ماذا أقول لك يا ولدي..؟! وكيف أرد على سؤالك..! من أين لسنواتك الخمس أن تدرك الأمر.. وكيف لعينيك البريئتين أن ترى الواقع المُر المؤلم.. بابا لم يعد معنا.. مات أبوك يا نواف.. مات أبوك؟! لم يعد هنا لكي يأخذك في حضنه لتحتمي به من الخوف والحزن والمرض .. لم يعد موجوداً لكي يشاركك لعبك ونزهاتك.. لم يعد هنا لكي ينبهك إلى الخطأ ويدلك على الصواب.. كفكف دموعك بني.. لملم جراحك يا صغيري.. واكتم عبراتك.. فواقع اليوم مرٌّ ومؤلم.. غداً عندما تكبر سوف تفهم.. سوف تعرف.. والأهم أنك سوف تفتخر.. أبوك شهيد يا بني.. مات في ميدان العز والشرف.. دافع عنك.. وعن ملايين الأطفال مثلك.. كان يسهر على حمايتك وحماية أبناء وطنك.. كان يرابط لكي يذود عن حياض الوطن الغالي.. ألغام التخلف.. وقنابل الغدر.. وصواريخ الظلم.. نعم يابني قتلوه قتلوا أباك.. لكنهم لم يقتلوا حلمه.. قتلوه ..ولكنهم لم ينالوا من شرفه.. قتلوه ولكنهم لم يستطيعوا زعزعة أمن وطنه الذي كان يحرص عليه أشد من روحه.. أبوك شجاع يا بني.. أبوك مات نعم.. ولكنه استطاع ان يحقق حلمه.. كان يحلم بسقوطهم ويسعى للقضاء عليهم وها هم يتساقطون كالذباب.. كان يحلم أن يكون من أعلام هذا الوطن المعطاء.. وأحد أسمائه البارزة.. وها هو يشع نوراً في سماء العز والشرف.. كان يريدك أن تعتز به وأن تفخر باسمه وأي اعتزاز يا بني.. فأبوك كان أحد سيوف الحق المسلطة على رقاب أصحاب الفكر الضال وأهل البغي والظلم والعدوان.. افخر يا نواف.. والدك أقسم على نفسه وأبر قسمه.. أقسم أن يعيش شجاعاً كريماً.. وكم تمنى أن يموت بطلاً شهيداً.. (أنا نواف طلال المانع ابن الشهيد البطل) ما أجملها حين أسمعك ترددها دون أن تدرك معناها.. وغداً عندما تكبر ستقولها وكذلك عزة وشموخ بإذن الله.. (لما أكبر أبي أصير عسكري زي بابا واضرب الحرامية) بفضل الله ثم بفضل جهود المخلصين من أبناء هذا الوطن مثل والدك ستكبر بإذن الله دون وجود هؤلاء الأوغاد.. فجر يا بنتي.. لم تري أباك.. ولم يركِ ..كان ينتظر قدومكِ بفارغ الصبر وكنت وقتها أقول كم انتِ محظوظة بهذا الأب.. فجر يا بنتي لا تحزني.. فأنتِ لم تشهدي فرحته بكِ.. ولم تنعمي يوما بحنانه.. فقد مات قبل أن ترى عيناكِ النور.. ولكنه أعطاكِ أعظم هدية.. أهداكِ عقد الفخر.. وهامة العز والشرف نواف.. فجر.. احمدا الله على نعمة انتمائنا لهذا الوطن المعطاء.. وطن يقدر أبناءه المخلصين.. ويشكر جهودهم.. ويضمد جراحهم فكل إنسان مخلص في هذا الوطن هو بمثابة أب لكم.. أعدك يا وطني أن أربي ابني على ما مات أبوه عليه.. أعدك يا وطني أن يكون فارساً في صحراء البطولة وقائداً في ميدان الإخلاص والعز والشرف.. بإذن الله. وطني الحبيب دمت عزيزاً شامخاً.. وآمناً رغم أنف الحاقدين. *) زوجة الشهيد طلال عبدالرحمن المانع - عنيزة