الذي يتابع مسيرة الشباب والرئاسة العامة لرعاية الشباب في المملكة يدرك ويلمس أن هذا المرفق يتكئ على رصيد هائل من المنجزات التي لا نقولها هكذا مبالغة أو جزافا بل هو الواقع، والراصد للحركة الشبابية والرياضية في هذه البلاد وفي المنطقة كلها يعرفها جيداً. مسيرة الرياضة والشباب في بلادنا مسيرة تسابق الزمن بل تسبقه وبالفعل فقد تجاوزنا بلداناً سبقتنا بعدة عقود في هذا المجال وحققنا بطولات وحضوراً عالمياً متميزاً. وحققنا منشآت ومنجزات ونجاحات قفزت بحضورنا الرياضي والشبابي مراحل متقدمة للأمام. والذي يتابع ويرى منجزات هذا القطاع يدرك أنها منجزات (من النوع الثقيل)، أي أنها منجزات قد تناولتها وسائل الإعلام العالمية وحلقت باسم المملكة عاليا (دوليا) وحفرت اسم المملكة بأحرف مضيئة في كل محفل دولي، وصار للمملكة اسمها وحضورها ومكانتها الدولية في هذا المضمار، وصارت في مقدمة الدول التي أوجدت لنفسها مكانة متقدمة بين الدول في هذا المجال. ولقد وصل منتخبنا الأول للتصفيات النهائية لكأس العالم ثلاث مرات، وهناك دول سبقتنا في هذا المضمار بعقود ولم تصل ولو مرة واحة بل لم تقترب من الوصول، وهناك دول أيضا سبقتنا بسنوات وسنوات ووصلت على استحياء لمرة واحدة واعتبرت ذلك نصراً كبيراً. نحن وصلنا ثلاث مرات وسجلنا نتائج طيبة وصرنا أسياد آسيا لسنوات وحققنا نتائج كبيرة ومنتخبنا الوطني رفع اسم بلاده عالياً في المحافل الدولية وحقق لها حضوراً إعلامياً كبيراً.. وهذا كله للوطن ومن أجل الوطن ويعود للوطن دون أن يصاحب ذلك ضجيج إعلامي أو احتفالات أو شيء من ذلك. بل عُدَّ ذلك إنجازاً يتناسق مع سائر منجزات ومكتسبات الوطن الذي جاءت في كل اتجاه. لقد صال وجال منتخبنا الوطني وجعل علم المملكة يرفرف عالياً في أكثر من بلد وفي أكثر من بطولة وفي أكثر من محفل دولي وصفقنا لهذا الحضور وشعرنا بالكثير من الفخر والزهو والاعتزاز نتيجة هذا الحضور والتفوق الدولي، لأننا كنا ندرك ماذا يعني هذا الإنجاز الذي حققه شبابنا وحققته الرئاسة. وحسب اعتقادي أنه لا توجد دولة آسيوية عربية حصلت على كأس آسيا مثلما حصلت عليه بلادنا، فهي زعيمة آسيا بلا منازع ويحق لها أن تفتخر بهذا اللقب الدولي الكبير. ولا يوجد دولة عربية حضرت مسابقات كأس العالم وشاركت فيها وسجلت مشاركة رائعة مثلما حضرنا ثلاث مرات وسجلنا نتائج جيدة. ولكن تظل مسابقات كرة القدم والبطولات مداً وجزراً وفوزاً وهزيمة وتفوقاً وإخفاقاً. لقد أخفقت منتخبات مثل ألمانياوالبرازيلوبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا وهي منتخبات لها اسمها الدولي، ومع ذلك لم يقل أحد أن البرازيل أو بريطانيا أو ألمانيا أو الأرجنتين كانت ضعيفة أو سيئة أو لن تقوم لها قائمة، كما لم تهاجمها صحافتها ولم تصفها بأقزع الأوصاف ولم تشكك في قدرات وكفاءة المسؤولين فيها، ولم تستخدم ألفاظا تهكمية مشينة، ولم تستعد الآخرين عليها. نعم نحن سبقنا دولاً كما أسلفت كانت تشارك قبلنا بعشرات السنين وحققنا نتائج لم تحققها تلك الدول، ومن دون شك فهناك دول كانت قبلنا في كرة القدم بعقود ومع ذلك لم تصل لكأس العالم ولو مرة واحدة، ونحن وصلنا في سنوات بسيطة ثلاث مرات وكان حضوراً مشرفاً ونتائج مشجعة. هذه البطولات وهذا الحضور الذي سجل كله باسم الوطن ومن أجل الوطن وحلقت باسم الوطن عالياً كان وراءه جهود جبارة وعمل شاق مضني وخطط وعقول من نتاج الرئاسة العامة لرعاية الشباب ورجالها المخلصين وعلى رأسهم سمو الرئيس العام وسمو نائبه. هذه النجاحات لم تأت من فراغ ولم تصنعها الصدفة بل هي من صنع تلك العقول الكبيرة المتفوقة التي لها مواعيد مع النجاح والإبداع والتفوق. ثم إن هؤلاء الناجحين المتفوقين ألا نتوقع منهم كبوة أو كبوتين؟؟ أوليس لكل جواد كبوة؟ أوليس لكل صارم نبوة؟ هل نريد منهم أن يكون كل عملهم نجاحات ونجاحات ونجاحات ولا نريد أن نرى تراجعاً ولو مرة واحدة ولا نريد أن نخسر بطولة واحدة.. نريد أن نفوز على العالم كله ونريد أن نفوز على كل العالم دون استثناء.!؟ في بطولات كأس العالم يشارك أكثر من عشرين دولة هي رموز العالم في كرة القدم أمثال (البرازيلوالأرجنتينوألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وفرنسا وروسيا.. إلخ) ومع ذلك يفوز فريق واحد وترجع الفرق الأخرى الثلاثين خاسرة ولم ينقلب الإعلام في تلك الدول رماحاً وسهاماً ونبالاً ضد منتخبات بلادهم. ولم يُتهم المشرفون على المنتخبات أو الرؤساء بأبشع التهم. ولم ترم عليهم أقزع الأوصاف. وفي كل بطولة الفائز واحد والبقية خاسرون والبطولة لم تكن في يوم من الأيام حكراً لدولة واحدة أبدا مهما كانت والفوز ليس دائما لأحد وإلا لما صار له أي طعم. هذه نقطة.. النقطة الثانية أن الرئاسة العامة لرعاية الشباب ليست منتخب كرة القدم. الرئاسة مجموعة مناشط رياضية وشبابية وثقافية وعلمية وفنية وألعاب وبطولات وفرق أخرى وحوالي مائتي نادٍ ومئات الآلاف من الشباب المبدعين في مجالات مختلفة. لقد حققنا بطولات خليجية وعربية وآسيوية واقليمية وعالمية في أكثر من لعبة وحصدنا جوائز وميداليات ذهبية دولية عدة مرات ومع ذلك لم يبرزها الإعلام ولم يتحدث عنها أحد بحجم هجوم اليوم على خسارة منتخبنا مرة أو مرتين ليتحول الأمر من نقد أداء المنتخب إلى هجوم على صرح عظيم كبير ناجح متفوق اسمه الرئاسة العامة لرعاية الشباب. لقد فزنا ببطولة الخليج في حفظ القرآن سنوات وفي ميادين ثقافية وفي ألعاب مختلفة، وفزنا ببطولات دولية وعربية مرات ومرات وسكتت صحافتنا ولم تعلق سوى بخبر صغير أننا فزنا. وكيف نتعامل معها بهذه القسوة؟ وكيف نجحد تفوقها؟ كيف نبخس الرئاسة نجاحاتها؟ هل نجهل أن الرئاسة تتكئ على رصيد هائل من النجاحات والتفوق على أكثر من صعيد؟ هل الرئاسة منتخب كرة القدم؟ أو هي مدرب المنتخب؟ أو حارس المنتخب؟ أو دفاع المنتخب؟ حتى نبخسها حقها، إن الرئاسة العامة لرعاية الشباب تتعاطى وتعمل في قطاع خطير ومهم للغاية اسمه قطاع الشباب والذي يشكل النسبة العريضة والأكبر والأهم داخل مجتمعنا والمشكلة التي لا نفطن لها هنا تأتي من عدة جوانب: 1- الأول عدم اهتمامنا بهذا القطاع وعدم تفهمنا لرسالته ودوره وأهميته في مجتمعنا واعتقادنا أن الرئاسة مجرد المنتخب الأول لكرة القدم وفوز وهزيمة المنتخب وعلى هذا نتعامل ونتعاطى. 2- إننا أكثر الناس هجوما على الرئاسة وتكسيرا لمجاديفها ومن أقل الناس ذكراً أو ثناء على نجاحاتها ومن أقل الناس حديثا عن مناشطها المختلفة. 3- إن الرئاسة تعاني من شح الميزانية مما يجعلها تتراجع في الكثير من خططها وتتهيب من الدخول في مجالات ومناشط ومنافسات (ثقافية وعلمية ورياضية وفنية) لصالح شبابنا بسبب ضعف وتواضع الإمكانات المالية. وهذه نقطة مهمة وخطيرة للغاية: اليوم شبابنا مستهدف وتتقاذفه الأيدي والعقول في كل مكان وهناك أعداء وخبثاء يحاولون استقطاب الشباب والتأثير عليهم والرئاسة تحاول استقطاب الشباب من خلال الأندية ومن خلال المراكز ومن خلال تهيئة المناخات اللازمة لهم لاستثمار أوقاتهم وأبعادهم عن الأجواء المشبوهة والحيلولة دون تورطهم في مشاكل وقضايا اجتماعية ضارة. والرئاسة تحاول استثمار طاقات الشباب (رياضيا وثقافيا وعلميا وفنيا ومهنيا) تحاول جذب هؤلاء الشباب وتفجير طاقاتهم وشحذ إبداعاتهم وتهيئة كل الفرص والمناخات لهم. غير أن إمكاناتها تعجز عن الوفاء بكل تلك الالتزامات، ومع ذلك هي لم تتوقف ولم تتفرج بل بذلت وعملت واستثمرت كل شيء. الرئاسة تملك الخطط والبرامج والعقول والكوادر وتملك كل الإمكانات إلا الإمكانات المادية وتظل الإماكات المادية دوماً هي العائق. لقد قلصت مخصصات دعم الأندية إلى النصف أو أكثر وقلصت بنود ميزانية الرئاسة هي الأخرى بشكل ملحوظ مما سبب عجزاً أو تراجعا في الضخ على مشاريع حيوية ومهمة وخطيرة في نفس الوقت كلها تصب لصالح شبابنا. بلادنا اليوم تمر بمرحلة خطيرة كان الشباب هم محور القضية، تفجيرات وإرهاب وعنف وأفكار مشبوهة وعقول مسخت وأعداء يتربصون بنا في كل مكان، والرئاسة لم تغفل ولم تغب عن ذلك بل ظلت صامدة قوية تستقطب الشباب وتؤهلهم وتحتضنهم بكل ثقة ويجدون فيها المحضن الطيب والصدر الرحب ويجدون فيها الملاذ المأمن ويجدون فيها ما يصقل مواهبهم وينميها وما هو كفيل بالقضاء على أوقات فراغهم مهما طال. لقد خصص عنوان مؤتمر الحوار الوطني في لقائه الرابع بالمنطقة الشرقية لبحث قضايا وهموم الشباب استشعارا بأهمية وخطورة هذا العنوان (الشباب)، ومع أن الرئاسة لديها سجل حافل وطويل ولديها ثروة هائلة من المعلومات وهي التي تشرف على قطاع الشباب وعلى شؤون وشجون الشباب منذ عقود طويلة وتملك كوادر وعقول قادرة على العطاء، غير أنه لم يطلب منها دور أكبر وأشمل داخل ردهات المؤتمر مع أنها تملك ذلك ومن الممكن أن تعطي معلومات وتقدم عملا كبيرا ومثمرا يثري أجواء المؤتمر. أقول ما دامت الرئاسة تتعاطى وتعمل في هذا الميدان الخطير والمهم، ميدان الشباب، فمن الأجدر الاهتمام بها ودعمها ودعم مناشطها وتفهم دورها بدلا من تكسير مجاديفها وشن هجوم عنيف عليها لمجرد أن المنتخب هزم بهدف أو هدفين أو خرج من بطولة غير مهمة وليس لها أي قيمة أو تأثير أو وزن. لقد تورط بعض شبابنا في أعمال عنف وتفجيرات وأفكار مشبوهة ضارة ورغم وجود عدد من المنتسبين لهذه الفئة الضالة من شبابنا إلا أنه لم يسجل وجود شخص واحد من المنتسبين للرئاسة العامة لرعاية الشباب أو أحد أنديتها على الإطلاق.. رغم وجود أكثر من (150) ناديا مسجلا في الرئاسة وكل نادٍ يضم آلاف الشباب من المنتسبين له وهذا دليل ومؤشر نجاح لبرامج الرئاسة (رعاية الشباب وحفظها). أوليس هذا شهادة نجاح للرئاسة العامة لرعاية الشباب وبرامجها ومرافقها. دعونا ننتقل إلى نقطة ثانية: وهي تلك الأخبار المحبطة (غير الصحيحة) التي تروج لها بعض الصحف وتنسبها إلى مصادر (موثوقة) أو (مطلعة) أو (رسمية) وهي في الأساس مكذوبة وغير صحيحة أو على الأقل هي غير دقيقة وهدفها مجرد بث نوع من التثبيط والإحباط في نفوس المخلصين ومحاولة الفت في عضد المتحمسين الناجحين. لقد بثت أخبار عن فصل الاتحادات الرياضية عن الرئاسة وتعيين أعضاء الاتحادات بالانتخاب، وأخبار أخرى من هذا القبيل واحتفت بها بعض الصحف واتضح أخيرا أنها أخبار كاذبة وغير صحيحة ولم يخسر في هذا الموضوع سوى الصحيفة التي نشرته. إننا ننتظر من الصحيفة بدلا من هذه الأخبار الملفقة نشر نجاحات الرئاسة وإبراز رسالتها بدلا من هذه الأخبار التي اتضح كذبها وأنها مجرد محاولة للنيل من هذا الصرح الكبير. إن الاتحادات لا يمكن وبأي حال وتحت أي ظرف فصلها عن الرئاسة لأكثر من سبب، والعقلاء العارفون هم خير من يدرك ذلك. ولست هنا لاعدد نقاط تبين جهل هذا الرأي والمسألة كلها ببساطة كانت مجرد تعجل من إحدى الصحف لنشر خبر اتضح أنه كاذب100%. لقد أصدرت الرئاسة بيانا وكذبت الخبر وفضحت كل ما جاء فيه وأوردت الحقيقة كاملة ولم يحصد صاحب الخبر أو مصدره سوى الفشل والخيبة والخسران. والمؤسف أن يكون بعض أعضاء لجنة التطوير مصادر لمثل هذه الأخبار غير الدقيقة لمجرد السعي لمحاربة الرئاسة بطريقة أو بأخرى ولو حرباً نفسية، وينسى هؤلاء أن جهاز الرئاسة أكبر من أن تنال منها تصريحات أو تهويشات كلامية. إن الشأن الشبابي هو اليوم محط اهتمام قيادتنا الرشيدة -وفقها الله- وقضايا وهموم الشباب هي اليوم الاهتمام الأول لقيادة بلادنا وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين ونحن واثقون أنه وسط هذا الاهتمام الكبير سيكون للشأن الشبابي مستقبل كبير بإذن الله تعالى. وهناك نقطة أخيرة أقولها بكل تجرد وموضوعية أن سمو الرئيس العام لرعاية الشباب صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن فهد بن عبدالعزيز ومن خلال تجربتي مع الرئاسة كصحفي وكاتب طوال هذه الفترة كان شخصا في منتهى الموضوعية والصدق وهو محل حب وتقدير واحترام الإعلاميين أجمع لما يتمتع به سموه من روح حوارية حضارية وأريحية صادقة وتعامل خلاق أمثل أكسبه ود الجميع من دون استثناء. هذا الخبير الشبابي الكبير يعد اليوم واحدا من أبرز خبرائنا في هذا المضمار حيث يترأس جهازاً يشرف على 50% من سكان البلاد وهم فئة الشباب، وقد قاد هذا القطاع بكل ثقة واقتدار ومسؤولية وحلق به عاليا وحقق له عشرات المنجزات في أكثر من ميدان ثقافي وعلمي ورياضي وفني وكل مجال. الوقت اليوم ليس وقت تقليص اعتماد قطاع يشرف على 50% من سكان المملكة. والوقت ليس وقت رمي التهم جزافا على قطاع له سجل طويل من العطاء والإبداع. والوقت ليس وقت إطلاق إشاعات من أجل تكسير مجاديف المخلصين المبدعين في قيادة قطاعات مهمة وخطيرة. الوقت وقت عطاء ووقت بذل ووقت تفهم لدور قطاع الشباب ودعم ومساندة وتشجيع المشرفين عليه ورفع معنوياتهم وليس تكسير مجاديفهم. لنكن موضوعيين نزهاء في التعامل مع هذا الجهاز والعاملين فيه.. لنكن أكثر صدقا لنتجرد من الأهواء الشخصية لنبتعد عن الانفعالات. يجب أن ننصف هذا الجهاز وننصف المسؤولين فيه ونعطيهم حقهم.