ما زالت الثقافة العربية تعيش تحت تأثيرات الاستعمار بالرغم من التضحيات التي قدمتها الشعوب في سبيل مكافحته حتى لا يؤثر على هويتها الثقافية، وكانت في تلك الفترة ثقافتنا العربية متماسكة، ولا يوجد بينها التباين كما هو الحاصل الآن لأن الاستعمار استخدم كل الوسائل لتقويض ثقافتنا العربية، وقد ركز في استحداث فجوة بين أبناء الأمة الواحدة، وذلك بإثارة النعرات الطائفية والمذهبية واستحداث أقسام في جامعاته تحت مسمى الدراسات الشرقية، وفي بعض الأحيان الإسلامية علماً بأنهم لم يهتموا بالتأصيل الإسلامي كما يجب لأنها وضعت في أغلب الأحيان لتحقيق الأهداف التي يريدها فلهذا أصبحت الثقافة العربية بين شعوبها في مرحلة صراع وتنافر بالرغم من المدلولات الحسية والمعنوية المقنعة لنا التي تدحض كل افتراءات هؤلاء المغرضين، ولكن للأسف ان الشعوب العربية المثقفة لم تتعامل مع التأصيل الإسلامي من خلال المنهج العلمي الذي يوضح قنوات ثقافتنا العربية من خلال لغتنا العربية التي حافظ عليها القرآن والسنة النبوية المطهرة التي كونت لنا مخزونا من التنور المعرفي الذي يربطنا بثوابتنا، وما سطره لنا السلف الصالح في صنوف المعرفة المختلفة التي وصلت بالمنصفين إلى لغتنا العربية في التفاعل معها في الكثير من فنونها وآدابها حتى عند العرب غير المسلمين تجد تأثرهم بالكثير من القيم العربية من خلال ولائهم لها الذي يميزهم عن الآخرين الذين تجمعهم بهم رابطة الدين، وهذا مؤشر قوي يدل على أن أرضية وحدة ثقافتنا العربية قابلة لاحتواء الأمة الواحدة تحت لوائها، وذلك بفتح قنوات الحوار وتبادل المشورة بينها لأننا نملك قاسماً مشتركاً واحداً وهي اللغة العربية، وأعتقد كلما كانت هناك لقاءات ومنتديات فكرية تستقطب المهتمين بالثقافة العربية كلما كان هناك تقارب وتفاهم أكثر من خلال تفعيل مصادر لتأصيل في مختلف فنون هذه اللغة إذا أخذنا بالاعتبار أن عناصر تأصيل اللغة في المنظور الإسلامي سوف تكون أقوى ومقنعة للطرف الآخر من الذين تجمعهم معنا هذه اللغة، فلهذا يجب على مؤسسات التربية والتعليم والمنظمات الثقافية في الوطن العربي والإسلامي من إعطاء اللغة العربية أهمية بالغة وجعلها هي اللغة السائدة في الوطن العربي في التعليم ومؤسساته وفي كل التعاملات وألا يطغى تعلم اللغات الأخرى عليها، وبهذه الطريقة نستطيع أن نسهم في تكوين حد أدنى في وحدة ثقافتنا العربية.