغتيال الحريري في العاصمة اللبنانيةبيروت الاثنين الماضي. وقال المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه: إن أبو عدس يقيم في منطقة الطريق الجديدة في بيروت وقد (غادر منزله قبل الظهر)وقد داهمت قوات الأمن اللبنانية الاثنين الماضي في بيروت منزل أبو عدس في الطريق الجديدة (وصادرت منه جهاز كمبيوتر ومستندات أخرى).وقال مصدر أمني لبناني إن الرجل لم يكن بالمنزل.وذكرت مصادر أخرى أن أبو عدس مقرَّب من جماعة إسلامية أصولية على صلة بتنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن. وكانت جماعة لم تكن معروفة في السابق تسمي نفسها (النصرة والجهاد - بلاد الشام) قد أعلنت مسئوليتها عن اغتيال الحريري، متوعدة بتنفيذ عمليات (إجرامية) أخرى ضد ما وصفتهم (بالكفرة والمرتدين والطاغين في بلاد الشام). وذكرت قناة الجزيرة الفضائية القطرية: إنها تلقت شريطاً من الجماعة، إذ قال المتحدث في الشريط الذي ظهر الجزء العلوي من جسمه وهو يتلو بياناً مكتوباً: إن منفذ العملية يدعى (أحمد أبو عدس).