العادات والتقاليد التي توارثناها أبناءً وأحفاداً من الأجداد طوال سنوات مضت من عمر الزمن هي في الحقيقة تقاليد تعارف عليها الجميع اتفاقاً واعترافاً بصحتها في مصلحة الفرد الذي هو عماد المجتمع وأحد أركانه، ولا شك أن بعض هذه العادات قد يكون من الضروري تغييرها والعمل على صهرها لتصب في بوتقة واحدة تواكب متغيّرات الزمن، كالنظرة الاجتماعية الدونية للحرفي وصاحب المهنة، وإلى عمل المرأة وغير ذلك من الأمور التي تغيَّرت ولله الحمد بفضل زيادة وعي الناس واطلاعهم، وتقاليدنا التي جاءتنا عبر السنين وورثناها من الأسلاف هي التقاليد الصحيحة التي ينبغي علينا ما دام أننا مقتنعون بها أن نربي أبناءنا وننشّئهم عليها، فهي تهدف إلى حماية الفرد وحفظ هويته من الانغماس في التبعية للغير. وحفاظنا على عاداتنا وتقاليدنا هو حفظ لشخصيتنا وهويتنا الحقيقية بين الدول، فالموضة والتمدن والتطور الحضاري والعولمة وغيرها من التسميات مجرد دخلاء على أفكار البعض من الناس أصحاب العقول الهشة، ولذلك نلاحظ وبسبب التطور الفضائي في وسائل البصريات التي نقلت عبر جهاز استقبال صغير عشرات القنوات المختلفة التي انتشرت من خلالها ثقافات الشعوب وعاداتهم الغريبة في اللباس والتعامل والمعيشة، اتجاه العديد من شبابنا وفتياتنا إلى التقليد الأعمى لكل ما هو غريب ومستحدث بالتقاليع المرفوضة في الملبس وقصات الشعر المنوعة، وتركيب العدسات الملونة ولبس الجينز والقبعات والقمصان المليئة بالكتابات الأجنبية التي لا يعي معناها، وهذه مشكلتنا الحقيقية هي أننا لا نأخذ من الغرب إلا العادات السيئة التي يرفضها مجتمعنا.. ولكن لو نظرنا لهم من باب التطور التكنولوجي الذي جعل منهم دولاً متقدمة في هذا المجال فنجد أن التمدن واللباس والموضة لم يكن لها أي دور في هذه الحضارة وإنما تمسكهم بتطوير عقولهم وتوسيع مداركهم في الآفاق قد أوصلهم لهذه المكانة العلمية التي كانت لها الفضل في تلك الصناعات التي خدمت البشرية رغم أن أجدادنا كانوا هم السبّاقين لوضع تلك النظريات والاكتشافات التي أخذها الغرب وطوَّر فيها. ولذا فإن من الأفضل لنا مسايرة هذا التطور التقني والتزوّد به لما يخدم مصلحتنا دون أن نفقد هويتنا الإسلامية والعربية، فإذا كان لهم عاداتهم وتقاليد في اللباس والتعامل فنحن لنا أيضاً أن نفخر بعاداتنا وتقاليدنا المحتشمة والمبنية على الحياء والعفة.