من هدي النبي - صلى الله عليه وسلم -: (من صنع لكم معروفاً فكافئوه)، وإني هنا أحاول أن أصوغ ما أملته عليّ والدتي بلسان الحال ومنطوق المقال ذلك أنها - شفاها الباري - تعاني من ألم مزمن ألزمها الفراش منذ عشرين عاماً وما زالت، ولله المشتكى. وقد راجعت في شهر رمضان الفائت مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض ونومت به عدة أيام كانت تتلقى خلالها أرقى مستويات العناية وأشد الرعاية حساً ومعنى من أول وهلة وحتى آخر لحظة مما ساعد على معرفتها التامة وتقديرها الكامل لحالتها المرضية من جميع الجوانب؛ مما كان له بالتالي الأثر الجميل على نفسها وخاطرها وعلى ذويها كذلك؛ فأكبرت ذلك ولهجت بذكره وما فتئت تدعو لهم بالخير والمثوبة وتسأل الله أن يوفق خادم الحرمين وأن يمده بعونه وكرمه، حيث سخر وكرس كل ما يرفع الحرج عن مواطنيه. هذا وقد طلبت مني - أعظم الله أجرها - أن أخصّ بالذكر الدكتور عبد الله بن علي الغامدي إخصائي التخدير في عيادة الألم على جهوده الكبيرة وتفانيه اللا محدود ونفسه الطيبة وعمله الدؤوب، حيث كان نعم الأسى فقد أحاط المريضة بجميل العناية وكبير الرعاية بدءاً من دخولها وأثناء التنويم ومن خلال إشرافه على العلاج - جزاه الله خيراً وبارك في عقبه -. ولئن سرت ذاكرة النسيان فإنها لن تمحو صنيع الإخصائية مها الوهابي إخصائية علاقات المرضى، حيث كانت حبل الوصال بين المريضة والدكتور وبين المريضة والممرضات، وكانت نعم المتفهمة لعملها، فهي تتمتع بنفس طيبة ومنطوق حسن وتعامل راق حتى خُيل لوالدتي أنها إحدى بناتها، فجزاها ربها كل خير. وتذكر والدتي بالخير الممرضة أديبة فجلون التي كانت نموذجاً في العطاء وشامة في التفاني وإسداء الخدمة، فكانت أرق من النسيم تلطفاً وتحنناً.. كل هؤلاء خففوا من وطأة الألم على والدتي. إن هذه النماذج الثلاثة غيض من فيض وما هم إلا جزء من كل ومفردات جملة المستشفى وهي نماذج تشي بأشياء ونظائر وتدل على طاقم متكامل وعمل منسق يوحي بروح الفريق وينم عن الطابع الأسري لجميع العاملين في المستشفى. أسأل الله أن يشفي مرضانا ومرضى المسلمين، وأن يجزي كل من أدى عمله على الوجه المطلوب خيراً، إنه ولي ذلك والقادر عليه.