بدأت أول مناظرة متلفزة من أصل ثلاث.. مقررة بين الرئيس الأمريكي جورج بوش (جمهوري)، وخصمه الديموقراطي جون كيري، مساء الخميس بالتوقيت المحلي في جامعة كيري (فلوريدا، جنوب شرق) بمصافحة بين الرجلين، وبدت بسمة عريضة على محياهما قبل ان يأخذ كل واحد منهما مكانه على المنصة المخصصة له، وتركَّزت المناظرة على السياسة الخارجية لمدة ساعة ونصف الساعة.. بعدها هاجم المرشح الديمقراطي جون كيري الرئيس الأمريكي جورج بوش لتخفيضه الضرائب بينما أخفق في التمويل الكافي للامن الداخلي، وقال كيري: الاختبار هو.. هل تفعل كل شيء ممكن من أجل أمن أمريكا، وأضاف نحن لسنا في حاجة لتخفيض الضرائب، أمريكا تحتاج إلى أن تكون آمنة. ومن جانبه اتهم بوش منافسه كيري بتغيير موقفه حول العراق لأسباب سياسية وإرسال إشارات متباينة إلى العدو، وقال بوش الشيء الثابت حول موقف منافسي هو أنه غير ثابت. واعتاد بوش توجيه النقد لكيري بشأن قراره التصويت لصالح الموافقة على استخدام القوة في الكونجرس ولكنه وقف في وجه قرار الرئيس بالذهاب إلى الحرب بعدها بعدة شهور. وقال كيري الذي تلقى أول سؤال إنه يستطيع أن يؤدي عملا جيدا وأن يجعل الولاياتالمتحدة أكثر أمنا بقيادة تحالف قوي واتهم بوش بالتحول عن الحلفاء التقليديين.. وقال كيري: أعتقد أن أمريكا ستكون أكثر أمناً وقوة عندما نقود العالم، ونقود تحالفاً قوياً. من جانبه أكد بوش انه مهتم (للعمل مع دول أخرى) ولكنه لن يتخذ قرارات لا تصب في مصلحة أمريكا.. وأعطى مثالاً على ذلك عدم موافقته على انضمام الولاياتالمتحدة إلى محكمة الجزاء الدولية في لاهاي، وأوضح انه يفهم ان هذا الامر لم يكن قرارا شعبيا في بعض العواصم ولكنه كان (القرار الجيد)، وكانت هذه المحكمة أُنشئت في 2003م. وأضاف بوش رداً على انتقاد كيري له لرفضه التوقيع على بعض المعاهدات الدولية: أعتقد ان محاولة ان تكون شعبياً في العالم بأسره لا يصب في مصلحتنا.. وتوافق المرشحان الجمهوري والديمقراطي إلى الانتخابات الرئاسية الأمريكية في الرأي للتأكيد بأن الانتشار النووي هو الخطر الاكبر الذي يهدد الولاياتالمتحدة لكنهما اختلفا حول طريقة مكافحته. فقال المرشح الديمقراطي جون كيري: هناك إرهابيون في الوقت الحاضر يحاولون وضع يدهم في هذا المجال (الانتشار النووي) وهذا الرئيس، آسف للقول، جعل المجال النووي أقل أمانا خلال السنتين التاليتين لاعتداءات 2001 مما كان عليه خلال السنتين السابقتين للهجمات في ظل رئاسة بيل كلينتون. وأخذ كيري أيضاً على منافسه انه (خفض التمويلات) المخصصة لمحاربة الانتشار النووي، وقال: يجب توجيه الرسالة المناسبة إلى دول مثل كوريا الشمالية.. وأكد نحن جديون لجهة (تعهدنا) بضبط الانتشار النووي وسنضبط المجال النووي في روسيا. واعتبر بوش من جهته ان خصمه محق في اعتبار ان التحدي الاكبر هو الحد من الانتشار النووي ومنع الارهابيين من اقتناء اسلحة الدمار الشامل، وأكد ان ادارته زادت الميزانية المخصصة للحد من الانتشار النووي بنسبة 35%. كما لفت إلى ان واشنطن تقف وراء (مبادرة للحد من الانتشار) النووي تشمل أكثر من 60 بلدا، ففككت شبكة باكستانية واقنعت ليبيا بالتخلي عن برنامجها لاسلحة الدمار الشامل. كما اتفق الرئيس الأمريكي جورج بوش ومنافسه المرشح الديمقراطي السيناتور جون كيري على أن الولاياتالمتحدة يجب ألا ترسل قوات لوقف عمليات الإبادة في السودان.. إلا أن كيري قال إن الولاياتالمتحدة يجب أن تفعل الكثير لتقديم المساعدة اللوجيستية لقوات الاتحاد الافريقي الذاهبة إلى منطقة دارفور بالسودان لوقف الهجمات التي تشنها الميليشيات العربية ضد القبائل الافريقية السوداء. وعن القضية العراقية اعتبر جون كيري ان الرئيس الأمريكي جورج بوش ارتكب (خطأ جسيما في التقدير) بشنه الحرب على العراق بدل ان يلاحق أسامة بن لادن.. وقال هذا الرئيس ارتكب وآسف ان أقول ذلك، خطأ جسيما في التقدير، والتقدير هو ما ننتظره من رئيس الولاياتالمتحدة، وأضاف لو كنت رئيسا لما تخليت عن هذا الهدف.. وأعرب عن أسفه لكون زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن تمكن من الفرار في جبال تورا بورا في أفغانستان. وأوضح لم نستعمل القوات الأمريكية، الافضل تدريبا في العالم، من أجل قتله، هذا خطأ، وأعرب كيري عن اسفه لكون بوش أرسل إلى العراق جنودا عشر مرات أكثر مما أرسله إلى أفغانستان حيث يوجد أسامة بن لادن. وتساءل المرشح الديموقراطي هل كان صدام حسين أكثر أهمية من أسامة بن لادن؟ لا أعتقد ذلك، وأضاف لقد تسرَّع في حرب في العراق بدون خطة لربح السلام. ورد الرئيس بوش بالقول: إن العالم أفضل بدون صدام حسين، وأضاف لم يكن صدام حسين ينوي نزع أسلحته قبل ان يشرح ان قرار اجتياح العراق جعلنا نتأكد من ان أناسا مثل جماعة القاعدة لن يكون بامكانهم وضع يدهم على أسلحة دمار شامل.. واعتبر بوش ان العراق هو القسم الرئيسي في الحرب على الارهاب الامر الذي رفضه كيري. وقال المرشح الديموقراطي ان العراق لم يكن مركز الحرب على الارهاب قبل ان يجتاحه الرئيس بوش. وأوضح الرئيس بوش من ناحيته ان الحدود الاصطناعية (لا يمكن تحديدها) استنادا إلى انسحاب القوات الأمريكية من العراق. وأضاف عندما يقول لي الجنرالات على الارض والسفير (جون) نيغروبونتي ان العراق اصبح جاهزا للدفاع عن نفسه ضد الارهابيين وعندما تجرى الانتخابات وعندما يتم فرض الاستقرار ويكون العراق على طريق ان يصبح أمة حرة عندها يكون الوقت للانسحاب من العراق. ورد المرشح الديموقراطي بالقول أعتقد ان قواتنا تستحق أفضل مما يقدم لها اليوم مضيفاً: أعتقد ان قواتنا بحاجة لمساعدة حلفاء آخرين، أريد ان أعقد قمة، أريد ان أقدم صدقية جديدة وانطلاقة جديدة وأريد ان يتم ذلك بشكل جيد. وأمام عشرات ملايين المشاهدين الأمريكيين، اشاد المرشحان للانتخابات الرئاسية في الثاني من تشرين الثاني - نوفمبر المقبل بالقوات الأمريكية المنتشرة في العراق والمقدر عددها ب140 ألفاً. وقال بوش رسالتي إلى الجنود هي: شكراً لكل ما تقومون به، نحن إلى جانبكم بقوة، سوف نعطيكم كل التجهيزات التي انتم بحاجة اليها، وسوف نعيدكم إلى أمريكا فور انتهاء المهمة لانها مهمة حيوية. وأضاف الرئيس الأمريكي أن عراقاً حراً سيكون حليفاً رئيساً في الحرب على الارهاب وهذا أمر أساسي، واعتبر ان عراقا حرا سيساعد على جعل إسرائيل أكثر أماناً، وهذا الأمر من شأنه ان يعزز وضع الاصلاحيين في إيران. أما السناتور عن ماساشوسيتس (شمال شرق) جون كيري فقال رسالتي إلى الجنود هي أيضاً: (شكراً لما تقومون به)، ولكنه أضاف يجب ايضا ان نساعدهم في مهمتهم، أعتقد ان هؤلاء الجنود يستحقون أفضل. وأوضح انه ارتكب خطأ بعدم تصويته على الميزانية الاضافية ب87 مليار دولار للقوات، ولكن شدد على ان الرئيس ارتكب خطأ باجتياحه العراق، وتساءل أي خطأ كان الأفدح؟ وبعد ان اتهم بوش بانه لم يكن جديا مع الشعب الأمريكي بالنسبة للعراق، اعتبر كيري خصوصا ان بوش لم يف بوعده ب(جمع تحالف) قبل التوجه إلى الحرب. ورد الرئيس بوش بالقول ان التحالف الحالي في العراق قوي ويضم ثلاثين بلدا خصوصا بريطانيا وبولندا.. وقال لا يمكنكم ان تبنوا تحالفا والازدراء بالمساهمات التي يقدمها الذين يخدمون حاليا إلى جانب القوات الأمريكية في العراق. وفي المقابل لم تتطرق المناظرة لعدد من قضايا السياسة الخارجية الهامة لكن الأغرب كان اغفال الصراع الفلسطيني الاسرائيلي. وذكر كل من بوش وكيري اسرائيل حليف الولاياتالمتحدة الوثيق في الشرق الاوسط مرة واحدة في المناظرة.. وفي الحالتين جاء ذكر إسرائيل في اطار تحقيق السلام في العراق لا في إطار الصراع مع الفلسطينيين الذي يقلق المنطقة ولا تبدو في الافق نهاية له. أما كيري فقال مدافعا عن خططه في العراق: سأصحح الاوضاع بالنسبة لهؤلاء الجنود لان ذلك مهم لاسرائيل ومهم لامريكا ومهم للعالم ومهم لمكافحة الارهاب. من جهة أخرى أكدت الصحافة الأمريكية أمس على قساوة تبادل وجهات النظر بين جورج بوش وجون كيري خلال أول مناظرة بينهما واعتبرت صحف عديدة ان المرشح الديمقراطي هو المستفيد الرئيسي في هذه المناظرة اذ وضع منافسه في موقف دفاعي. ولفتت الصحف في أول تقاريرها التي نشرت على مواقعها الالكترونية إلى ان العراق طغى بدون اي مفاجأة على المناظرة التي تميزت بتبادل وجهات نظر (حادة وهجومية في الغالب) بحسب لوس انجليس تايمز. وفي شأن العراق كتبت الصحيفة الواسعة الانتشار في الساحل الغربي في مقال افتتاحي ان كيري بدأ بمهاجمة بوش منذ اللحظة التي دخل فيها الرجلان إلى مكان المناظرة، موضحة ان بوش بدا أقل حجة على الاقناع في مواجهة انتقادات كيري خصوصا اصراره على اعتبار الحرب في العراق تضليلا في حين كان الأولى ان تجري الحرب على الارهاب في أفغانستان. وقالت يو اس ايه توداي ان كيري لم يكف عن الاصرار على الوضع في العراق مؤكداً ان الرئيس دخل الحرب على أساس تأكيدات كاذبة، معتبرة ان المرشح الديمقراطي وضع بوش في موقع الدفاع خلال المرحلة الاولى من المناظرة. وأضافت الصحيفة ان كيري بدا مرتاحا فيما بوش بدا مقطب الوجه ووجد نفسه في موقف الدفاع عن مواقفه. وأكدت من جهتها وول ستريت جورنال ان اداء كيري كان متينا، وبوش ظهر أحيانا في موقف دفاعي ومرتبكا خلال المناظرة، مضيفة ان كيري استفاد من السهرة ليحاول التعويض، عن ضعفه الرئيسي: (اي) عجزه عن التعبير عن توضيح متماسك لموقفه بشأن العراق.