أثار المحامي عن سجناء غوانتنامو الكاتب فهد الشمري شجون الأسى وجروح الألم لما يعامل ويتعرض له هؤلاء السجناء الذين لا تنطبق عليهم شرائع السماء وقوانين الأرض وفق العرف الأمريكي، بمقالة مناشدة نشرت بعدد الجزيرة (11790) بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان.. وأقول إذا كان الاحتفال يعبر عن الابتهاج ويدخل الفرح والسرور على المحتفى بهم سواء كانوا افرادا أو جماعات أو دولاً أو منظمات، وهو تعبير فطري لمناسبة غالية وذكرى عزيزة، ولكن عندما يكون العكس مآسي وأحزانا وفواجع، فإن الفطر السليمة تأبى إقامة أي نوع من مظاهر الاحتفال.. المنظمات الدولية سنت أياماً من كل عام تحتفل بها، منها اليوم العالمي لحقوق الإنسان، وحقوق الطفل، وحقوق المرأة وغيرها.. ففي الأيام الماضية صادف اليوم العالمي لحقوق الإنسان وأظهرت وسائل الإعلام المختلفة مظاهر الاحتفاء بهذا اليوم العالمي لحقوق الإنسان من قبل المنظمة الدولية ممثلة بهيئة الأممالمتحدة وبعض دول العالم.. هذا التفاعل وهذا الزخم الإعلامي الذي صاحب هذه المناسبة كان بعيدا عن حقيقة وواقع حقوق الإنسان وما يجري له في هذا العالم. والسؤال الذي ينتاب كل إنسان صاحب فطرة سليمة وهو كيف تحتفل المنظمة الدولية وغيرها من دول التحضر التي تصف نفسها بهذا الوصف وهي تشاهد وترى وتسمع عن الفظاعات والفضائح التي ترتكب في حق الإنسانية؟! أليس من المخل والمعيب أن تتبنى هذه المنظمة ومن يقودها من الدول العظمى أن تحتفل بهذا اليوم كذبا وزورا وتدليسا على شعوب العالم كله وواقع الإنسانية يعاني المآسي والويلات دولا وشعوبا واقليات ما زال بعضها يقبع تحت وطأة المحتل الغاشم وأخرى تسفك دماء شعوبها وثالثة تعاني الظلم والاضطهاد..؟! فلسطين الحبيبة والجريحة أكثر من خمسين عاماً أروت أرضها دماء أبنائها الزكية الذين يقتلون بشكل يومي من قبل عصابة مجرمة تمردت على العالم بما فيها منظمة حقوق الإنسان، سجون ملأى بالمعتقلين والمعتقلات يعذبون ليل نهار، مساكن تُهدم وسكان يُهجَّرون ومزارع تُحرق.. أفغانستان ذاقت الويلات وعانت كل ألوان الاضطهاد والظلم، سجون تمارس فيها كل وسائل التعذيب المحرمة وغير المحرمة وعلى مرأى من هذه المنظمة ودولها.. العراق ليس بأحسن حال، غزته ودمرته دولة منحت لذاتها الوصاية على دول العالم وهي التي تتشدق وتنتقد الكثير من الدول في مجال انتهاك حقوق الإنسان وتضعها في القائمة السوداء، وعلى أرضها تحتضن مقر هذه المنظمة، وهي المشهودة والمشهورة بانتهاكها الفاضح والصارخ لحقوق الإنسان قديما وحديثا. حربها على العراق كشف الوجه القبيح والحقد الدفين، جيشت الجيوش مدعمة بأحدث الأسلحة الفتاكة والمحرمة دوليا لتمسح دولة عن خارطة العالم كله، قتلت عشرات الآلاف وشوهت أضعافها وشردت مئات الآلاف، ودمرت كل مقومات الحياة الأساسية. فضائح السجون فاحت راحتها عبر وسائل الإعلام الغربية قبل العربية، صور تشمئز منها الفطر السلمية والضمائر الحية، وما كان خافيا فهو أعظم. فماذا فعلت هذه المنظمة؟! وأين دورها أيضا في سجون غوانتانامو؟! أم ان دورها يقتصر على الاحتفال رقصاً وطرباً على ضياع حقوق الإنسان وانتهاك كرامته فقط..؟! وبعد هذا السرد المقتضب لأمثلة حية وواقعية هل يحق أن تحتفل وتفرح و(تزغرد) هذه المنظمة وحقوق الإنسان منتهكة ومهانة نهاراً جهاراً؟! ناصر بن عبدالعزيز الرابح