لا بد من أسس يقوم عليها بناء الأسرة المسلمة المتماسكة التي تستطيع أن ترقى بطموحات أفرادها، وتقوي قدراتهم، وتحصنهم من كل غزو ثقافي أو فكري أو سياسي أو (عقدي) يستهدفهم. إن تماسك بناء الأسرة - في هذا العصر - هو الطريق إلى تماسك المجتمع، والدولة، والأمة حتى لا يصل أعداء الأمة المسلمة الى ما يريدون من الإجهاز عليها وعلى مبادئها وقيمها وأخلاقها باسم التطور والديمقراطية والعولمة وغيرها. وان أهم أسس بناء الأسرة ربطها بالله عز وجل ربطاً روحياً وعقلياً تتحقق به (التقوى) التي يتحقق بها معنى الإحسان: (ان تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك). ولن يتم تحقيق هذا الأساس أو غيره إلا بوسائل مهمة منها: 1- الرحمة والرأفة (والحرص الواعي)، فإن التراحم بين أفراد الأسرة يبني الثقة، ويغرس في قلوبهم روح القبول والطاعة، والتعاون المثمر، ويجعل تعليمات أولياء الأمور وتوجيهاتهم تتسلل إلى نفوس الأبناء والبنات بقبول ورضا، وسعادة وطاعة. {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ}. ولأن الرحمة صفة جليلة، وإحساس نبيل، فإنها قادرة بإذن الله على فتح مغاليق القلوب، وإزالة الحواجز النفسية التي قد تحدث في بعض النفوس. 2- الانفتاح الواعي المنضبط بضوابط الشرع الحكيم، فشريعتنا فسيحة سمحة، لها آفاقها الرحبة، وليس منها في شيء ما قد يحدث في الأسرة المسلمة من التزمت أو التقوقع أو التنطع والغلو، فهي شريعة الأبواب المفتوحة على كل خير وحكمة ورشاد في الدنيا كلها، وهي أبواب كثيرة جداً إذا ما قيست بالأبواب المغلقة في وجه الشر والضلال. إن انفتاح الأسرة على معاني الحياة البشرية الكريمة السمحة التي لا تعقيد فيها عامل مهم من عوامل تماسك بناء الأسرة، وتحقيق البناء القوي للشخصية المسلمة القوية. 3- ربط أفراد الأسرة بذخيرتنا الحضارية الهائلة، وكنوزنا الايمانية الضخمة، من خلال القراءة والمناقشة والاطلاع المستمر الذي يرسخ المعاني الايجابية التي تبني الإنسان المسلم الواعي. 4- وضع برامج للأسرة - من داخلها - لتوعية أفرادها دينياً - أولاً - حتى يكونوا على بصيرة من دينهم فلا تجد شبهات الآخرين إلى عقولهم وقلوبهم سبيلاً، ولتوعيتهم ثقافياً بما يجري في العالم، وبحقيقة دعوات الانحراف والانحلال، والخروج عن المنهج الإسلامي الواضح، سواء بالغلو في الدين، أو بالتفريط فيه، فالغلو والتفريط طرفان مذمومان خطيران على الإنسان. إن تثقيف أفراد الأسرة منذ الصغر مهم جداً - خاصة في هذه المرحلة - حتى لا تجرفهم الثقافات الأخرى الخارجة (على الشرائع والقوانين). 5- المصابرة والاستمرار على ذلك لأن المسألة ليست سهلة كما قد يظن البعض، إنها تحتاج إلى صبر ومتابعة لا بد منهما لتحقيق ما نصبو إليه من بناء الأسرة المتماسكة التي لا تجرفها الأعاصير. إشارة أين أنتم، وكيف ضعتم وفيكم