غيَّب الموت صباح يوم الاثنين الماضي فضيلة الشيخ الجليل والمؤرخ والأديب إبراهيم بن محمد الحسون - رحمه الله - . ولا راد لقضاء الله وكل نفس ذائقة الموت.. لقد نذر الشيخ الجليل والمؤرخ والأديب إبراهيم المحمد الحسون حياته لخدمة الدين ثم المليك والوطن.. فقد درس الفقيد - رحمه الله - في مستهل حياته في عدة كتاتيب في عنيزة ودرس المرحلة الابتدائية في المدرسة الرشيدية والفلاح في محافظة جدة عام 1346ه حيث أتم الفقيد - رحمه الله - المرحلة المتوسطة والثانوية وتخرج عام 1352ه، بعد ذلك التحق بمدرسة تحضير البعثات وكان ذلك في عام 1356ه وشغل - رحمه الله - عدة وظائف منها عمله سكرتيراً خاصاً لقائم مقام جدة ومأموراً لجمارك الخبر ومديراً لجمرك أم رضمة ومفتشاً أول في جمرك جدة ومدير مال وأمين جمارك منطقة الحدود الشمالية في مدينة عرعر ثم أحيل إلى التقاعد بعد خدمة متواصلة تربو على أربعين عاماً. تفرغ بعدها لمكتبته الخاصة وكتابة مذكراته، وقد أهدى - رحمه الله - مكتبته قبل وفاته لمركز الشيخ صالح بن صالح وهي تحتوي على أنفس الكتب والمراجع والمجلات والمواد السمعية والبصرية وقَدَّمَ - رحمه الله - دعماً لمكتبة الطفل فأثرى مجموعاتها.. وقد أرخ المغفور له - إن شاء الله - تاريخ المملكة منذ دخول جلالة الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - إلى الحجاز وقد نشرت مذكراته على حلقات كشاهد عيان على مرحلة توحيد المملكة في عهد المغفور له - إن شاء الله - جلالة الملك عبدالعزيز ثم أعيد جمعها ونشرها في كتاب صدر بثلاثة أجزاء بعنوان (خواطر وذكريات).. وكان الفقيد - رحمه الله - يحظى برعاية واهتمام من لدن صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز بن مساعد آل سعود أمير منطقة الحدود الشمالية كما أن صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض تفضل بزيارة الفقيد عدة مرات عندما كان يرقد على السرير الابيض في مستشفى الملك فهد التخصصي في جدة وكان سموه من أشد المعجبين بكتابات الشيخ إبراهيم الحسون كما قام بزيارته عدد من الوزراء والمسؤولين ورجال الفكر والأدب والثقافة ورجال الإعلام إبان وجوده - رحمه الله - في مستشفى الملك فهد التخصصي.. فقد كان شيخنا الفاضل محبوباً لدى الجميع وكان يتمتع بأخلاق فاضلة وسيرة حسنة إذ كان يخدم الكبير ويعامله كأنه أب أو أخ ويحتضن الصغير وكأنه واحد من أبنائه إلى جانب وقوفه مع الفقراء والمحتاجين كل ذلك نابع من تمسكه بكتاب الله وسنة نبيه المصطفى صلوات الله وسلامه عليه كما كان على اتصال دائم بزملائه وأصدقائه وأقربائه في السراء والضراء.. هذا إلى جانب ما كان يتمتع به - رحمه الله - من ثقافة عاليه مقرونة بدروس العلم والمعرفة التي حصل عليها في مقتبل العمر.. ونحن إذ نشاطر أبناءه وأهله وذويه في مصابهم الجلل لنسأل المولى جلت قدرته أن يلهمهم الصبر والسلوان وأن يتغمد الفقيد الشيخ الجليل والمؤرخ والأديب الفاضل إبراهيم بن محمد الحسون بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته.. (إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ).