هل يكفي لكي تنجح الإصلاحات الاقتصادية أن نكتفي بتعديل بعض الأنظمة القائمة أو إصدار أنظمة جديدة؟ لعل إجابة الكثير منا ابتداء ستكون بالنفي، وان كانت الاجابة الشافية والموضوعية هي تلك التي تستند على حقائق وبراهين. ولعل التقرير الذي أصدرته الهيئة العامة للاستثمار، قبل تقدُّم محافظها الأول الأمير عبدالله بن فيصل بن تركي آل سعود بطلب إعفائه من منصبه، والذي رصد 106 معوقات أمام قدرة الاقتصاد السعودي على جذب الاستثمارات الأجنبية المأمولة، يكفي للدلالة على أن بعض الإجراءات أو الممارسات البيروقراطية الحكومية لم تتواكب مع استحقاقات الإصلاحات الاقتصادية، وشكلت عقبة كؤود أمام نجاحها، وبالتالي حجمت أي تأثير لتعديل أنظمة قائمة او اصدار انظمة جديدة.. بمعنى ادق واكثر شفافية، كان سوء الإدارة وراء اخفاق الاقتصاد السعودي في اجتذاب الاستثمارات الاجنبية المأمولة وانحسارها في ارقام لا تتناسب مع حجم وامكانات الاقتصاد، مقارنة مع نجاح اقتصاديات صغيرة في المنطقة نفسها، مثل امارة دبي، في ان تكون مركز جذب مثالياً للاستثمارات بفعل إدارة واعية ومرنة تعرف (من أين تؤكل الكتف)، وتتصرف برؤية استراتيجية تتجاوز الطرح التقليدي الذي مازلنا نراوح بين جدرانه ونتغنى بشعاراته الواهية، معتقدين بأن العالم يحتاج الينا وليس العكس، متناسين ان الدولتين السباقتين في اجتذاب الاستثمارات الاجنبية المباشرة وكذلك في التدفقات الخارجة هما الولاياتالمتحدةالامريكية وبريطانيا. ولعلي هنا استشهد بما قاله الأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود، أمير منطقة المدينةالمنورة، في ختام مؤتمر الاستثمار في منطقة المدينةالمنورة، الذي عقد بطيبة الطيبة قبل أشهر قليلة، من أن البيروقراطية الحكومية طاردة للاستثمارات الاجنبية، وذلك قول فصل لمسؤول يتعايش مع الواقع ويتعامل مع كل الجهات الحكومية التي لها شأن بإجراءات المستثمرين. ولعل الأمير مقرن يقول (فتش) عن الإدارة ثم الإدارة ثم الإدارة، ولعل هذه (الإدارة الحكومية) تدرك انها تعبث بالاقتصاد وتفوت فرص الاستفادة مما يمكن ان تسهم به الاستثمارات الاجنبية، وما يصاحبها من فرص نقل التقنية الحديثة، في نمو الاقتصاد السعودي وزيادة قدرته التنافسية وأثر ذلك على حسن وحجم استثمار الموارد الاقتصادية وخلق فرص للتوظيف، هذا بالاضافة الى ما يمكن ان يتحقق للاقتصاد من مزايا نوعية قد يصعب تحديدها، كما هو الحال في المزايا المباشرة، بالرغم من انها تعد اكثر اهمية بحكم تأثيرها القوي على القدرة التنافسية للاقتصاد بسبب ارتباطها باستحقاقات العولمة ودورها في رفع القدرة التنافسية للاقتصاد بإثراء المعرفة وجذب التقنية الحديثة.