فرنسا تحاول تهدئة الأوضاع مع إسرائيل خوفاً من (الأخطاء الفادحة)! صحف إسرائيلية كثيرة هددت فرنسا بأنها ستدفع ثمن (رأسها الأعوج). (الرأس الأعوج) هو نفسه الذي وقف في الخط طوال الحرب الأمريكية على العراق، مثلما وقف في الخط طوال سنوات العنف الأعمى الذي ترتكبه إسرائيل ضد المدنيين الفلسطينيين. فرنسا تعتبر أن (معاداة السامية) ليست من ثقافتها، ولهذا ذهب وزير الخارجية الفرنسي إلى إسرائيل (ليتفاهم) مع الإسرائيليين، وليحاول إقناعهم أن الفرنسيين) لا يعادون اليهود وأن ما يرتكبه اليهود (من فظاعات) صار أكبر من احتمال صور نشرات الأخبار اليومية! أليست مهزلة حقاً؟ كل ما يجري اليوم مهزلة والتصريحات الإسرائيلية إزاء فرنسا مهزلة والتبريرات الفرنسية إزاء إسرائيل مهزلة. والصمت الدولي إزاء الإبادة الجماعية في فلسطين مهزلة. كل ما يصادفنا من (بروتوكولات) دولية هو المهزلة بعينها باعتبار أن الظلم والإحساس به صار يكرس هذا الوضع المأساوي من العنف والعنف المضاد. العلاقات الفرنسية الإسرائيلية تراجعت، ليس لأن فرنسا تعادي السامية، بل لأن إسرائيل لم تعد تأبه بأحد ولا بشيء منذ اعتلت القوة العظمى هرم الإبادة ضد المستضعفين على الكرة الأرضية. ألم تلجأ أمريكا إلى تقرير (صاغه طلبة ثانوية) لاتهام العراق بامتلاك أسلحة الدمار الشامل ليكتشف العالم أن (الكذبة) لم تكن بيضاء، بل ملطخة بدماء العراقيين الذين يموتون يومياً من دون ذنب. الزيارة الدبلوماسية الفرنسية إلى إسرائيل جاءت في وقت نراه خطأ، وأن المصالحة مع أي طرف حين تكون مبنية على الأخطاء ستبقى مصالحة مبتورة، وأن محاولة (تبرير) المواقف الفرنسية إلى الإسرائيليين لهو الخطوة التي لا يمكن الوقوف أمامها سوى بالاستغراب وبالشعور بالعار، لا لشيء سوى لأن هيئة فرنسية رسمية مثل وكالة (فرانس برس) أجرت استطلاعاً بين الفرنسيين جاء فيه أن 77% من الفرنسيين يعتبرون إسرائيل دولة معتدية وهو الشيء الذي لن تستطيع كل المحاولات الدبلوماسية تغييره لأن الجيل الفرنسي الجديد يحكم على ما يجري بحكم الصور الفظيعة التي يراها في نشرات الأخبار والتي تحمل كلها نفس العنوان: (إسرائيل وأمريكا يمضيان نحو تدمير العالم بأسره..)