تحت رعاية ولي العهد.. السعودية تستضيف غداً مؤتمر الاستثمار العالمي لعام 2024م في الرياض    "السجل العقاري" يبدأ تسجيل 227,778 قطعة عقارية بمدينة الدمام والخبر والقطيف    «التعليم» تطلق برنامج «فرص» لتطوير إجراءات نقل المعلمين    "البرلمان العربي" يرحب بإصدار الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس وزراء كيان الاحتلال ووزير دفاعه السابق    جلسة تكشف الوجه الإنساني لعمليات فصل "التوائم الملتصقة"    أمر ملكي بتعيين 125 «مُلازم تحقيق» على سلك أعضاء النيابة العامة القضائي    " هيئة الإحصاء " ارتفاع الصادرات غير البترولية بنسبة 22.8% في سبتمبر من 2024    اقتصادي / الهيئة العامة للأمن الغذائي تسمح لشركات المطاحن المرخصة بتصدير الدقيق    الأرصاد: أمطار غزيرة على عدد من المناطق    15 مليار دولار لشراء Google Chrome    أقوى 10 أجهزة كمبيوتر فائقة في العالم    تنافس شبابي يبرز هوية جازان الثقافية    يلتهم خروفا في 30 دقيقة    مسودة "كوب29" النهائية تقترح 300 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة    «اليونيسف» تحذر: مستقبل الأطفال في خطر    "الداخلية" تختتم المعرض التوعوي لتعزيز السلامة المرورية بالمدينة    3 أهلاويين مهددون بالإيقاف    افتتاح الأسبوع السعودي الدولي للحِرف اليدوية بالرياض    وزير الثقافة: القيادة تدعم تنمية القدرات البشرية بالمجالات كافة    المدينة: ضيوف برنامج خادم الحرمين يزورون مجمع طباعة المصحف ومواقع تاريخية    لماذا رفعت «موديز» تصنيف السعودية المستقبلي إلى «مستقر» ؟    «مجمع إرادة»: ارتباط وثيق بين «السكري» والصحة النفسية    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    600 شركة بولندية وسلوفاكية ترغب بالاستثمار في المملكة    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    بحضور سمو وزير الثقافة.. «الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو    تحفيزًا للإبداع في مختلف المسارات.. فتح التسجيل في الجائزة السنوية للمنتدى السعودي للإعلام    فعاليات متنوعة    111 رياضيًا يتنافسون في بادل بجازان    القِبلة    «واتساب» يتيح التفريغ النصي للرسائل الصوتية    أمراء ومسؤولون يواسون أسرة آل كامل وآل يماني في فقيدتهم    الأكريلاميد.. «بعبع» الأطعمة المقلية والمحمصة    تأثير اللاعب الأجنبي    الخليج يُذيق الهلال الخسارة الأولى في دوري روشن للمحترفين    «النيابة» تدشن غرفة استنطاق الأطفال    فرع وزارة الصحة بجازان يطلق حزمة من البرامج التوعوية بالمنطقة    «صواب» تشارك في البرنامج التوعوي بأضرار المخدرات بجازان    القبض على مقيم لاعتدائه بسلاح أبيض على آخر وسرقة مبلغ مالي بالرياض    "تقني‬ ‫جازان" يعلن مواعيد التسجيل في برامج الكليات والمعاهد للفصل الثاني 1446ه    خسارة إندونيسيا: من هنا يبدأ التحدي    مشكلات المنتخب    المدى السعودي بلا مدى    الأساس الفلسفي للنظم السياسية الحديثة.. !    1.7 مليون ريال متوسط أسعار الفلل بالمملكة والرياض تتجاوز المتوسط    معتمر فيتنامي: برنامج خادم الحرمين حقّق حلمي    سالم والشبان الزرق    الجمعان ل«عكاظ»: فوجئت بعرض النصر    الحريق والفتح يتصدران دوري البلياردو    إبر التنحيف وأثرها على الاقتصاد    «سلمان للإغاثة» ينظم زيارة للتوائم الملتصقة وذويهم لمعرض ترشح المملكة لاستضافة كأس العالم 2034    فيصل بن مشعل يستقبل وفداً شورياً.. ويفتتح مؤتمر القصيم الدولي للجراحة    وزير التعليم يزور جامعة الأمير محمد بن فهد ويشيد بمنجزاتها الأكاديمية والبحثية    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    "العوسق".. من أكثر أنواع الصقور شيوعًا في المملكة    سعود بن نايف يرعى الأحد ملتقى الممارسات الوقفية 2024    الأمر بالمعروف في عسير تفعِّل المصلى المتنقل بالواجهة البحرية    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في ديوان فرسان المجد للشاعر خالد عبد الله محمد المطوع
نشر في الجزيرة يوم 21 - 12 - 2004

قال في مقدمة الديوان سمو الأمير تركي بن بندر آل سعود : (خالد عبد الله المطوع صوت شعري جديد ، يصرخ من أعماق الأرض وينبت في واحات نجد شامخا كشموخ النخيل ، يستاف عبق الصحراء المبللة بأنفاس الجود والعزة والشهامة والكبرياء .. لقد امتطى الشاعر صهوة القصيدة وأسرج حروفها بكل ثقة وجدارة ، إنه ولا شك فارس من فرسان الكلمة).
رفل الشاعر عباءة الخليل بن أحمد ، وكان جديراً بهذه العباءة التي تذكرنا بأجدادنا الشعراء الفحول ، الذين تركوا الأثر البالغ في شفاف أبناء الأمة العربية ، وحلق إبداعهم في الجزيرة العربية وعلى مدارج الجامعات في الغرب وتناولتهم أقلام المستشرقين ، والشاعر خالد المطوع هو حفيد هؤلاء الأجداد الجهابذة في شكل القصيدة ومضمونها في حروفها ومعانيها وموسيقاها ، ولما كانت سنة الحياة غير ثابتة وإنما متجددة ومتغيرة ، فقد تراوحت ألفاظ الشاعر بين الجزالة والسلاسة ، والفخامة ورقة اللفظ في أسلوب شاعري تأسر فيه البلاغة القارئ ، وتسحره الاستعارة والمعاني النبيلة السامية التي تتشح بمعالم المجد حكمة وفروسية ونخوة ، مآثر ومناقب للأسرة السعودية الحاكمة التي أرست كيان المملكة العربية السعودية ، وجعلت منها منبرا مشرفا يطل على بوابات العالم بالتقنية والمعرفة والتخصص ، لتكون درة الوطن العربي بفرسانها .. وقد عبر الشاعر في إهدائه عن حبه وولائه ووفائه وعشقه لوطنه الغالي ، وهو يقول : (وليسمح لي خادم الحرمين الشريفين أن أرفع باقة أشعاري تحية لمقامكم الكريم ، فإلى تلك الأيادي البيضاء أهدي ديواني ، هذا بما يحمله من حب وتقدير لمقامكم الفاضل).
يفتتح الشاعر باكورة إنتاجه الشعري بأول قصيدة في ديوانه تكريما إلى روح المغفور له الملك عبد العزيز آل سعود الذي وهبه الله الحكمة والصبر والشكيمة والعزم والشمائل العربية ، متحديا النوائب وواقفا شامخا وهو يوطد أركان أمته ، فكان لابد للمجد أن يتبع ظله أينما كان ، وللسجايا أن تنتسب إليه.
يقول الشاعر في قصيدته (أشبالك الأتون من صلب القنا) :
مجد به مجد المعالي ينتمي
وإلى يمينه كل مجد ينتمي
ملك تلوذ به الملوك مهابة
وبعزمه وبجوده كي تحتمي
سمح الخلائق للأعادي عاصيا
يقري الضيوف وللعدا كالعلقم
جلد على نوب الزمان ومؤمن
ساع إلى الأمجاد دون تألم
فدعاؤنا قبل الصلاة وبعدها
رحم الإله رفات تلك الأعظم
ويجسد الشاعر مناقب الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود ، الذي كان مناصرا للحق العربي ومدافعا عن العروبة والإسلام ، ومتضامنا مع أشقائه العرب في محنتهم ، مما يؤكد الرابطة العربية الوطيدة وعلى حسه المرهف المتعلق بقضايا الوطن ، مكرسا العدل والجود ، ومتحليا بالتواضع وهذه الصفة من سمات العلماء الزاهدين ، ولا غرابة في الفارس الراحل الذي نقش في سفر الإباء والنخوة والشكيمة أسمى معاني النبل يقول الشاعر في قصيدته (أهديت بالعلم للأنثى نضارتها).
يا فيصل الحق والسلام والعرب
يا شعلة المجد والأخلاق والنسب
فهو القوي إذا الأعداء قد عصفوا
شرا ينال حقوق القدس والعرب
لما تمادوا بخنق النيل أو بردى
هب احتجاجا بقطع النفط لم يهب
أهديت بالعلم للأنثى نضارتها
حتى تربت على الأخلاق والأدب
ذكر الكريم إذا فاحت مكارمه
خير من الدر والياقوت والذهب
إن المتتبع لقصائد الشاعر يلحظ بتأثره بالقرآن الكريم والحديث النبوي ، مما يجعله قادرا إلى إظهار الدلالات ، بحيث لا تستغلق على أفهام الناس ، ولذلك قال الجاحظ : (للعرب أمثال واشتقاقات وأبنية وموضع كلام يدل على معانيهم وإراداتهم ..).
ومن الطبيعي أن يستأثر الشاعر أيضا بالتراث العربي وينهل من ينابيعه ، ثم يسكب ألفاظه في قالب شعري يصوغه وفقا لتطلعاته وتفردا بشخصيته الشعرية المتميزة .
ولا يسلو الشاعر مقام صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز آل سعود الذي زرع في الرعية المحبة والإخاء والشكيمة ، وشجع على انتشار الثقافة والتسلح بالعلم ، لأنه يعرف أن الأمة لا يمكن لها أن تنهض دون الوعي والمعرفة والأخذ بأسباب العلم.
يقول الشاعر (لك في السباق بيارق خفاقة) :
روضت الميدان أعناق الردى
وجعلت من شمس الربيع ذلولا
فبكم سلام القدس أضحى واضحا
لا يقبل التلوين والتأويلا
لك في السباق ببارق خفاقة
فاقت خيولك في السباق خيولا
يا سيد الأمراء يا تاج العلا
يبقى لولاؤك بالعلا موصولا
كل القصائد أسرجت فرسانها
تشدو يذكرك بكرة وأصيلا
كان الشاعر خالد يرسم في ممدوحه المثالية الخلقية الرفيعة التي تقدرها الجماعة ، وما كان مؤثرا في حياة عصره ، وما شارك في أحداث ، ويستنبط الشاعر معاني رائعة في السماحة والكرم والحلم والحزم والمروءة والعفة وشرف النفس وعلو الهمة والشجاعة والبأس ، وقد جسدها في الممدوحين نسيما قويا ، وبذلك يظهر تأثير المدحة وما تبثه في الأمة من تربية خلقية قويمة وحافزا على الفضائل والمكارم الرشيدة ، وقد خص الشاعر في قصيدته (في منتداك يفوح الشعر مزدهرا) سمو الأمير الشاعر سعود بن محمد بن عبد العزيز آل سعود بقوله :
يا فارس الشعر دُم للشعر يكرمه
يراعك الماهر المشفوف من عسل
ترقى وتلقى بحور الشعر مؤتلقا
فوق القوافي وفوق الوزن والجمل
يا عاشق الصيد والأمجاد يا بطلا
ويا سليما من النقصان والعلل
في منتداك يفوح الشعر مزدهرا
والأمسيات قناديل من الشعل
لكم مكان مدى الأيام يحضنكم
في مهجة القلب في الشريان في المقل
ويتألق الشعر ويحلق في فضاء الإبداع وهو يرسم لوحات جميلة أخاذة ، يرفدها الفنان التشكيلي حسن حمدان باللون والدفء والحركة وعراقة التاريخ العربي وتليد الأسرة السعودية الحاكمة ، مما يحدث نوعا من التناغم والانسجام ما بين لوحات الفنان حسن وقصائد المبدع خالد ، ولاشك أن مثل هذه المشاهد المشتركة بين اللون والحرف تبعث الراحة في العين ، وتقربها من تجسيد المعنى الذي أراده الشاعر في قصيدته (سلطان أنتم ضياء المجد يغمرنا) ، وهو يزفها هدية متواضعة لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود في مطلع قصيدته التي امتازت بالجزالة والمتانة وقوة الصياغة ، وهي قوله :
لك المطالع والأمجاد والظفر
وخافق ما سرى في نبضه ضجر
يذكرني مطلع قصيدة خالد من حيث الجزالة بالشاعر العربي الكبير محمد مهدي الجواهر وهو يقول :
لك القوافي وما وشت مطارقها
تهدى وما استن مهديها وما اعتلقا
ويتابع الشاعر خالد تتمة قصيدته في سمو الأمير سلطان المكرم قائلاً :
هذا الحجاز إذا مست ضفائرها
يزلزل الأرض بركان فتستعر
إنا ألفناك مثل النخل في كرم
يجود منه علينا الظل والثمر
أنت النشيد الذي ألحانه قبس
على الشفاه تجلى وانتشى الوتر
وتهطل سحائب الإبداع في قصائده الشعرية ، وهو يجل كوكبة من الأمراء الذين لهم بصماتهم الحضارية المشعة ومآثرهم وسجاياهم وعراقتهم وما خلفوه وتركوه في وجدان المواطن العربي من قيم عربية نبيلة ، تفوح سموا وحبا وشموخاً .. لقد أبقى الشاعر للشعر العربي على شخصيته الموروثة يدعمها دعما بما لاءم بينها وبين الحياة العقلية الخصبة وذمة المتحضر المرهف وتجديد يقوم على التواصل الوثيق.
بقي أن أقول لأخي الشاعر المبدع خالد عبد الله المطوع : (لقد حلقت في قصائدك ، وإن كان هناك بعض التباين في القوة والجزالة والمتانة في القصيدة بما يخص أبياتها وذلك شيء طبيعي ، حيث تزداد التجربة نضوجا وخبرة وتألقا وأن المتلقي يجد أن هذه القصائد المنثورة في الديوان تدل على أن الشاعر مطبوع ، ولا يخال أبدا أن هذا الديوان هو الأول ، وهذه شهادة تكون في صالح الشاعر وتحمله الكثير من الجهد والعناء في متابعة تألقه في فضاء الإبداع وتجعله يحمل ريادة الشعر العمودي.
(*) عضو اتحاد الكتاب العرب- سوريا - الحسكة - ص ب 204


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.