إلى الراحل الكريم الشيخ إبراهيم بن محمد الحسون رحمه الله (*) يا عاشقَ الحرف هل للحرف صنوانُ وهل تحد بحارَ الحرف شطآنُ كم من بحارٍ عميقاتٍ تغوص بها هنالك الدرُّ والياقوتُ ألوانُ متيَّمُ الحرفِ سواحٌ ومكتشفٌ عشقُ الحروفِ معاناةٌ وإدمانُ فكيف تغدو حياةٌ لا حروفَ بها إن الحياةَ بغير الحرفِ فقدانُ يسلو ذوو الشوقِ أحباباً وأمكنةً ومدنفُ الحرفِ لا يأتيه سلوانُ قد يفتر الشوقُ عن ليلى وعن سحرٍ وعاشقُ الحرفِ طولَ العمرِ نهمانُ *** حدِّثْ بربِّك عن حرفٍ تهيمُ به كما يهيمُ بذاتِ الحسنِ هيمانُ حدِّثْ عن الشعرِ ما أحلى روائعَهُ في كل بيتٍ من الإلهام أكوانُ تلك البيوتُ مبانيها منغمةٌ أزهى وأجمل ما جلاَّه فنانُ تحوي الفنونَ جميعاً في فرائِدها الله.. كم تسحرُ الألبابَ أوزانُ حدِّث بربك تاريخاً لأندلسٍ تاج الحضارة أعلامٌ وبنيانُ فهل وقفتَ على الحمراءِ مبتهجاً أم داهمتْكَ غصاصاتٌ وأحزانُ كم قد بكينا على فقدانِ أندلسٍ فقْدُ الخلافة زلزالٌ وطوفانُ وفقدنا القدسَ والأقصى وموطِنَهُ هو الهوانُ وخذلانٌ وخسرانُ بنو فلسطين في المأساة ملحمةٌ من الكفاح صبياتٌ وصبيانُ يستصرخون بإخوانٍ لنجدتهم فلا مجيبَ أما في القلب إيمانُ كبرى القواصم بالإيمان نجبرها فهل لما حلَّ بالإيمان جبرانُ *** يا مَنْ رحلتَ عن الفيحاء(2) في صغرٍ لجدة الخير والأيامُ فرسانُ (كم قد مكثتَ بعيداً عن عواطفها) عنيزةُ الأمُّ قلبُ الأمِّ ولهانُ عنيزةُ الشوقُ في حل وفي سفرٍ عهد الطفولة لا تُنسيه أزمانُ (حصيلةُ(3) العمرِ) كنزُ الفكرِ جدْتَ بها رمزاً لحبِّكَ هذا البذلُ برهانُ هذا من البرِّ في دار ولدتَ بها وأعظمُ البرِّ أفكارٌ وعرفانُ *** وجدةُ الثغرُ في الأفضال سابقةٌ مرسى الحجيج وللخيرات شريانُ حدِّثْ عن الثغر حاراتٍ ومدرسةً والعيدروس(4) به الأعيادُ تزدانُ عن الفوانيس في الظلماءِ ساهرةً عن الزفاف إذا ما ازدان عِرسانُ عن البواخر كالأعلام راسيةً عن البيوت عليها التاجُ روشانُ عن الشراع نسيمُ الصبح هَدْهَدَهُ يختال في اليمِّ والبحَّارُ نشوانُ عن السواعي(5) إذا ما الريح تدفعها تُراقصُ الريحَ والأمواجُ ألحانُ والبحر يحضنها من فرط فتنتها فاحمرَّ من خجلٍ عشبٌ ومرجانُ أنْعِمْ بجدةَ ماضيها وحاضرها دارُ الكِرام وللروَّادِ أوطانُ أنْعِمْ بجدةَ أهلوها وجيرتهم لهم بنجد أحبَّاءٌ وإخوانُ ودار خوجةَ(6) للأفذاذ جامعةٌ رمزُ الوفاءِ وللأفكارِ ميدانُ فليَهْنَأِ العرسُ بالحسونِ(7) مفخرةً والمهرُ فضلٌ وإجلالٌ وعرفانُ وشاهدُ العرسِ أخيارٌ ذوو كرمٍ مَنْ للكرامِ سوى المقصودِ(8) عنوانُ *** * تُوفِّي يوم الاثنين 29-11-1425ه. (1) قيلت بمناسبة تكريم الشيخ إبراهيم محمد الحسون رحمه الله من قِبَل إثنينية عبد المقصود خوجة بجدة، ولم يتم تكريمه لمرضه. (2) اسم آخر لعنيزة (وهناك عدد من رجالات جدة من أبناء عنيزة). (3) إشارة إلى أن الشيخ إبراهيم الحسون تبرَّع بمكتبته إلى مركز ابن صالح الثقافي في مسقط رأسه عنيزة، وهي من أكبر المكتبات الخاصة؛ إذ تحوي الكثير الكثير من أمهات الكتب والمراجع والقواميس والدوريات ومجلدات المجلات الشهيرة في الوطن العربي وقصاصات من مجلات وجرائد لمختلف المواضيع المهمة بما يعدُّ أرشيفاً وثائقياً لتلك المواضيع. (4) العيدروس مكان شرق جدة القديمة تُقام فيه الاحتفالات بالأعياد ويزدان بمختلف الألعاب للصغار والكبار. (5) السواعي: السفن الشراعية الصغيرة تنقل البضائع والركاب من الميناء إلى البواخر الكبيرة وبالعكس. (6) إثنينية عبد المقصود خوجة، وهي أشهر من أن تُعرف أو تُوصف. (7) المحتفى به الشيخ إبراهيم محمد الحسون. (8) المقصود: عبد المقصود خوجة صاحب الدار وصاحب الندوة والمضياف للروَّاد.