كنت في أحد محلات الحاسب الآلي اشتري بطاقة انترنت، فسألني البائع عن عدد الساعات التي أرغب فطلبت منه خمساً وعشرين ساعة، وفيما أنا أهمّ بركوب سيارتي أتتني نفسي الأمارة بالخير وسألتني عن ماذا سأصنع بهذه الخمس والعشرين ساعة التي تمثل يوماً كاملاً في حياتي تقريباً، ولم تكتف بذلك بل سألتني الكثير والكثير من الأسئلة التي لا أزال أبحث لبعضها عن إجابة.. وكان من أسئلتها ان سألتني عن أي المواقع سأذهب إليها، هل سأذهب إلى المواقع الإسلامية أم سأشارك بقوة في المنتديات الهادفة أم سأستفيد من هذه الساعات في الدعوة إلى الله بالتي هي أحسن أم سأستفيد منها في الذب عن عرض اخواني المسلمين الذين يتعرضون لشتى أنواع القذف والسب والطعن في أعراضهم وأعراض أهليهم من أناس لا يخافون الله، أم سأستفيد من هذه الساعات في إزالة ما يعترض طريق هذا الدين العظيم من شبه..؟. فأردت أن أجيبها إلا أنها قالت اصمت وانصت فأنا لم أنهِ كلامي، بعد حيث زادت أن قالت أم أن نفسك الأمارة بالسوء ستصنع منك معول هدم في جدار الأمة لا معول بناء، فتسب زيداً وتقذف عبيداً وتطعن في عرض سعيد وستدعوك إلى إشاعة الفتن وإلى نشر الفاحشة والرذيلة بين الناس وستدعوك أيضاً إلى إثارة النعرات وزرع الخصومات بين خلق الله، وستدعوك كذلك إلى تكفير مخالفيك وتفسيقهم لأدنى سبب، وستدعوك إلى الانتقام منهم بشتى الصور فتنشر الأكاذيب عنهم وتغتابهم وتفضحهم على رؤوس الخلق عند أدنى خطأ..؟ أم أن نفسك الأمارة بالسوء ستتركك تدع كل هذا وتطير بك الى مواقع الصور الفاضحة واللقطات الخليعة وستدعك تقول كلامك فاحشاً وبذيئاً لا يرضى عنه الله ولا رسوله ولا كل صاحب نفس رفيعة؟؟ فأطرقت برأسي من قولها وهنا صدح صوت بين جنبات نفسي مرددا قوله تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ، وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ} وقبل أن أفيق كان الصوت لا يزال يردد قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن علمه ماذا عمل به، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه).. فهلا سمحت أخي قارئ حروفي لنفسك الأمارة بالخير، بأن تسألك عن أشياء كبيرة وصغيرة في حياتك، فقد تقول لك أكثر مما قالت لي.