هل أحسست يوماً بأنك كائن غير حي؟ يشعر بما حوله ولكن ما حوله لا يشعر به لأنه ساكن.. صامت.. بلا تأثير؟! هل مررت يوماً بشعور انفصال الجسد عن الروح وانفصام العقل عن القلب.. انه شعور فظيع ومرعب، أليس كذلك؟وهل وصلت مرة لنقطة ما في حياتك شعرت فيها بأنك اكتفيت من الحياة وزخرفها وانه لا جديد بعد تجاوز هذه النقطة لتجربه؟!! هذا هو بالضبط شعور المومياء التي تهرب من تابوتها لتحاول مواصلة الحياة أو العودة إليها بينما هي في نظر الجميع جثة محنطة.. أحياناً أشعر بأني مجرد مومياء لا صوت لها مهما صرخت.. ومع ذلك أتمنى أن يشعر أحد ما بوجودي.. ولكن البشر لا يسمعون الصمت ولا يتأثرون بالسكون ولا يرون في العتمة.. إذن هل لا بد من أن أحل اللفائف والشرائط الموجودة حولي ليراني الناس.. هل اخلع ثوب التابوت لارتدي ثوب الدنيا.. هل اسرق صوت العصفور أم فصاحة البشر..؟؟؟أفكر أحياناً بذلك ولكني أتراجع للخلف حين يصيبني الدوار من شدة الضوء الصناعي..ربما الانزواء والاختباء في التابوت افضل وارحم من الوثوق بالبشر مرة أخرى.. فالبشر هم الذين يخبئون حقائقهم في داخلهم بينما يظهرون الطيبة واللطف للخارج.. ليقع في شباك خداعهم من يقع..أحياناً اشعر بالرعب من الحياة والبشر اكثر من الموت نفسه!! ترى إلى متى أبقى مجرد مومياء هاربة.. تارة اهرب من تابوتي لأنظر للحياة المتحركة بفضول وذهول.. تارة اهرب من واقع الحياة لاختبئ في أعماق الظلمة كشرنقة داخل كهف مظلم.. إن الفيصل بين الحياة والموت هو الشجاعة والقوة.. أما التقهقر والخوف فهما الغطاء الذي يحول بيننا وبين الهواء النقي.. ومن أين يستمد المرء الشجاعة إذا كان لا يثق بأحد..؟يحيط بي ألوان من البشر لا اعلم من منهم يضمر لي الحب من الكراهية.. والخير من الشر..ولو كان الناس عبارة عن مومياء متدثرة بالشرائط لسهل معرفة أصناف الناس بسهولة بمجرد فك الشريط.. ولكن البشر أشد عمقاً وخطراً من لذلك..وحتى الآن لا أعلم إلى متى سأظل مومياء جبانة هاربة؟!