تعقيباً على ما ينشر من مواضيع في الجزيرة عن المعلمين أقول أكاد أجزم أنه لا يوجد موضوع شغل ومازال بال المعلمين ، وأخذ حيزاً من تفكيرهم وجعلوه مادة لحواراتهم وفتحوه مع كل مسؤول في التربية والتعليم .. إنه موضوع (النصاب) أي نصاب المعلمين من الحصص والذي يبلغ في أقصى الأحوال 24 حصة أسبوعيا وكل حصة 45 دقيقة. وفي الحقيقة أتمنى كما يتمنى غيري أن يصل النصاب إلى 10 حصص أسبوعيا ، ولكن صدقوني لو بلغ هذا الحد فلن تقف مطالب المعلمين عند هذا ، وسيظل الحديث عن النصاب يرهق المعلم رغبة في أن يصل إلى حصة واحدة يومياً وهذا مستحيل. كان المعلمون القدامى يدرسون ما بين (28 - 30حصة) أسبوعيا ، ولم يكن هذا الكم يشغل فكرهم بل كانت كل جهودهم تنصب على طلابهم تربوياً وتعليمياً ، حتى ان بعض المعلمين الرواد كان يزود طلابه بكتب من مكتبته الخاصة ، وكان ينزل إلى مستواهم العقلي ليتفهم ظروفهم وحاجياتهم النفسانية ، ويلم بظروفهم الاجتماعية والمادية وكان يناديهم بأحب الأسماء إليهم ، وكان وكان وكان .. فهل الحال تغير أم الظروف تبدلت ؟ الأمر والحكم لكم ، ولكن سأدعكم تفكرون في إجابة لسؤال ما مللنا من طرحه (لماذا مكانة المعلم هبطت ؟) ولماذا المعلم الذي كان يقدم في المجالس ويستشار ويقدر لماذا اختفت مظاهر الحفاوة تلك ؟ وهذه حقيقة أسجلها بكل تجرد وأنا واحد من هذا الجيل. لقد بعثت هذه التساؤلات حكاية النصاب الذي يشكوه المعلمون ، وعلى كل حال سأطرح فكرتين وكلاهما للتأمل : أما الأولى فوزارة التربية والتعليم (المعارف سابقاً) أجرت دراسة حول نصاب المعلمين من الحصص في البلاد العربية لتحدد في ضوء هذه الموازنة قرارها ، فوجدت أنه في المرحلة الابتدائية يدور ما بين (22-30) حصة كما في دول الخليج العربي ، وفي مرحلتي المتوسطة والثانوية ما بين 18 - 26 حصة ، ويزيد عن ذلك في بعض البلدان العربية كما في الأردن 25 حصة للابتدائية ، و23 حصة لمعلم المتوسطة والثانوية ، أما في باقي دول العالم فيتراوح نصاب المعلم في ألمانيا 27 حصة و 29 حصة في بريطانيا وفرنسا ومعظم دول أوروبا ، وفي اليابان يبلغ 33 حصة وفي أمريكا قريب من هذا الرقم .. وقد ذُكرت هذه الأرقام في أحد كتب د.عبد العزيز الثنيان ، وأنا أقول لماذا فات على الوزارة ان تضع المعلم أمام هذه الحقائق مباشرة وأنا أطرحها للتأمل الآن ؟ أما الفكرة الثانية : فأقول لا تتعجبوا من أن هناك أنصبة مخفضة لدى كثير من المعلمين منها ما هو رسمي ونظامي ، كما عند معلم الصف الأول 21 حصة ومنها ما تم خفضه لأن ظروف المدرسة أو المعلم أو ظروف أخرى لعبت دوراً في حصول المعلم على نصاب مناسب .. عموماً فكرتي الثانية والتي أطرحها كذلك للتأمل : ما رأي وزارة التربية والتعليم في أن تصدر تنظيما تحدد فيه الأنصبة بما يتناسب مع ظروف المادة وخبرة المعلم ؟ فكما نعلم بأن بعض المواد كالعلوم والتي ترتبط بالمعامل والمختبرات وكذلك الرياضيات تحتاج إلى إعادة النظر في نصاب المعلمين القائمين عليها ، أما خبرة المعلم فنحن نعلم بأن المعلم كلما تقدم في السن قل عطاؤه ونضب نشاطه ، فلو بني نصاب المعلم على هذا الأساس فمن خدم 25 سنة فما فوق ينظر في نصابه من الحصص ، وكل ذلك يصب في خدمة العمل التربوي ولمصلحة الطالب (لب) العملية التعليمية. وبهذا نكون قد أمسكنا بالعصا من المنتصف في موضوع (قديم جديد) لنغلقه ثم نرى بعد ذلك ما عند المعلمين. محمد إبراهيم فايع