الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شعيرة قد يتهاون بعض الناس فيها ، بل قد يتجاهلها بعضهم ، ولذلك أسباب عديدة ليس المجال الحديث عنها ، وكل أولئك المتهاونين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد غاب عنهم أن ترك تلك الشعيرة هو الخطر بذاته ، وذلك بدليل الكتاب والسنة ، ففي ترك الأمة بالمعروف والنهي عن المنكر هلاك الناس قال تعالى :{ وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ }. كما أنه سبب في الهزيمة والخذلان والإبعاد من رحمة الله قال تعالى :{ الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} ، وسبب أيضا لضرب القلوب بعضها ببعض وسبب للعن فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل كان الرجل يلقى الرجل فيقول له : اتق الله ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك ، ثم يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده ، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض) ثم قال :{ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ } إلى قوله : { فَاسِقُونَ } ، ثم قال :(كلا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد الظالم أو لتأطرنه) (لتردنه) على الحق أطرا أو (لتقصرنه على الحق قصرا) وفي رواية (أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض ثم يلعنكم كما لعنهم) ، ومن أبرز صفات المنافقين مخالفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال تعالى :{ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أسباب عدم استجابة الدعاء وحلول العقاب قال صلى الله عليه وسلم :(والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه فتدعونه فلا يستجيب لكم). وبعد هذه النصوص الشرعية يتضح خطورة ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لذا أخذت هذه الدولة المباركة منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز - رحمه الله - ومروراً بعهود أبنائه البررة الملوك سعود وفيصل وخالد - رحمهم الله - الى عهدنا الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين - أيده الله - أخذت هذه الدولة - حرسها الله - على عاتقها رعاية وخدمة هذه الشعيرة ، بأن أنشأت للقيام بها جهازا مستقلا ليس له مثيل في العالم كله يرتبط برئيس مجلس الوزراء مباشرة كما نصت المادة الأولى من نظام الهيئة ، وهذا الجهاز له في كل منطقة من مناطق المملكة فرع يتبعه هيئات ومراكز ، حتى أنك لا تكاد تدخل قرية ناهيك عن مدينة إلا وتجد فيها مركزاً لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وليس ذلك مستغرباً من دولة جعلت نص المادة الثالثة والعشرين من نظامها الأساسي للحكم (تحمي الدولة عقيدة الإسلام وتطبق شريعته وتأمر بالمعروف وتنهى المنكر وتقوم بواجب الدعوة إلى الله).